الموضوع: تحليلات سياسية
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 29-09-2012, 09:11 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي تأثير القضايا الخارجية على السباق الرئاسي الأمريكي

أزمة السفارات نموذجا
تأثير القضايا الخارجية على السباق الرئاسي الأمريكي


د. محمد علاء عبد المنعم
عضو هيئة التدريس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وأستاذ زائر بالجامعة الأمريكية بواشنطن.
فرضت الهجماتُ على السفارات الأمريكية في عدد من دول الربيع العربي -التي شهدت تنامي نفوذ الحركات الإسلامية بالشرق الأوسط- إثر عرض مقاطع من الفيلم المسيء إلى الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) نفسها على سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية. ورغم أن اهتمام المرشحين الجمهوري "ميت رومني" والديمقراطي "باراك أوباما" جاء عابرًا؛ نظرا لأولوية قضايا أخرى

يتقدمها الوضع الاقتصادي والبطالة والدين العام؛ إلا أنها كانت مناسبة لطرح المرشحين لرؤيتهما فيما يتعلق بالتعامل مع المنطقة. كما مثلت الأحداثُ ساحة للجدل حول خبرة المرشحين في مجال السياسة الخارجية، وهيأت مساحة للنقاش حول مستقبل الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط والساحة الدولية بشكل عام.


مكانة السياسة الخارجية في السباق الانتخابي

وتتمثل أهمية مناقشة أحداث استهداف السفارات الأمريكية وتأثيرها على مجريات الانتخابات الأمريكية في ظل النقاش المحتدم بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري؛ في أن قضايا السياسة الخارجية لم تكن بمعزل عن التأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية، برغم الأولوية التي عادة ما تحظى بها القضايا الداخلية وخاصة الاقتصادية. وكان هذا جليا في أزمة الرهائن الأمريكيين في إيران عام 1979؛ حيث حظيت بأولوية خاصة في السباق الرئاسي بين الرئيس الديمقراطي "جيمي كارتر" ومنافسه الجمهوري "رونالد ريجان"، حتى إن البعض جزم بأن حملة "ريجان" عقدت صفقة مع أطراف إيرانية لتأجيل الإفراج عن الرهائن حتى تنصيب الأخير، لينسب إليه الفضل في الإفراج عنهم. وجاء السباقُ الانتخابي بين الرئيس الجمهوري "جورج بوش" الأب و"بيل كلينتون" ليعيد الثقل للعامل الداخلي، وجاء شعار حملة بيل كلينتون "إنه الاقتصاد.. أيها الغبي" "It’s the economy, stupid" تأكيدا لهذا المعنى.

واستمرت أولوية الوضع الداخلي في السباق الانتخابي في حملتي المرشح الجمهوري "جورج بوش" الابن والديمُقراطي "أل جور" عام 2000. غير أن الأمر تغير في انتخابات 2004 بين "بوش" الابن والمرشح الديمُقراطي "جون كيري"، وذلك في إطار احتدام تداعيات ما عُرف وقتها بالحرب على الإرهاب. وجاء تسجيل مُصور لأسامة بن لادن ليزيد مخاوف الأمريكيين من الإرهاب الدولي، وهو ما استغله الحزب الجمهوري في دعايته ضد الديمُقراطيين، الذين وصفوا منافسيهم من الحزب الديمقراطي بأنهم رفقاء على الإرهاب Soft on terror.

وشهدت انتخاباتُ 2008 التي حقق فيها الرئيس "باراك أوباما" فوزًا مستحقًّا على منافسه الجمهوري "جون ماكين" تواجدًا قويًّا لقضايا السياسة الخارجية بالنظر للتداعيات الاقتصادية والسياسية لتواجد القوات الأمريكية في أفغانستان والعراق، إضافة لقضايا ذات صلة بحقوق الإنسان، وخاصة سجن أبو غريب وجوانتانامو، وهي القضايا التي تم تناولها باعتبارها تهديدًا للقيم الأمريكية.

وقد جاء الرئيس "باراك أوباما" للحكم بخطة طموحة للسياسة الخارجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ارتكزت على السعي للوصول لحل للقضية الفلسطينية، وإحداث حالةٍ من التفاهم والتواصل، وفتح دوائر للحوار مع شعوب الشرق الأوسط، بهدف تخفيف حدة الكراهية المتنامية ضد الولايات المتحدة. إلا أن هذا التوجه حصد من الفشل أكثر من النجاح في رأي الكثيرين. فالقضية الفلسطينية مُتعثرة، والعلاقات الأمريكية - الإسرائيلية شهدت توترات علنية، كما أن إيران ما تزال تواصل برنامجها النووي، مع استمرار عجز الولايات المتحدة عن إيجاد حل للأزمة السورية، واستمرار حالة العداء الشعبي للسياسة الأمريكية في المنطقة، والتي جاءت الاعتداءات على السفارات الأمريكية في مصر وليبيا واليمن وغيرها من دول الشرق الأوسط شاهدًا عليها.

وفي هذا الإطار؛ ذهبت بعض الأصوات للقول بأن الوقت قد حان لانسحاب الوجود الأمريكي من الإقليم، وخاصة مع سحب أغلب التواجد الأمريكي من العراق، والانخفاض المتوقع لأسعار البترول مع ظهور الغاز الصخري "Shale Gas". وعلى الجانب الآخر رفضت أصواتٌ هذا الطرح. وأوجدت أحداث السفارات حالة من النقاش الانتخابي والسياسي.

رد متوازن من حملة أوباما:

يمكن وصف رد فعل الإدارة الأمريكية على أحداث استهداف السفارات الأمريكية بأنه جاء متوازنًا إلى حدًّ كبير؛ حيث ركز أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون على الإشادة بضحايا الهجوم على السفارة الأمريكية في ليبيا، وتأكيد قدرة الولايات المتحدة على التصدي للإرهاب، والتشديد على التعاون مع السلطات الليبية لتحقيق تحول ديمُقراطي، ومعاقبة المسئولين عن الهجمات. كما لم يخلُ خطاب الإدارة من توضيح أن التعاون مع دول المنطقة يتطلب موقفًا حاسمًا من الأنظمة العربية الجديدة، وهو ما ظهر في لقاء تليفزيوني مع الرئيس أوباما في 13 سبتمبر أشار خلاله أن النظام المصري بعد انتخاب مرسي لا يُعد حليفًا، كما لا يُعد عدوًّا، وأن الأمر يتوقف على المواقف التي يتخذها النظام المصري.

وقد جاء أول رد فعل على الأحداث من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، التي أدانتها بشدة، وأشارت إلى أنها اتصلت بالرئيس الليبي لتنسيق الجهود من أجل حماية الأمريكيين بليبيا، وأنه أدان الأحداث، وقدم تعازيه في الضحايا. وجاء بيان الرئيس الأمريكي أوباما ليدين الأحداث، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة ترفض ازدراء الأديان؛ إلا أن هذا لا يعد مبررًا لأي نوع من العنف. كما أشاد بالسفير الأمريكي في ليبيا "كريس ستيفنز" والذي لقي حتفه خلال الهجمات على السفارة الأمريكية.

ويُعد هذا الموقف خروجًا عن بيان أصدرته السفارة الأمريكية بالقاهرة قبل الهجمات أدانت فيه ما أسمته بالمحاولات غير المسئولة من قبل البعض لجرح المشاعر الدينية للمسلمين. وهو البيان الذي سحبته الوزارة من موقع سفارتها بالقاهرة، وأكد الرئيس أوباما عقب الهجمات أنه لم تتم إجازته من قبل وزارة الخارجية.

وعلى هذا فقد جاء الرد الرسمي لإدارة أوباما متسقًا مع ما هو معهود في ظل مثل هذه الظروف الطارئة، من التأكيد على القيم الأمريكية، وما قدمه الضحايا، والتأكيد على محاسبة المسئولين، ورفض تسييس القضية.

ومن هنا كان رد الفعل العنيف على محاولات رومني لتسييس الأحداث، وهي المحاولة التي رفض المشاركة فيها عدد من أقطاب الحزب الجمهوري، وإن أيده فيها فريق من المحافظين الذي وجد فيها فرصة لنقد خط أوباما في مجال علاقاته الخارجية بدول الشرق الأوسط، ولطرح نظرتهم فيما يتعلق بالربيع العربي.

محاولة رومني لتسييس الأحداث

سارع المرشح الجمهوري "ميت رومني" لمحاولة تسييس الهجمات على السفارات الأمريكية، ومحاولة استغلالها في السباق الانتخابي، وهو خروج عن التقاليد الأمريكية في مثل هذه الظروف، التي تفرض الالتفاف حول الدولة rally around the flag، وهو ما لا يسمح بمهاجمة الإدارة التي تمثل وحدة الأمة الأمريكية، وقدرتها على مواجهة عدوها الخارجي.

كما يُعد هذا الموقف خروجًا على خط حملة رومني نفسه، الذي ركز باستمرار على القضايا الاقتصادية. فقد سارع المرشح الجمهوري بعد أقل من 7 ساعات على الهجمات في ليبيا إلى انتقاد موقف إدارة الرئيس أوباما، ووصفه بأنه موقف مشين بما فيه من اعتذار عن القيم الأمريكية وحرية التعبير، مشيرًا إلى بيان السفارة الأمريكية بالقاهرة، والذي رفض فصله عن موقف الإدارة، مؤكدًا أن الرئيس أوباما ووزارة الخارجية مسئولان عن أي تصريح يخرج من أية سفارة أمريكية.

وأشار "رومني" في أول مؤتمر صحفي تعقيبًا على الأحداث إلى أن الربيع العربي يمثل فرصة لأن يكون الشرق الأوسط منطقة سلام ورخاء؛ إلا أنه يحمل تهديدًا إذا نجحت قوى العنف والتطرف في السيطرة على الإقليم.

وفي مقابل هذه الانتقادات؛ سارع الرئيس أوباما وفريقه إلى توجيه انتقادات لاذعة للمرشح الجمهوري، فوصفه الرئيس أوباما في مقابلة تليفزيونية إلى أن لديه ميلا "لإطلاق النار قبل التصويب has a tendency to shoot first and aim later" في إشارة لهجومه الذي بدا متسرعًا وسابقًا حتى لخروج تقارير وافية عن الأحداث في ليبيا. وانتقد المتحدث باسم حملة أوباما موقف رومني، وأعرب عن دهشته من استخدام المرشح الجمهوري لهذه الأحداث المأساوية لأغراض الدعاية الانتخابية.

وقد أحجم عدد من قيادات الحزب الجمهوري عن مجاراة "رومني" في انتقاداته لأوباما؛ فقد رفض السيناتور الجمهوري، والمرشح السابق في انتخابات الرئاسة "جون ماكين"، التعقيبَ على موقف الإدارة. وأكد على ضرورة ألا تتخلى الولايات المتحدة عن ليبيا في هذه الظروف حتى لا تقع فريسة لقوى التطرف، وهو ما عبر عنه أيضًا في بيان رسمي طالب فيه مجلس الشيوخ برفض تقليص المساعدات الأمريكية لليبيا.

وكانت بعضُ التصريحات من الجمهوريين أشد إيلامًا؛ فقد علق "ستيف لومباردو" المسئول السابق في حملة رومني عام 2008، قائلا إن حملة رومني كان ينبغي عليها أن تكون أكثر تفهمًا فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمات الخارجية. فهذه الأزمات في رأي لومباردو، تشهد التفاف الأمريكيين حول قيادتهم السياسية، على الأقل في المدى القصير. وهو ما لا يسمح بتوجيه انتقاد لموقف الإدارة. ولم يخلُ تصريح "بيجي نونان" التي شاركت في كتابة خطب الرئيس السابق ريجان، من قدر من السخرية؛ حيث قالت إن رومني فشل في إضافة قيمة لحملته منذ بدأ هجومه على موقف إدارة أوباما تجاه الأحداث التي وقعت منذ بضع ساعات.

إلا أن هجوم رومني لم يُفقده تأييدَ عدد من الجمهوريين؛ فقد شبه ممثل الولايات المتحدة السابق لدى الأمم المتحدة "جون بولتون" وهو واحد من أنصار رومني، الأحداث بأزمة الرهائن الأمريكيين في إيران عام 1979، واتهم أوباما بالعجز عن فهم مدى خطورة هذه الهجمات. وكررت "سارة بالين" المرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس وإحدى قيادات المحافظين، الهجوم التقليدي على سياسة أوباما الخارجية؛ حيث يصفه المحافظون بأنه يسعى دائما لتفادي الخلاف ويحاول باستمرار إرضاء أعداء الولايات المتحدة.

وفي المحصلة الختامية؛ يبدو أن الجدل حول الهجمات على السفارات الأمريكية في طريقه للخفوت. ولكن قضايا السياسة الخارجية ستظل مطروحة، وخاصة مع سعي الجمهوريين لاتخاذ خط مميز عن خط أوباما، وهو ما سيظهر حين تبدأ المناظرات بين المرشحين.

هل تحسم السياسة الخارجية الانتخابات؟

رغم أهمية قضايا السياسة الخارجية في مؤتمرات الحزبين الجمهوري والديمُقراطي، خاصة فيما يتعلق بالأمن القومي الأمريكي؛ إلا أن هذه القضايا لا تحظى باهتمام خاص لدى الناخب الأمريكي. وتشير استطلاعات الرأي، على سبيل المثال، إلى أن ثلثي الأمريكيين لا يرون مبررًا لتواجد القوات الأمريكية في أفغانستان. هذا بالإضافة إلى أن بعض الأصوات المحافظة ترى ضرورة تقليص الدور الخارجي للولايات المتحدة. وعلى سبيل المثال؛ تبنى عدد من النواب المحافظين مشروع قانون يطالب الإدارة بتقديم تقرير عن الهجمات على السفارات الأمريكية في مصر وليبيا واليمن قبل التصديق على المعونات المقدمة لهذه الدول. وطالب النائب الجمهوري راند بول بتقليص المعونات الموجهة إلى مصر وليبيا وباكستان.

لكن الاتجاه السائد يرى ضرورة استمرار الولايات المتحدة في دعم دول الربيع العربي، والتواجد في إقليم الشرق الأوسط للمحافظة على مصالحها، ومواجهة ما يعرف بقوى التطرف، وهو الاتجاه الذي تؤيده قوى من الجانبين الديمُقراطي والجمهوري. وقد بدا هذا التوجه في تصويت مجلس الشيوخ بأغلبية كبيرة (81-10) لصالح استمرار المعونات الموجهة لمصر وليبيا.

وفي المقابل؛ تسعى حملة رومني لصياغة خط مميز لسياستها الخارجية، خاصة وأن استطلاعات الرأي تشير إلى تقدم أوباما بفارق واضح في هذا المجال. وتدرك حملة رومني أن عليها العمل على هذا المحور إذا أرادت إحراز تقدم حقيقي في المنافسة الانتخابية، لا سيما وأن محاولة رومني لتسييس أزمة السفارات أساءت إليه باعتباره قليل الخبرة أكثر مما أفادت. وحتى الآن يبدو أن اقتراب الجمهوريين ينبني على السعي لنوع من إعادة إحياء لسياسات الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان، وذلك لدرء أي شبهة صلة بسياسات بوش الابن في المجال الخارجي، والتي كلفت الولايات المتحدة الكثير.

وقد أطلق "تيم بولنتي" المرشح لمنصب وزير الخارجية إذا فاز رومني، مصطلح Reganesqueعلى هذا المنظور للسياسة الخارجية، والذي يعتمد، على حد وصفه، على "قوة المبادئ والقيم"، وهو توصيف غير واضح على أحسن تقدير.

وسيبقى الشرق الأوسط مطروحًا على قائمة المنافسة الانتخابية، وخاصة فيما يتعلق بالأمن القومي الأمريكي. ورغم أنه لن يكون من أولويات الناخب الأمريكي، إلا أن حدثا عارضا قد يقلب الحسابات رأسا على عقب، لا سيما وأن الملف النووي الإيراني مهيأ للتطور، فإذا حدث مثلا أن أقدمت إسرائيل على عمل منفرد ضد إيران، فإن هذا سيؤدي بالضرورة إلى انقلاب في موازين الصراع الانتخابي الأمريكي.
رد مع اقتباس