الموضوع: تحليلات سياسية
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 27-09-2012, 02:22 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي المعضلات الثلاث أمام حكم حزب النهصة الإسلامي في تونس

ديمقراطية منقوصة:
المعضلات الثلاث أمام حكم حزب النهصة الإسلامي في تونس


سارة فيووَر
اهتم الباحثون المتخصصون في شئون الشرق الأوسط لسنوات طويلة بدراسة مسألة التوافق بين الديمقراطية والسياسات الإسلامية في العالم العربي. ورأى بعض المحللين أن السماح للحركات الإسلامية بالمشاركة في العملية السياسية سيجعلها أكثر لينًا، فبتلك المشاركة تكون الحركات الإسلامية مسئولة أمام ناخبيها في إطار التحول الديمقراطي الذي يحتاجه الشرق الأوسط العربي.

في حين رأى آخرون أن منح الحركات الإسلامية فرصة المشاركة في العملية السياسية سيجعلها تتخذ من صناديق الاقتراع وسيلة للوصول إلى السلطة، وبمجرد وصولهم سينقضون على الديمقراطية وآلياتها التي أوصلتهم إلى سدة الحكم. وفي هذا الصدد؛ أعدت "سارة فيووَر" دراسة نشرها مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط التابع لجماعة برانديز في شهر سبتمبر الجاري تحت عنوان "الإسلام والديمقراطية في سياق التطبيق العملي: حكم النهضة في الأشهر التسعة المنصرمة".

وتشير الدراسة إلى أن الربيع العربي تمخّض عنه وضعٌ لا تُشارك فيه الأحزاب الإسلامية في العملية السياسية فحسب؛ بل باتت فيه أيضًا هي الجهات الفاعلة المهيمنة. وتحلل في هذا السياق حكم حزب النهضة، وهو حزب إسلامي فاز بأغلبية الأصوات في الانتخابات البرلمانية في العام الماضي، فيما يتعلق بثلاثة مصادر رئيسية للضغط السياسي الذي يواجهه الحزب، ومصادر هذا الضغط أولا في العلمانيون التونسيون وممثلوهم في الحكومة وثانيا في السلفيون الذين يطالبون بتطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد وأخيرا الاتجاهات الفكرية المتباينة داخل الحزب.

انفراد الحكم الإسلامي في تونس

في بعض الحالات؛ لم يكن الإسلاميون الذين صعدوا إلى سدة الحكم قادرين على ترجمة انتصاراتهم الانتخابية إلى حكمٍ فعال، وذلك لأنهم وجدوا أنفسهم مقيَّدين بالمؤسسات "غير الديمقراطية غالبًا" التي خلفتها الأنظمة السابقة. ومن أمثلة تلك المؤسسات النظام الملكي في المغرب، والمجلس العسكري الذي كان يحكم مصر حتى وقت قريب.

أما في تونس؛ فاختلف الوضع كثيرًا؛ حيث تمتع حزبُ النهضة الإسلامي بحرية كبيرة في الإدارة إبان الانتقال السلمي من الحكم الاستبدادي إلى الديمقراطية. وفي حين أن من السابق لأوانه الجزم بأن ثورة الياسمين التونسية ستُرسي فعلًا ديمقراطية مزدهرة في تونس؛ تقدم الحالة التونسية فرصة لدراسة العلاقة بين الإسلام والديمقراطية على المستوى الفعلي عنه على المستوى النظري.

ويُشير التقرير إلى أن حزب النهضة الإسلامي أبدى عند تعاطيه مع الضغوط الثلاثة المذكورة أعلاه التزامًا بالمكونات الرئيسية للديمقراطية؛ بما في ذلك الفصل بين السلطات، والمشاركة في الانتخابات، وتولِّي المناصب. غير أن للحزب سياسات أخرى من شأنها أن تحد من حرية التعبير عن الرأي في المسائل الدينية، وأن تقوّض القوانين الليبرالية في مجال حقوق المرأة، مما يشير إلى أن الحزب يصنع ديمقراطية في إطار مجتمعي يقيّد فيه الدين العديد من جوانب الحياة العامة، وإلى أن الدولة تفضّل إكساب المواطنين هوية عربية إسلامية دون الاكتراث بحقوقهم كأفراد.

الربيع العربي التونسي

على عكس نظائرها في مصر وليبيا واليمن؛ مهدت الانتفاضة التونسية انتقالًا سلميًّا إلى حدٍّ كبيرٍ بعيدًا عن التسلط. ففي أعقاب احتجاجات يناير 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي؛ مهدت سلسلة من الحكومات المؤقتة الطريقَ لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي (أو البرلمان)، والتي اعتُبرت أول انتخابات حرة ونزيهة منذ الاستقلال. وقد حصل حزبُ النهضة الإسلامي الذي كان محظورا إبان النظام السابق على 41% من الأصوات، وفاز بـ89 مقعدًا من أصل 217 مقعدا في البرلمان. وفي ديسمبر شكّل الحزب الإسلامي ائتلافًا مع اثنين من الأحزاب العلمانية، وهما: حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" اليساري الوسطي الذي فاز بـ29 مقعدا في البرلمان، و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" الذي فاز بـ20 مقعدا. ومنح هذا الائتلاف رئاسةَ الوزراء لحمادي جبالي، الأمين العام لحركة النهضة، وانتخب منصف المرزوقي، رئيس "حزب المؤتمر من أجل الجمهورية"، رئيسًا للجمهورية. كما رشح الائتلاف مصطفى بن جعفر، أمين عام حزب التكتل، لرئاسة المجلس الوطني التأسيسي.

وقد صدر قانون مؤقت في ديسمبر 2011 يقسّم السلطة بين تلك الكيانات الثلاثة، ولا يزال يُعمل بهذا الدستور المصغّر لحين صياغة البرلمان دستورًا جديدًا. وإدراكا منه أنه سيعجز عن الانتهاء من صياغة الدستور الجديد قبل يوم 23 أكتوبر 2012 كما هو مقرر؛ أعلن المجلس الوطني التأسيسي مؤخرا أنه سيفرغ من صياغة الدستور بحلول فبراير 2013.

وعلى الرغم من الصعوبات الاقتصادية المستمرة والإحباط بشأن تباطؤ وتيرة التغيير؛ يتمتع حزب النهضة الإسلامي بالشرعية التامة لصياغة دستور جديد، ولقيادة تونس في المرحلة الانتقالية. وتري الدراسة تلك الشرعية هيّأت الظروف لحكم الحزب الإسلامي.

مصادر الضغط

يواجه حزب النهضة الإسلامي التونسي ضغوطًا يشكّلها العلمانيون، والسلفيون، والانقسامات الأيديولوجية الموجود داخل الحزب.

أولا: العلمانيون

كان حزب "التجمع الدستوري العلماني" يهيمن على الحياة السياسية في تونس في عهد بن علي، وكانت المعارضة السياسية محدودة للغاية آنذاك. غير أن الشعب ضاق ذرعا في عام 2011 من الفساد والبطالة، وشن على إثر ذلك احتجاجاتٍ ضد النظام السلطوي. ومن ثم شهدت تونس تناميًا في عدد الأحزاب العلمانية المسجَّلة، وفي عدد منظمات المجتمع المدني أيضًا.

وعارض العلمانيون ونظراؤهم في المجتمع المدني إصلاحات حزب النهضة المقترحة في أربعة مجالات هي: الربط بين الدين والدولة في الدستور الجديد، وحرية التعبير، وحقوق المرأة، وشكل النظام السياسي هل هو نظام برلماني أم نظام رئاسي.

الدين والدولة: بعد وقت قصير من تشكُّل المجلس الوطني التأسيسي في نوفمبر؛ أثارت مسألة اعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي لصياغة دستور تونس الجديد ردود فعل متباينة؛ حيث أيّد البعض الفكرة على اعتبار أن الشريعة الإسلامية هي هوية التونسيين، في حين رفضتها الأحزاب اليسارية لكون الدستور لجميع فئات الشعب.

ولحسم ذلك الجدل الدائر حول هوية الدولة؛ صرحت حركة النهضة الإسلامية التي تقود الحكومة الائتلافية الحالية المؤقتة في تونس اليوم في السادس والعشرين من مارس المنصرم بأنها لن تطالب بأن يكون الإسلام مصدرًا أساسيًّا للتشريع في الدستور الجديد. وأوصت الهيئةُ التأسيسية للحركة بالاحتفاظ بالفصل الأول من دستور 1959 باعتباره محل إجماع جميع فئات المجتمع التونسي. وينص هذا الفصل من الدستور على أن "تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها".

حرية التعبير:قوّض تشتت الأحزاب العلمانية في تونس من قدرتها على الانقلاب ضد حزب النهضة الحاكم، الذي اتخذ قرارا مؤخرا بشأن تقييد حرية التعبير. ويُذكر أن فكرة تجريم ازدراء الأديان في تونس جاءت بعدما اندلعت أعمال شغب في 11 يونيو على خلفية ظهور رسوم مسيئة للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم). وأصدرت كتلة من نواب النهضة بيانًا رسميًّا يوم 12 يونيو يدعو إلى تجريم ازدراء الدين، كما اقترحت كتلة أخرى من نواب الحزب الإسلامي في الآونة الأخيرة مشروع قانون من شأنه أن يجرّم "الإهانة، والألفاظ النابية، والسخرية، والتمثيل" بالله والنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وأن يعاقب كل من ينتهك المقدسات بالسجن والغرامة.

حقوق المرأة:فرض حزب النهضة الإسلامي بعض القيود على الحريات الشخصية للمرأة، مما أثار انتقادات لاذعة من الجماعات النسائية والعلمانية التونسية. فعلى الرغم من تعهُّد الحزب بالالتزام بقانون الأحوال الشخصية الذي يعترف بالرجال والنساء كمواطنين على قدم المساواة؛ اقترح أعضاء من الحزب وضع مواد دستورية تنتقص من وضع المرأة التونسية. وأعرب النشطاء عن غضبهم إزاء نص في مسودة الدستور يعتبر المرأة هي "المكمل للرجل"، مطالبين بسريان مفعول قانون 1956 الذي يمنح النساء المساواة الكاملة بالرجال. واتهمت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لجنة الحقوق والحريات التابعة للمجلس الوطني التأسيسي بضرب مكاسب المرأة التونسية، والإخلال بمبدأ المساواة بين ال***ين، عند تصويتها على الفصل الثامن والعشرين من الدستور. وأعربت الرابطة عن رفضها القاطع لصيغة هذا الفصل، الذي فيه "انتقاص من كرامة المرأة، ودورها في المجتمع".

شكل النظام السياسي:ثمة خلاف بين حزب النهضة الإسلامي والأحزاب العلمانية حول النظام السياسي الذي ينبغي أن تعتمده البلاد، هل نظام برلماني أم رئاسي؟. حيث يفضل حزب النهضة الإسلامي النظام البرلماني، في حين تفضل معظم الأحزاب العلمانية النظام الرئاسي أو شبه الرئاسي. وفي سياق ذلك؛ هددت بعض قيادات حزب النهضة في المجلس التأسيسي باللجوء إلى الاستفتاء الشعبي في حالة فشل التفاوض حول طبيعة النظام السياسي المقبل للبلاد.

وجدير بالذكر أن النظام البرلماني المعدّل أو النظام الرئاسي المعدّل يمكّن من انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب، في حين أن النظام البرلماني يمكِّن رئيس الحكومة من السيطرة على الحياة السياسية، ولا يسمح لرئيس الدولة إلا بسلطات محدودة. ويتيح هذا النظام البرلماني لأعضاء المجلس التأسيسي (البرلمان) بعد إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة إمكانية انتخاب رئيس الدولة من الحزب الحاصل على أغلبية الأصوات، مما ينبئ بسيطرة حركة النهضة على كل من السلطة التشريعية الممثلة في مؤسسة الرئاسة، والسلطة التنفيذية الممثلة في رئاسة الحكومة.

ثانيا: السلفيون

تشكّلت في تونس جماعاتٌ سلفية، منها ما لها ميول سياسية، وأخرى لها ميول اجتماعية. فحزب جبهة الإصلاح، وحزب التحرير، مصنَّفان ضمن الأحزاب ذات الميول السياسية، أما جماعةُ أنصار الشريعة فذات ميول اجتماعية، وترفض المشاركة في العملية السياسية.

وكان حزب النهضة الذي يهيمن على الجمعية الوطنية التونسية قد أعلن في مارس الماضي تأييده للإبقاء على المادة الأولى في الدستور التونسي التي تنص على أن "تونس دولة حرة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها". وقد فُسّر الإبقاء على هذه المادة على أنه رفض لمطالب الإسلاميين بجعل الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريع في الدستور الجديد، ومن ثم أطلق السلفيون احتجاجات تندد بذلك.

ثالثًا: الانقسامات الأيديولوجية داخل حزب النهضة

سعى حزبُ النهضة بعد الانتفاضة التونسية إلى تصوير نفسه كحزبٍ متماسك. ومقارنة مع نظرائه من الأحزاب العلمانية؛ أظهر حزب النهضة الإسلامي المزيدَ من الانضباط وحسن التنظيم. بيد أن الانقسامات بدأت تظهر داخل الحزب، بما يمكن أن يؤثر على قدرته على المضي قدما. فعلى سبيل المثال؛ ظهرت خلافات داخل الحزب حول قضايا تتعلق بالمشاركة السياسية والعلاقة بين القانون الديني والدنيوي.

وعلى الرغم من كون المشاركة المفتوحة في الانتخابات وتولّي المناصب شرطين أساسيين لإرساء أي ديمقراطية؛ اقترحت حكومةُ الباجي قائد السبسي الانتقالية استثناء كبار أعضاء حزب التجمع الدستوري الديمقراطي من المشاركة في الانتخابات. بيد أنه عقب احتجاج المئات من نشطاء حزب التجمع على ذلك الاقتراح؛ نقّح السبسي اقتراحه مستبعدًا فقط أولئك الذين خدموا في الهيئات التنفيذية للحزب خلال السنوات العشر الأخيرة من حكم بن علي. ومن ثم بات هذا الاقتراح قانونًا.

ديمقراطية غير ليبرالية

أكد حزبُ النهضة الإسلامي مرارًا على التزامه بنظام ديمقراطي يقوم على مبادئ إسلامية، وعلى أن هذا النظام متوافق مع حماية الحريات الفردية الأساسية. وفيما يتعلق بالممارسات الديمقراطية مثل المشاركة الواسعة في الانتخابات وتولّي المناصب والفصل بين السلطات؛ أظهر الحزبُ بالفعل التزامًا قويًّا. بيد أن مساعي الحزب الإسلامي لتقييد حرية التعبير وحقوق المرأة تتنافى تماما مع زعم الحزب أن الديمقراطية الإسلامية تتلاءم مع نظام قائم على حماية الحقوق الفردية. ومن وجهة نظر فيووَر؛ يفضّل حزب النهضة بناء مجتمع تسترشد فيه الحياة العامة بالهوية الدينية، بدلا من حماية الحريات الفردية التي قد تتعارض مع تلك الهوية.

ووفقًا للدراسة؛ أظهر حزبُ النهضة عدة مؤشرات هامة على حرصه على إرساء الديمقراطية؛ إلا أن تقويضه للحريات الفردية يُثير تساؤلات كثيرة. ودارت بالفعل مناقشات بين مراقبي السياسة العربية في العقود القليلة المنصرمة حول ما إذا كان الإسلاميون سينتهجون نهجًا ديمقراطيًّا بمعنى الكلمة إذا ما أُتيحت لهم فرصة للحكم.

وأخيرًا؛ تُشير فيووَر في دراستها إلى أن حزب النهضة سيواصل صياغة الدستور الجديد، وسيباشر التحضير للانتخابات التشريعية في ربيع عام 2013، بيد أنه سيواجه في الوقت عينه ضغوطًا سياسية من المعارضة العلمانية، وتحديات اقتصادية من فقر وبطالة وتفاوت بين الأقاليم. ويتوقف نجاح الحزب في إعادة تحديد العلاقة بين الدين والدولة في تونس على الطريقة التي سيواجه بها تلك الضغوط.
رد مع اقتباس