الحج عند غير الكتابيين:
الأركان الأربعة ص285: أما الديانات الهندية- بما فيها من البوذية و الجينية و البرهمية- فقد كثرت فيها المشاهد و المعابد و الأمكنة المقدسة المقدسة من النواحي و الأطراف كثرة فاحشة بطبيعة الحال، و هي الأمكنة التي يرون لها شرفا عظيما و قدسا خاصا، و يعتقدون فيها بركة لما حدث فيها من الوقائع العظيمة، و أكرم فيها بعض عظمائهم بالقرب أو الكلام أو الوصول و المعرفة، أو تجلت فيها بعض آلهتهم- كما يزعمون- تجليا خاصا، و كثرت فيها الأعياد الدينية و المواسم و الأسواق، التي انصبغت بصبغة الدين.
و أكثر هذه المشاهد و الأمكنة المقدسة على ساحل نهر الكنج المقدس، يجتمع فيها أهل البلاد في عدد هائل، للاغتسال في النهر المقدس، و منها ما يجتمعون فيها سنويا، أو عدة مرات في السنة، و منها ما يجتمعون فيها بعد سنين، كغسل الذي يجتمعون له بعد اثني عشر عاما، عند ملتقى نهري الكنج و جمنا في برياك، و من أشهرها مدينة بنارس في الولاية الشمالية على نهر الكنج، و يعدون الاغتسال فيه كفارة للذنوب، و من أعظم الحسنات و القربات، و و يؤثرون الموت في المدينة، و تنقل جثث الموتى من النواحي البعيدة لتحرق هناك، أو تترك في النهر، على اختلاف العقائد و العادات و الطوائف الهندية، و منها بلدة أجودهيا التي كانت مركزا لراما، و متهرا التي لها اتصال بتاريخ كرشنا، و منها هردوار، و كلها في الولاية الشمالية الغربية، و هنالك مشاهد و شواطئ، و معابد هامة تعد بالعشرات في شبه القارة الهندية، تختلف فيها العادات و التقاليد باختلاف الأقاليم و المناطق، و باختلاف الطوائف التي تدين بها.
و من أعظم المراكز المحجوج إليها عند البوذيين مدينة كيا في ولاية بهار التي قضى فيها مؤسس هذه الديانة المؤله “كوتم بده” مدة طويلة، و تشرف بالشهود أو المعرفة التي يسمونها نيروان.
و في العقيدة الإسلامية لا يوجد ما يمنع أن يكون بعض أو كل الرجال الذين ذكروا أنبياء أرسلهم الله سبحانه بالحق لأقوامهم إلا أن أتباعهم ألههوهم و حرفوا دياناتهم، و تكون هذه الأديان أو بعضها صحيحة من عند الله في أصلها، إلا أنه نالها التحريف. يقول الأستاذ العلامة محمد فريد وجدي:
سفير الإسلام إلى سائر الأقوام ص22: هل يُعقل أن الله يرسل موسى إماما و رحمة إلى بضعة آلاف نفس من بني إسرائيل، و يترك مئات الملايين من الصينيين و اليابانيين و سائر الآسيويين و الأفريقيين و الأستراليين و غيرهم بلا علم و لا هدى و لا كتاب منير، يهيمون في الظلمات و يعمهون في الضلالات بلا مرشد و لا رسول كريم؟ هل يُتصور أن الله و هو الخالق العادل المنزه عن المحاباة و المصانعة يوحي حقائق الدين إلى بضعة آلاف من الناس، و يترك رِبوات الملايين في الظلام البهيم و الفساد العميم؟
كلا! بل قال تعالى:” و إن من أمة إلا خلا فيها نذير”(فاطر24) و قال تعالى:” منهم من قصصنا عليك و منهم من لم نقصص عليك”(غافر78)
من هنا يتضح أن الله أرسل لكل أمة رسولا و كتابا و جمعهم على دينه قرونا و أحقابا.
|