الموضوع: تحليلات سياسية
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 24-09-2012, 06:20 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي هل تعصف رياح الربيع العربي بالأردن؟

هل تعصف رياح الربيع العربي بالأردن؟

أحمد زكريا الباسوسي
يبدو أن رياح الربيع العربي تتصاعد في الأردن بعد سلسلة من الأزمات المتلاحقة في الأونة الأخيرة ، بما يفرض على الحكومة نهجا سياسيا مغايرا ، لاسيما مع اتساع وتيرة الاحتجاجات على الأوضاع السياسية والاقتصادية، والتي وصلت إلى حد المطالبة بإسقاط النظام في بعض التظاهرات، وتغيير نظام الحكم إلى الملكية الدستورية.

ومع تحقيق الثورات في البلدان العربية الأخرى نجاحات نسبية؛ شجع ذلك القوى السياسية الأردنية لا سيما الجبهة الوطنية للإصلاح وجماعة الإخوان المسلمين والأحزاب اليسارية على وضع مزيدٍ من الضغوط على النظام الأردني. التقرير التالي يرصد الأزمات في يواجهها النظام الأردني في الأونة الأخيرة، ومحاولة الحكومة امتصاص المد الثوري.

أولا: المطالبة بالملكية الدستورية

دأبت القوى السياسية الأردنية منذ اللحظات الأولى على دفع النظام لإقرار مبدأ الملكية الدستورية كأساس لنظام الحكم في المملكة. ولهذا قادت عدة أحزاب إسلامية ويسارية أردنية معركة تعبئة الشارع للمطالبة بالملكية الدستورية، يأتي في مقدمتها حزب جبهة العمل الإسلامي، وحزب النهضة الذي لا يزال تحت التأسيس. إذ ترى تلك الأحزاب أن الإصلاح الحقيقي لن يتحقق إلا من خلال البدء
بإصلاحات دستورية حقيقية تجعل الشعب مصدر السلطات، وهو ما لن يتحقق إلا بإقرار الملكية الدستورية كنظام لحكم المملكة.

وفي هذا السياق؛ تم تشكيل ما يسمى بـ"هيئة متابعة المبادرة الوطنية للملكية الدستورية" من القوى السياسية المختلفة الداعمة للمطلب، والتي سارعت بعرض مطالبها على الملك، والتي تلخصت حول الآتي:
- إعلان الملكية الدستورية صراحا ليكون نظام الحكم الرسمي في المملكة.
- أن يصبح مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان منتخبا، ويمتلك كامل السلطات والصلاحيات بما فيها الموافقة على الالتزامات والتعهدات الدولية للمملكة الأردنية. وعليه تحمل كامل المسئوليات كمسئول أمام الشعب الذي قام بانتخابه.
- أن يتم تشكيل الحكومة عبر الأغلبية البرلمانية المنتخبة، على اعتبار أن كافة النظم المتقدمة لا يجوز أن يتولى السلطة التنفيذية فيها من ليست له صفة تمثيلية.
ولهذا؛ فقد نظمت الهيئةُ عدة اعتصامات ومظاهرات كان أبرزها تلك التي كانت أمام مجلس الأمة في العاصمة عمان، والكرك، وإربد، والتي نادت في مجملها بضرورة إعادة السلطة للشعب عبر تطبيق الملكية الدستورية.

وعلى صعيدٍ آخر؛ ترفض قوى حكومية وسياسية أخرى هذا المفهوم لعدة أسباب؛ أولها: أن المملكة منذ استقلالها تأسست على مبدأ الدستورية، وأنها مطبقة بالفعل بوجود برلمان يمتلك العديدَ من السلطات، وصلاحيات للملك كرئيس لدولة ملكية دستورية. ولهذا فقد وصفت تلك القوى هذا التوجهَ بأنه مُعادٍ للملك، وهو لا يعبر عن حقيقة حالة الشارع الأردني الذي يدعم الملك بشكل كبير وفقًا لرؤيتهم.

ثانيها: الوضع الاستثنائي للتركيبة السكانية الأردنية، إذ وصل عدد الأردنيين من أصل أردني ما يقرب من 2 مليون نسمة، بينما الأردنيون من أصل فلسطيني وصل إلى ما يربو من 3 ملايين نسمة؛ حيث نتج عن ذلك اختلال في التركيبة المجتمعية الأردنية، ومن ثم أصبح الأردنيون من أصل أردني أقلية. وبالتالي، فإن سيطرة الأغلبية على الحكم في البلاد من شأنه أن يزيد من سيطرة الأردنيين من الأصول الفلسطينية. وهو ما يرتبط عقائديا ويرسخ لفكرة إسرائيل وبعض القوى الأردنية المتحالفة معه حول توطين الفلسطينيين في الأردن بديلا عن وطنهم الأصلي. وبالتالي فإن مسالة الملكية الدستورية ستظل المطلب الرئيسي للقوى المعارضة في محاولة لتقليص سلطات الملك عبد الله في مواجهة اتساع نطاق البرلمان بغرفتيه النواب والأعيان.

ثانيا : إشكالية قانون الانتخابات

تفاقمت أزمةُ الصراع حول الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها قبل نهاية العام في الأردن إلى الحد الذي دفع الملك عبد الله إلى توجيه كلمة لجماعة الإخوان المسلمين التي تقود معارضة الانتخابات، مفادها أنهم ليس أمامهم إلا المشاركة في عملية الانتخابات، أو البقاء في الشارع إلى الأبد.فمجرد تصديق الملك عبد الله على قانون الانتخابات المعدل الذي صدر عن البرلمان الأردني، والذي تم بمقتضاه زيادة عدد المقاعد المخصصة للقائمة إلى 27 مقعدا بدلا من 17 مقعدا في النسخة الأولى من القانون، ذلك بالإضافة إلى 108 مقاعد للدوائر الفردية، و15 مقعدا للكوتة النسائية ليرتفع بذلك عدد المقاعد إلى 150 بدلا من 140 مقعدا؛ دفع قوى المعارضة الأردنية من بينها جماعة الإخوان المسلمين والجبهة الوطنية للإصلاح والحركات الشبابية والشعبية وحزب الوحدة اليساري إلى الاعتراض عليه، ووصل الأمر إلى حد إعلانها مقاطعة العملية الانتخابية برمتها، كمحاولة لثني النظام عن إجرائه هذه الخطوة، أو على أقل تقدير تعديل قانون الانتخابات.

ومع اشتداد الخلاف بين النظام والمعارضة، طرحت جماعة الإخوان المسلمين ثلاثة مقترحات كبديل عن الطرح الُمشار إليه في القانون؛ أولها: إجراء الانتخابات على أساس القائمة الوطنية الكاملة، بحيث يرشح كل حزب أو تكتل 120 نائبًا، ويقومُ الناخبُ بالتصويت مرة واحدة، ثانيها: إجراء الانتخابات بالنظام المختلط؛ إذ يسمح للناخب بالتصويت على قائمة وطنية مفتوحة يكون لها 50 % من مقاعد البرلمان، في حين يصوت الناخب داخل الدائرة الخاصة به، شرط أن يصوت بعدد المقاعد المخصصة لتلك الدائرة. وثالثها: إجراء الانتخابات على أساس التصويت بعدد المقاعد المخصصة للدائرة، ويتم إلغاء القائمة الوطنية.

لكن يبدو أن الأزمة ستظل مسيطرة على الأجواء لا سيما مع تمسك كل من الطرفيين بوجهة نظره، وفشل كافة محاولات الوساطة بين القصر الملكي وجماعة الإخوان المسلمين إلى الحد الذي وصفها العديد من المراقبين بأنها وصلت لطريق مسدود بعد أن وضع العاهل الإخوان بين خيارين فقط؛ إما المشاركة أو البقاء بالشارع. وجاء رد فعل الجماعة على لسان الرجل الثاني بها زكي بن أرشيد بأن الجماعة ستختار البقاء في الشارع أفضل.

ثالثا: أزمةٌ اقتصادية طاحنة

تُعتبر الأزمةُ الاقتصادية التي تضرب الأردن من أبرز عوامل الاحتقان التي تشعل الشارع الأردني؛ إذ تستغلها القوى السياسية لحشد الرأي العام ضد النظام؛ حيث تشير عدة مؤشرات إلى تدهور الوضع الاقتصادي، ويأتي في مقدمته ارتفاع العجز المالي للموازنة بنسبة غير مسبوقة وصلت إلى 9.3% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يوازي 2 مليار دينار، بزيادة تقدر بمليار دينار عما كان متوقعا. ذلك فضلا عن ارتفاع العجز في الدين العام بما يقرب حوالي 17.5 مليار دينار.

وفي محاولة لمواجهة تلك الأزمة؛ اتخذت الحكومة الأردنية قرارًا برفع أسعار المحروقات، لا سيما البنزين 90 بنسبة 7% والسولار بنسبة 10%، وهو الأمر الذي أدى لتأجيج الاحتجاجات في المملكة، فقد تم على إثره تنظيم عدة اعتصامات لعل أبرزها اعتصام أمام مبنى المحافظة في الكرك، ومسيرات حاشدة في كل من معان جنوب عمان والعقبة، منددين بالقرار الذي اعتبروه سلبيًّا إلى حدٍّ كبير. مما دفع الملك عبد الله إلى أمر رئيس الوزراء فايز الطروانه بتجميد القرار أو على أقل تقدير تأجيله، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي الرافض للقرار.

ولعل تأثيرات هذا القرار لم تكن لتؤثر بهذا الشكل البالغ إلا لكونها الحزمة الثانية من رفع الأسعار؛ فقد أعقبت تلك الزيادة بما يقرب من شهر زيادة أخرى بلغت 12,9% لأسعار البنزين منخفض الجودة، والذي يعتمد عليه غالبية السكان في الأردن.

تضع ارتفاع معدلات البطالة هي الأخرى ضغوطًا كبرى على النظام في الأردن؛ حيث تُظهر التقديرات ارتفاعَ معدلات البطالة إلى 12.1% خلال عام 2012 وفقا للتقديرات الحكومية، تلك النسبة التي يراها العديد من الاقتصاديين أقل من الواقع بكثير؛ إذ وصلت إلى 25% في التقديرات غير الرسمية. إذ يستحوذ على النصيب الأكبر منها أي قرابة الثلث من الشباب في الفئة العمرية من 15- 24 عاما، وما يربو من 11 % من الفئة العمرية من 25-39 عامًا.

تكمن الإشكالية الحقيقية في أزمة البطالة أنها قابلة للاشتعال والتحول السريع إلى أزمة سياسية؛ بما قد يعصف بالنظام، لما لها من تداعيات مباشرة على قدرة المواطن على توفير احتياجاته الأساسية للحياة الكريمة، أخذًا في الاعتبار أن البُعد الاقتصادي قد لعب دورًا كبيرًا كأحد العوامل الرئيسية للثورات في مختلف بلدان الربيع العربي.

رابعا: تدهور العلاقات مع السلفيين

على الرُّغم من أن العلاقات بين النظام الأردني والجماعات السلفية كانت جيدة إلى الحد الذي جعل العديد من المراقبين يصفون السلفيين بأنهم الابن المدلل للدولة؛ إلا أنها قد دخلت في مرحلة التوتر في الآونة الأخيرة، وذلك بسبب الخلاف حول قضيتين محوريتين:

القضية الأولى: حدوث اشتباكات متكررة بين السلطات الأمنية الأردنية وأتباع التيار السلفي، كان آخرها الاشتباكات بالحجارة والغازات المسيلة للدموع التي شهدتها مدينة معان بين ثلاثمائة من أنصار التيار وقوات الأمن إثر الاعتداء على مبنى المخابرات؛ حيث اعترض السلفيون على عدم قيام الحكومة الأردنية بواجبها في السعي للإفراج عن معتقلين أحدهما في السجون العراقية والثاني في السجون اليمنية. وهو ما استدعى تدخل كبار القيادات السلفية لاحتواء الموقف، والحد من تداعياته السلبية ليس فقط على الوضع الأمني في المملكة، وإنما تأثيراته السيئة على العلاقات بين الدولة وبين التيار السلفي بوجه عام.

القضية الثانية: الخلاف حول شرعية مشاركة أتباع التيار السلفي الأردني في الحرب في سوريا ضد نظام بشار الأسد، حيث ترفض الحكومة مشاركة السلفيين في سوريا استنادا إلى إمكانية قيام نظام الأسد بعمليات انتقامية داخل الحدود الأردنية للرد على ذلك. بينما بدأت بعض القوى السلفية في التأكيد على وجود مائة من أنصار التيار يقاتلون تحت قيادة تنظيم جبهة نصرة أهل الشام في سوريا. وهو الأمر الذي أثر على طبيعة العلاقة بين الطرفين.

ولعل هذا التدهور الذي أصاب العلاقات بين النظام والجماعات السلفية قد أصبح حجر عثرة في مواجهة النظام الذي بدأت مختلف القوى السياسية تنفض من حوله، وتتركه منفردًا في مواجهة رياح التغيير العاتية التي ضربت أواصر المملكة الأردنية منذ قرابة عام ونصف.

خامسا: تعديلات قانون الإعلام والنشر

انفجرت موجةٌ جديدة من الاعتصامات إثر تصديق الملك عبد الله على تعديلات قانون الإعلام والنشر التي أقرها مجلس الأعيان، والذي فتح مجال الرفض لفكرة تقييد حرية الإعلام وتداول المعلومات؛ حيث أقر القانونُ ضرورةَ التزام المواقع الإلكترونية بالتسجيل في دائرة المطبوعات والنشر والحصول على ترخيص، ويشترط أن يرأس تحرير كل موقع إخباري عضو في نقابة الصحفيين؛ حيث زعمت الحكومةُ أن الهدفَ من القانون هو تعزيز المسئولية المهنية، ورفع مستوى الأداء الإعلامي بالمواقع الإلكترونية الإخبارية.

ولم يُقنع هذا التفسير الإعلاميين الذين دخلوا في اعتصام مفتوح اعتراضًا على القانون؛ إذ فسروه على أنه قانون مقيد لحرية الإعلام والتعبير، وأنه يأتي في إطار سياسة تكميم الأفواه وحجب المعلومات عن الشعب، لا سيما في الظروف التي تمرُّ بها البلاد من عدم استقرار، خاصة وأن الإعلام الإلكتروني قد لعب دورا محوريًّا في نشر الموجات الثورية في بلدان الربيع العربي، وبالتالي فإن الحكومة تسعى للسيطرة عليه لكي تأمن شره.

ولا تكمن الإشكالية الحقيقية في القانون ذاته؛ وإنما في استعداء النظام الأردني لفئة الإعلاميين، في الوقت الذي يحتاج فيه النظام إلى كل من يدعمه في مواجهة القوى السياسية المتربصة به، والتي تسعى بشتى الطرق لإحراجه. ويبدو أن هذا القانون قد ساهم بشكل ملحوظ في زيادة مستوى الاعتراض على السياسات الحكومية من فئة مؤثرة إلى حد كبير، نظرا لقدرتها على تشكيل الرأي العام الشعبي وتوجيهه.

الخلاصة أن النظام الأردني يواجه أزمات صعبة ، فإما أن ينجح في احتواء أثرها، وإما أن ينزلق بلا رجعة. ولعل كلمة السر في مسألة الاحتواء تكمن في مدى قدرة النظام على احتواء مطالب المواطن العادي غير المسيس في الشارع الأردني عبر وضع حلول جذرية للأزمات الاقتصادية المتواترة التي تؤثر على حياته اليومية بشكل مباشر، ولعل ثمة ميل لدى النظام الأردني لاستيعاب حركة الشارع وعدم الدخول في صدام مباشر معها، وبدا ذلك في تجميد قرار رفع أسعار المحروقات.
رد مع اقتباس