
16-10-2012, 10:15 AM
|
 |
رئيس مجلس الادارة
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
|
|
كيف سيتعامل الرئيس الأمريكي القادم مع الشرق الأوسط؟
تحديات ما بعد الثورات
كيف سيتعامل الرئيس الأمريكي القادم مع الشرق الأوسط؟
شادي حميد، تمارا ويتس تفرض التطوراتُ التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط إثر ثورات الربيع العربي التي اجتاحت معظم -إن لم يكن كل- بلدان المنطقة نفسها على أجندة مرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في ظل تأثير التطورات والتغيرات التي تشهدها دول المنطقة على المصالح الأمريكية بالمنطقة.
وقد تزايد هذا التأثير مع اغتيال السفير الأمريكي في ليبيا جون كريستوفر ستيفنز على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها المنطقة ضد الفيلم المسيء للرسول، صلى الله عليه وسلم، وحضور قضايا الشرق الأوسط في المناظرات التلفزيونية بين الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" -الساعي إلى الفوز بولاية ثانية- ومنافسه الجمهوري "ميت رومني"، وكذلك بين نائب الرئيس "جون بايدن" ومنافسة "بول راين".
وهو الأمر الذي فرض على مراكز الفكر والرأي الأمريكية تقييم السياسات الأمريكية لإدارة باراك أوباما تجاه المنطقة، وتعاملها مع ثورات الربيع العربي، واستشراف مستقبل السياسات الأمريكية تجاه المنطقة التي تشهد مخاضًا سينم عن تطورات وتغييرات في شكل المنطقة وتوجهاتها وسياساتها، مما يؤثر على المصالح والأمن القومي الأمريكيين.
في هذا السياق؛ عقدت مؤسسة بروكينجز حلقةً نقاشيةً يومَ الثلاثاء الموافق 25 سبتمبر 2012 لبحث التحديات التي سيواجهها الرئيس الأمريكي القادم في منطقة الشرق الأوسط، وكيفية التعامل معها، وجاءت الحلقة تحت عنوان "الحملة الانتخابية لعام 2012: الصحوة العربية".
تمحورت الحلقةُ النقاشية في الأساس حول مناقشة الورقة التي أعدها شادي حميد (الباحث بالمؤسسة) والتي يطرح فيها بعض السياسات التي ينبغي على الرئيس الأمريكي القادم انتهاجها إزاء الشرق الأوسط، والتعليق على ورقة حميد الذي أعدته تمارا ويتس (مدير مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط بمؤسسة بروكينجز) التي تناشد فيها الرئيس القادم التعاملَ مع تداعيات الشرق الأوسط بمرونة، وكذا تعليق أستاذ التنمية الدولية "راج ديساي" على ورقة حميد أيضًا، والتي يوصي فيها الرئيس الأمريكي القادم بالتركيز على التنمية الاقتصادية في المنطقة من أجل دفع الديمقراطية، وإعادة بناء النفوذ الأمريكي.
سياسة الإدارة الجديدة تجاه المنطقة
ذكر حميد في ورقته أن مشاكل الشرق الأوسط لن تُحلَّ خلال الأعوام الأربعة القادمة. وعلى الرغم من بعض النماذج التي تدعو للتفاؤل مثل تونس، فإن وضع المنطقة بشكل عام لا يُنبئ بأي تحسن كبير في المدى القريب، بل من المحتمل أن يزداد الوضع سوءًا قبل أن يتحسن. وبهذا يصبح السؤال الرئيسي الذي سيواجه الرئيس الأمريكي القادم هو إلى أيِّ حدٍّ ينوي التخفيف من مشاكل المنطقة، والمساعدة في توجيهها للخروج من أسوأ المسارات إلى أفضلها.
ويُشير إلى أن مرشَّحَيِ الرئاسة "باراك أوباما" و"ميت رومني" أثناء الانتخابات التمهيدية اتخذا مواقف متباينة جدا. فثمة فجوة كبيرة بين الديمقراطيين والجمهوريين فيما يتعلق بالشرق الأوسط، فالحزبان مختلفان حول السياسة المفترض انتهاجها في المنطقة.
ويرى حميد أن هوية الرئيس القادم لن تحسم المسألة كما ينبغي، نظرًا لوجود تعارض في وجهات نظر الحزبين، ومن ثم يدعو الإدارة القادمة سواء أكانت من الديمقراطيين أم الجمهوريين إلى التفكير جديًّا بشأن كيفية التعامل مع منطقة الشرق الأوسط على أساس مجموعة جديدة من المبادئ.
ويقول إن الولايات المتحدة لم تعد قادرةً بعد الآن على تنحية تطلعات العرب العاديين جانبا حتى إذا كانت تلك التطلعات متعارضة مع مصالحها الخاصة، فكلمة الشعوب بعد الربيع العربي باتت هي الكلمة المسموعة.
ويُذكر أن الولايات المتحدة كانت قبل الربيع العربي تتجاهل أو ترفض المشاعر المعادية لها، وجُل ما كانت تهتم به هو موقف الحكومات التي كان معظمها يؤيد السياسة الأمريكية في المنطقة. ويضيف: في السنوات القادمة قد تجد الولايات المتحدة نفسها عاجزة عن تطبيق سياسة التجاهل هذه.
فمع كراهية عشرات الملايين من العرب للولايات المتحدة، واعتبارهم إياها قوةً تدميرية في المنطقة، ستجد الحكومات الديمقراطية الجديدة نفسها مضطرة للتحرك ضد المصالح الأمريكية لكسب التأييد الشعبي، ومن ثم سيكون على الولايات المتحدة التعاطي مع ذلك بحكمة، حسبما يرى حميد.
ولا شك أن مشاعر الكراهية المتأججة لدى العرب لن تنطفئ بين عشية وضحاها، ولكن يمكن للولايات المتحدة العمل على المدى الطويل في بناء علاقات جديدة قائمة على المصالح والقيم المشتركة مع الحكومات الديمقراطية الجديدة في المنطقة.
ووفقًا لحميد، ينبغي على الرئيس الأمريكي المقبل العمل على زيادة المخصصات المالية الأمريكية المخصصة لتمويل جهود الإصلاح بالمنطقة، والتي تُعد بدورها حافزًا واضحًا للدول العربية لإجراء الإصلاحات اللازمة، على ألا يقل هذا التمويل عن 5 مليارات دولار. كما ينبغي أن يكون تلقّي المساعدات مشروطًا بتلبية مجموعة من المعايير الواضحة التي تُعتبر مقياسًا للديمقراطية. ولطمأنة الدول المتشككة في نوايا الولايات المتحدة والدول المانحة يقول حميد يمكن إرسال رسالة واضحة مضمونها هو أن "الديمقراطية لا يمكن فرضها، ولكن يمكن دعمها بقوة وفعالية".
وعن الدول المتحولة للديمقراطية، مثل مصر وتونس وليبيا، يؤكد على ضرورة أن تتضمن المعايير الأمريكية لدعم تلك الدول عدم التدخل العسكري في الشئون المدنية، واستقلال القضاء، ودعم حرية الصحافة وحمايتها. أما في حالة الأنظمة الملكية الليبرالية مثل الأردن والمغرب والكويت، فيجب أن تُركّز هذه المعايير على إتاحة الساحة السياسية للجماعات المعارضة، وعلى الانتقال التدريجي للسلطة إلى المؤسسات المنتخبة بإرادة الشعب.
ثلاثة تحديات في انتظار الإدارة الجديدة
من جانبها ترى "تمارا ويتس" أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستواجه ثلاثة تحديات رئيسية بالمنطقة، تتمثل تلك التحديات في الآتي:
التحدي الأول: استثمار الموارد بطريقة تيسِّر إرساء الاستقرار والديمقراطية في الشرق الأوسط، بما يخدم المصالح الأمريكية بالمنطقة أيضًا.
التحدي الثاني: تبنّي حوار مفتوح على نطاق واسع مع الأصوات العربية الثائرة.
التحدي الثالث: التوفيق بين القضايا المتعلقة بالمشكلات الأمنية في المنطقة من ناحية، والديمقراطية والإصلاح من ناحية أخرى، لا سيما في ظل الاهتمام المتزايد بالملف النووي الإيراني بالمنطقة.
وفي ورقتها، تحض ويتس الإدارة الأمريكية على الحفاظ على الحوار مع الجماعات السياسية ذات المرجعية الدينية؛ حيث ترى أن الفشل في الحفاظ على الحوار من الممكن أن يضر بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية، لا سيما أن هذه الجماعات ستظل جزءًا هامًّا من المشهد السياسي في السنوات القادمة.
وتذكر أنه لا ينبغي على الأمريكيين في الوقت الراهن افتراض النجاح الدائم للإسلاميين على المدى الطويل، ففوز مجموعة منهم في انتخابات ما بعد الثورة لا يعني بالضرورة انتصارهم في ظل بيئة تنافسية تعددية. ومن ثم يتعين على الإدارة القادمة ألا تنشغل بالتعامل مع الفائزين، وإنما عليها إرساء أسس من الاحترام المتبادل لبناء علاقات تعاونية قائمة على المصالح المشتركة عندما تتضح الصورة النهائية. والأهم من ذلك كله أنه ينبغي على الحكومة الأمريكية تلافي الوقوع في فخ "استبدال مجموعة من النخب الإقليمية" بمجموعة أخرى.
الربيع العربي يقلب الموازين
وفقًا لـ"راج ديساي" برعت الولايات المتحدة على مر سنوات طويلة في تجاهل الديمقراطية في الشرق الأوسط من أجل "دعم الحكام السلطويين الذين عملوا على إرساء الاستقرار في سوق النفط، ووقعوا المعاهدات مع إسرائيل، وقمعوا الجماعات الإسلامية، وشاركوا في أعمال مكافحة الإرهاب".
وفي عهد الرئيس بوش، وبصرف النظر عن العراق، تسامحت بعض الدول العربية مع الأنشطة الأمريكية المؤيدة للديمقراطية طالما أنها لا تشكل تهديدًا للأنظمة الحاكمة القائمة. وفي عامي 2009 و2010، خُفّض تمويل مثل هذه الأنشطة في بعض دول الشرق الأوسط.
وفي هذا الصدد يُشير حميد إلى أن الربيع العربي قلَب تلك الموازين؛ إذ أظهرت الانتخابات التونسية والمصرية أن الناخب التونسي والمصري من ذوي الفكر المعتدل باتا أكثر عداءً للولايات المتحدة وإسرائيل، وأكثر مناصرة للإسلاميين. لذا كان يجب على إدارة أوباما التصدي لواقع تفضيلات هؤلاء الناخبين والتي إذا تمت ترجمتها بلغة السياسة فقد تهدد السلام أو الاستقرار في المنطقة.
بيد أن إدارة أوباما وجدت نفسها مضطرة للدخول في مناورة سياسية معقدة تدعم فيها المواطنين التونسيين والمصريين والليبيين، وتُثبت فيها في الوقت عينه "دعمها للديكتاتوريات في الأردن والمملكة العربية السعودية والبحرين".
وأعرب ديساي عن معارضته لاقتراح حميد المتعلق بمنح الحكومات القائمة أو حكومات الظل قروضًا صغيرة في حالة موافقتها على تبني إصلاحات ديمقراطية وفق معايير معينة.؛ فقد يثير مثل ذلك التمويل ثلاثة مخاوف من وجه نظر ديساي تتمثل في:
أولًا: الخوف من عدم دعم دول الربيع العربي للمؤسسات الدولية. يرى ديساي أن من المستبعد حاليًّا أن تجد المؤسسات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة أي مؤيدين لها وسط المناخ العربي السياسي المضطرب؛ فالشعوب العربية لن تنسى أبدًا أن النظام الأمريكي دعم الأنظمة السابقة ماليًّا لفترة طويلة، ولن تنسى كذلك الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في فترة التقشف خلال الثمانينيات والتسعينيات أثناء هبوط أسعار البترول؛ إذ عانت الدول العربية آنذاك من تباطؤ الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية، ما دفعها إلى إنهاء تعاقدات بعض العاملين طويلة الأجل، وإلى تقليل حجم الفائدة العامة العائدة على الشعب. ومن المستبعد أن يهدأ هذا الاحتقان قريبًا، على حد قول ديساي.
ثانيًا: الخوفُ من عدم استيفاء الشروط. في الوقت الراهن، تُدار عمليات الإصلاح من قبل بعض المؤسسات، مثل مؤسسة تحدي الألفية الأمريكية (Millennium Challenge Corporation)، وهي مؤسسة غير متعددة الأطراف، وتوفّر منحا بناءً على ما إذا كان المتلقّي يحقق مستوى معينًا من الإدارة الحكومية الجيدة، ومؤسسة شراكة الحكومة المنفتحة (Open Government Partnership)، وهي مؤسسة تطوعية متعددة الأطراف لا تقدم قروضًا إلا في حالة استيفاء شروط معينة. ومن وجهة نظر ديساي؛ سيكون من الأفضل للولايات المتحدة توسيع مجال عمل برامج المؤسستين في الشرق الأوسط، بدلا من إنشاء مؤسسة جديدة.
ثالثًا: الخوف من عدم نجاح الأنشطة المروِّجة للديمقراطية. يرى بعض المحللين أنه ليس ثمة تأثير يُذكر للمساعدات المشروطة بتطبيق الديمقراطية. فبعض المناطق، مثل أوروبا الشرقية، لم تتحول ديمقراطيًّا بشكل رئيسي إلا بالتحفيز والتشجيع. فأوروبا الشرقية لم تتحول تحولا جذريًّا إلا بعد أن عُرض عليها عضوية الاتحاد الأوروبي، ومن ثم يمكن القول إن غياب مثل هذا الحافز الخارجي في حالة العالم العربي يجعل نجاح الأنشطة المروّجة للديمقراطية هناك أمرًا مستبعدًا.
الحلقة النقاشية.. تقيم السياسات الأمريكية
افتتح حميد الحلقة النقاشية بتحليل موقف الرئيس الأمريكي أوباما تجاه العالم العربي قبيل اندلاع الثورات العربية، مشيرًا إلى أن أوباما ركّز في فترة رئاسته على إعادة بناء العلاقات الهشة مع الأنظمة العربية المستبدة الموجودة، بيد أنه تمكّن في نهاية المطاف من احتواء الوضع الراهن الجديد.
وفيما يتعلق بالمعونات الأمريكية، قال حميد إن المساعدات المقدَّمة للمنطقة تضاءلت منذ اندلاع الثورات، ولفت إلى أن الولايات المتحدة "غير متناسقة" المواقف حيال دول المنطقة، ما عزز التصور في الشرق الأوسط بأن أوباما "ذو شخصية ضعيفة، ولا يمكن الاعتماد عليه" على حد وصفه. واستطرد حميد قائلا إن إحجام تركيا أو دول الخليج عن اتخاذ إجراءات بشأن سوريا من دون دعم الولايات المتحدة يدل على أن الولايات المتحدة ما زال "لا غنى عنها" في المنطقة.
ومن جهتها، أشارت ويتس إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه أوباما هو "الميزانية"؛ فبدون تنظيم موارد مالية أكبر من خلال الكونجرس، سيستحيل إنشاء خطط طويلة الأجل وبرامج للمنطقة في مرحلة ما بعد الربيع العربي. وتمثّل التحدي الثاني، على حد قولها، في مواصلة الإسلاميين انتصاراتهم في البلدان التي لا تحظى الولايات المتحدة فيها بشعبية. وقالت ويتس: "من الصعب جدًّا على الولايات المتحدة بناء علاقات مع هذه البلدان خلال الفترة الانتقالية التي تمر بها، فالولايات المتحدة قد تَعْلق بين القوى المتنافسة".
أما ديساي فقال إنه يجب على أوباما توضيح التحديات التي سوف تواجهها المنطقة على المدى البعيد والقصير، من أجل حشد دعم لمساعدات أمريكية أكبر للشرق الأوسط. وفي حال لم توفر الولايات المتحدة المزيد من المساعدات المالية؛ ستقع مصر في أزمة مالية في غضون أشهر، وستمر البلدان المنتقلة إلى الديمقراطية بأوقات عصيبة في ظل سعيها للحفاظ على الاستقرار، وتعزيز التجارة، وتوفير فرص عمل. على حد قول ديساي.
ويحث أستاذ التنمية الدولية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في حلقة النقاش على تجنب علاقات الشراكة المباشرة مع الحكومات، والتركيز بدلا من ذلك على تقديم المساعدات مباشرة للقطاع غير الرسمي. وأعرب عن أمله في أن تتوقف الولايات المتحدة عن التطلع إلى الحكومات كأوصياء على الشعب، والبدء في التعامل المباشر مع المواطنين أنفسهم.
وخلال المناقشات حددت ويتس المصالح الأمريكية في المنطقة خلال السنوات القادمة. فقالت إنه رغم كون مكافحة الإرهاب أولوية أساسية من الأولويات الأمريكية، سيظل التدفق الحر لموارد الطاقة من الخليج العربي محط اهتمام الولايات المتحدة.
من جانبه، قال حميد إن الدعم الأمريكي للأنظمة المستبدة في المنطقة "وُجِّه بشكل سيئ جدًّا" لعقود، مما سبب الكثير من الاضطراب اليوم. واتفق ديساي مع الرأي القائل بأن أربعين عاما من "الاستقرار" في المنطقة مرّت في جو من الركود الاقتصادي والاستياء الشبابي. واختتم كل من ويتس وديساي حلقة النقاش بالتشديد على ضرورة العمل مع القاعدة الشعبية والمؤسسات الشبابية، ودعم الاستقلالية الفردية وتكافؤ الفرص.
|