عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 29-10-2012, 04:15 AM
العلامة منازع الحميدي العلامة منازع الحميدي غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2012
العمر: 41
المشاركات: 153
معدل تقييم المستوى: 14
العلامة منازع الحميدي is on a distinguished road
Icon Music الاثراء الرياضى

الاثراء الرياضي:

الإثراء يعني زيادة التوسع في الموضوع وزيادة معلومات التلميذ وفتح آفاقه نحو مواضيع أخرى تختلف عن المواضيع المطروحة في المنهاج.
يتفق معلمو الرياضيات وباحثو التربية الرياضية على أهمية الإثراء الرياضي للتلاميذ من جيل ما قبل المدرسة وحتى الجامعة، ويرجعون لها تأثيرات كبيرة على المشتركين في العملية الإثرائية. واليوم أصبح هناك اهتمام متزايد بإدخال مواضيع إثرائية في الرياضيات إلى صف الرياضيات. وهذا الاهتمام يتزايد اليوم لسببين:
محاولة تقديم طُرق تدريس بديلة تُحاول التغلب على مصاعب تعليم وتعلُم الرياضيات.
أنسنة الرياضيات وتقديمه على أنه علم يتطور دائماً وجزء من حضارة إنسانية محددة.
ومن الوظائف التي يتفقون عليها للإثراء الرياضي بالنسبة للتلاميذ هي:
- إضافة بُعد جديد للرياضيات وهو بُعد التحدي وتنمية المثابرة والصمود أمام التحديات والمتعة واللعب وهذا يؤدي إلى تنمية شعور إيجابي تجاه الرياضيات.
- تطوير المقدرات الرياضية عند التلاميذ ذوي المستوى الرياضي المتوسط والعالي.
- إشغال التلاميذ ذوي المستوى الرياضي العالي بمهام إثرائية تابعة لنفس الموضوع المُتَعلم. عندما يشعر المعلم أن اهتمام التلاميذ بالموضوع المتعلم، أو بالوظائف المعطاة انتهى لأنهم يعتقدون أن مستوى الموضوع أو الوظائف المعطاة سهل، ويجب أن لا يكرسوا وقتاً أو جهداً إضافياً لدراستها، وقد يحدث ذلك مثلاً حين ينتهون قبل غيرهم من التلاميذ من المهام الصفية، أو في إطار وظيفة بيتية.
- دمج التلاميذ بمشاريع لا منهجية يتعرف بها التلميذ على الرياضيات الخاصة بظاهرة معينة مثل النسبة الذهبية، أو ظاهرة الأمواج الشمسية أو الزخرفة أو بناء القباب.
- زيادة اهتمام التلاميذ بالموضوع.
- يساعد التلاميذ على إعطاء معنى ومغزى للرياضيات.
- تطوير التفكير الرياضي والمنطقي عند التلاميذ.
- التلاميذ سيدركون المفاهيم الرياضية بصورة أفضل.
- فهم وتفسير بعض الظواهر الطبيعية .
- المواضيع الإثرائية تُنمي التفكير الرياضي، والتحليلي عند التلاميذ وتحثهم على إثارة الأسئلة والاستفسار بالنسبة لبعض القضايا المثيرة للجدل في موضوع الرياضيات.
- المواضيع الإثرائية سيُقرب التلاميذ من بيئتهم وسيدركون أن الرياضيات مهمة فهي ليست علم مجرد، إنما موجودة بكل مكان فهي جزء من طبيعتنا والقدماء سابقاً لم يطوروا هذا العلم إلا بسبب حاجتهم له في شتى المجالات، فمثلاً: علم المساحة والهندسة والحساب في مصر الفرعونية نشأ تحت ضغط الحاجات الاقتصادية والاجتماعية، ففيضانات وادي النيل دفعت المصريين القدماء إلى ابتكار طرق وأساليب هندسية لتحديد مساحات الحقول، وتنظيم الزراعة والري، كما أن اهتمامهم ببناء الأهرامات جعلهم يتقدمون في استعمال الخطوط و الحساب.
- دمج المواضيع الإثرائية في صف الرياضيات يُعتبر أحد الإستراتيجيات التعليمية الحديثة، حيث على المعلم أن يُشجع التلاميذ على التفكير الناقد بسياقات مختلفة، فهنا يمكن أن نثير أسئلة مختلفة بعد الاطلاع على الخلفية الرياضية مثلا كيف تطور هذا العلم؟ ما حسب رأيك ما الذي دفع الحضارات الأخرى للاهتمام بهذا العلم؟. يمكن دمج عدة استراتيجيات عند تعلم تاريخ الرياضيات مثل:أسلوب البحث، التعلم التعاوني، استعمال التكنولوجيا، وحل المشكلات.
الصعوبات والمشاكل في التطرق للمواضيع الإثرائية في صف الرياضيات هي:
يميل معظم معلمي الرياضيات للتقيد بمادة المنهاج وهذا الميل يرجع إلى عدة أمور منها: إدارة المدرسة تفرض عليهم ذلك.
- ضعف التلاميذ في الرياضيات: يشكون المعلمون من ضعف التلاميذ وعدم معرفتهم بالأساسيات الرياضية المطلوبة مما يسبب هدراً للوقت أثناء الحصة، ويضطر المعلم للخروج عن الدرس وصرف بعض الوقت إن لم يكن كل الوقت في توضيح الأساسيات التي من المفترض أن يكون التلميذ قد ألمّ بها واستوعبها من خلال المراحل التعليمية السابقة التي مرّ بها. لذلك يُفضلون المعلمين تكريس الوقت الإضافي لمراجعة مواد سابقة بدلاً من التوسع بمواضيع مختلفة.
- المناخ الصّفي لا يُساعد بإجراء دروس إثرائية، عند معرفة التلاميذ أن هذا الدرس سيكون إثرائي فإنهم لا يُبدون اهتمام كما يجب.
- هناك ظاهرة منتشرة وسط التلاميذ بكون الرياضيات مادة مُجرده يُصعب فهمها، لذلك لا يكون عندهم تلك الرغبة التي تجعلهم يقومون بمهام بحث واستكشاف للتعرف على مواضيع جديدة. وهذا الاعتقاد بأن الرياضيات مادة صعبة ناتج من عدم فهم التلميذ لطبيعة هذا العلم.
- تدخُل أولياء الأمور بصورة مباشرة في عمل المعلمين، حيث يجادلون في عمل المعلمين ويخطئونهم في أساليب تعاملهم وتعليمهم ويشككون في قدراتهم وكفاءتهم، ويعتبرون خروج المعلم عن نطاق المنهاج بأنه مضيعة وقت ولن يعود بالفائدة على أولادهم لأن اهتمامهم ينصب تجاه علامة أبنهم فقط.
- بعض المعلمين يعتقدون أن المواضيع الإثرائية هي مضيعة لوقت هم بحاجة إليه لتغطية المنهاج المطلوب.
- نقص في معرفة معلمي الرياضيات بالنسبة لكيفية إدخال ودمج المواضيع الإثرائية في صف الرياضيات، بالرغم من كثرة المصادر التي تتحدث عن أهمية إدخال الإثراء في صف الرياضيات ودمج هذه المواضيع الإثرائية في صف الرياضيات، إلا أن المصادر التي تُعطي أمثلة على كيفية الدمج ما زالت قليلة وغير معروفة من قبل مُعلمي الرياضيات.
- وجهة نظر المعلمين بالنسبة لطبيعة الرياضيات: وجهة نظر معلمي الرياضيات بالنسبة لطبيعة الرياضيات، وتعليم وتعلم الرياضيات يؤثر على رغبة هؤلاء المعلمين في دمج المواضيع الإثرائية في تعليم الرياضيات. إذا نظر هؤلاء المعلمون إلى الرياضيات على أنها جسم معرفي ثابت ومنته، وإذا نُظِر إلى تعليم الرياضيات كنقل هذا الجسم من المعرفة من المعلمين إلى التلاميذ، عندها لا يكون هناك فُسحة أو مجال للمواضيع الإثرائية في عملية تعليم وتعلم الرياضيات، بينما إذا نُظر إلى الرياضيات كواحد من أشكال مُتعددة من المعرفة، أو حتى كتعبير ومظهر حضاري أو كنشاط إنساني، عندها الإثراء في هذا الموضوع سيكون له معنى، والتوسع في هذا الموضوع سيصبح وسيلة لمعرفة أفضل للعلاقات بين ال*** البشري والمعرفة الرياضية، ضمن إطار حضاري مُعين.
- معظم كتب الرياضيات الدراسية لا تحوي شيئاً من المواضيع الإثرائية، هذا يجعل معلمي الرياضيات ينظرون إلى المواضيع الإثرائية على أنها منفصلة عن تعليم ومنهاج الرياضيات وغريبة عن النشاط اليومي المتعلق بالتربية الرياضية.
اقتراحات للحلول:
- على المعلم أن لا يصب اهتمامه في المنهاج بشكل مُطلق، كثيراً ما نجد الكتاب المدرسي يتناول الموضوع بأسلوب تقليدي تلقيني، يعطي للتلميذ كل شيء، بحيث لا يعطي فرصة للتلميذ أن يستنتج ويُحلل ما ورد في الأمثلة والأسئلة، وبهذا يكون قد شكل سببا لصعوبة هذه المادة.
- هناك بعض التلاميذ يَطلقون على الرياضيات بالكابوس، وهذا بسبب عدم شعور المتعلم بحاجة واقعية لما يتعلم، ولعدم تدريس المادة بشكل أصيل وفي سياقات واقعية، ومن عدم استطاعة التلميذ لرؤية الرياضيات داخل النسيج العلمي الحياتي الكامل، الذي يصنع رداء الحياة. فما لم ير التلميذ الرياضيات شعراً أو قصة، أو مشكلة حياتية واقعية، ما لم ندمج المسائل ضمن نماذج هادفة، ما لم ير تطبيق الرياضيات في الفيزياء والعلوم والتاريخ والكيمياء، ما لم يبنِ جسوراً وقناطر تصله من جزيرة إلى أخرى، بسلاسة وعفوية، حينها لن تكون هناك رياضيات مفيدة، سهلة، ذات قيمة، وذات معنى. لذلك هناك أهمية كبرى لإدخال مواضيع رياضية في صف الرياضيات.
- من المفيد أن يرتكز أسلوب تدريس علم الرياضيات على الأسلوب الذي يجعل من الدارس عنصراً إيجابياً، فاعلاً ومُتفاعلاً،مُشاركاً في العملية التعليمية، ويتم ذلك بتقديم المثيرات العلمية بطرق متنوعة ومتطورة، لتجعل عقل التلميذ في يقظة تامة، ليُسهل عليه التعامل مع الموضوعات التي تقدم له، ليشارك في برمجتها لعقله واختزانها هناك، لاستعمالها عند الحاجة .ومن المفيد أيضاً أن يكون التعامل مع التلميذ وفقا للأسلوب المنطقي للتفكير، فمن المفضل أن نُنمي عند التلميذ مهارة التفكير بحيث نجعله يطرح على نفسه عدة أسئلة مثل:ماذا بعد هذا ؟ ماذا لو تغيرت صيغة السؤال وماذا لو أصبح المجهول غير ذلك؟ أي أن يُبرر التلميذ لنفسه لماذا هذه القاعدة وليس غيرها ولماذا هذه الخطوة بالتحديد ؟ أو أن نضع أمام التلميذ مسألة ( أو مشكلة أو قضية ) ليجد حلاً لها ويُبرر كيف قام بحلها.
- التخطيط الجيد للدرس من قِبل المعلم وكذلك من قبل التلميذ: على المعلم أن يُحدد مسبقاً الحصة التي سيتناول بها موضوع إثرائي، ويطلب من التلاميذ تحضير والبحث عن بعض المعلومات عن الموضوع. لأن التخطيط يُعتبر أحد المتطلبات الأساسية للنجاح في تنفيذ معظم النشاطات الحياتية التي نقوم بها. فالمحامي الناجح والمهندس والضابط والسياسي وغيرهم يحتاجون إلى الوقت الكافي، من أجل التخطيط للأنشطة والإجراءات التي سيقومون بتنفيذها من أجل تحقيق الأهداف المرجوة. ومعلم الرياضيات الناجح يحتاج لقضاء الوقت الطويل في إعداد الخطط الفاعلة لتدريس الرياضيات، من أجل تحقيق الأهداف المتوخاة. حتى المعلمين ذوي الخبرة فهم بحاجة إلى الوقت الذي يقضونه للتخطيط لمثل هذه الدروس، وعليهم تغيير هذه الخطط إن كانوا قد حضروها سابقاً، وذلك حتى تظل تلك الخطط خططاً ناميةً ومتطورةً، تتمشى مع التغيرات الحاصلة في ظروف المدرسة والمناهج والطلبة وتتلاءم مع التغذية الراجعة والملاحظات التي سبق وأن رصدها المعلم، وإذا لم يقم المعلم بذلك فإن تلك الخطط يعتريها الجمود والروتين، وتُصبح بذلك خططاً بالية لا تُحقق جميع الأهداف المرجوة فيها. لذلك اعتبرت مهمة تحضير الدروس والتخطيط لها إحدى أهم الكفايات الأساسية، التي ينتظر من أي معلم أن يتقنها، باعتبارها متطلباً أساسياً لمهمة التعليم، فأصبح من خصائص المعلم الجيد أن يكون قادراً على التخطيط لدرسه تخطيطاً منظماً ودقيقاً، ولديه القدرة على تتبُع السير في الوصول إلى النتاج التعليمي وِفق إجراءات وأساليب واستراتيجيات وزمن محدد. لهذا يمكننا أن نعتبر مهمة التخطيط للدروس بالنسبة للمعلم هي خطوات ناجحة في عملية التدريس، ومهمة لنجاحه للقيام بالدروس الإثرائية .
- على المعلم أن يحُث تلاميذه على دراسة الرياضيات كمادة عملية لا كمادة نظرية بحتة، فلا يجب أن يُشعرهم بالغربة بينهم وبين هذا العلم.
- من المهم في الحصص الإثرائية أن يتعرف التلاميذ على بعض قوانين وقواعد الرياضيات في البيئة المحيطة بهم، من خلال بعض الفعاليات مثل: إيجاد أشكال التي تكمن بها النسبة الذهبية، أو للتوصل للعلاقة بين أعداد متوالية فيبوناتشي وإيجاد قانون عام لها، أو عند التعليم مثلاً عن الأشكال الهندسية من المُحبذ إحضار أدوات ذات أشكال هندسية مختلفة أو صور لمبانٍ في مدينة، تُوضح كيفية استخدام المهندسين لها في البناء، واستخدام الحرفيين لها في صناعة الأدوات المختلفة، أو في موضوع رسم المستقيمات المتوازية والمتعامدة، يمكن عرض خريطة لمخطط الطرق في مدينة ما، وكيف أن المهندسون اعتمدوا على استخدام رسم الخطوط المستقيمة المتوازية، لتمثيل الطرق ومستقيمات عمودية عليها بمسافات متساوية، لتمثيل الطرق الفرعية المتقاطعة معها بشكل عمودي واستخدام كلمة طريق موازٍ عند الوصف. وكذلك من المُهم في الحصص الإثرائية التركيز على فوائد استخدام القاعدة الرياضية أو المهارة لحل مشكلة أرقت من سبقنا أمثلة: في موضوع قوانين المساحة من المستحسن بيان الفوائد المرجوة منها، وأنها قد سهلت حل مشكلات صادفت من سبقنا، وذكر قصة دالة على ذلك منها قصة "أحمس" كبير البنائين في مصر القديمة، وتوضيح ما حصل معه عند بنائه قصراً جديداً للملك، من احتياج لقانون حساب المساحة، لمعرفة عدد البلاط اللازم لتغطية أرضية القصر دون أي زيادة أو نقصان. بالنسبة لموضوع المثلث قائم الزاوية نُوْضح لهم كيف استخدمه القدماء في البناء، لتحديد أركان مبانيهم وحقولهم المربعة والمستطيلة ذات الزوايا القائمة.
- على المعلم أن يُراعي الفروق الفردية بين التلاميذ: هذا الأمر يجب أن يوليه المعلم جل عنايته، فيجب أن ينظر إلى تلاميذه على أنهم مختلفون في قدراتهم. وأنهم ليسوا على مستوى واحد. فيُقدم لهم من التعليم ما يناسب مستوى كل منهم. فلا يُخاطب الغبي بما يُخاطب به الذكي. فليس كل دواء يصلح لكل داء. ولا يُكَلف الجميع بواجب منزلي واحد ولا يُقدِم لهم نفس الفعالية. وعليه أن يُقسم تلاميذ صفه تقسيمًا متجانسًا. دون أن يشعروا بالتفاضل. ويُساعد كل مجموعة على السير وِفق قدراتها. مع كثرة التطبيقات بالنسبة للضعاف دون تهكم أو ضجر. وعند قياس درجة تقدم التلميذ نُقارنه بنفسه ولا نُقارنه بغيره. أي نقارن حاله اليوم بحاله من قبل. حتى يمكنه من النظر إلى ذاته نظرة ملؤها الثقة بالنفس عندما يشعر بالتقدم. وبالتالي يندفع إلى مزيد من التحصيل ليحقق رضا نفسه وإحساسه بالنجاح. لأن الشعور بالفشل يؤدي عادةً إلى الإحباط، والشعور بالنقص وخيبة الأمل والانطواء والخمول والوحشة وغيرها. ومعرفة الفروق الفردية لا تتحقق إلا إذا ازداد اقترابنا من تلاميذنا عن طريق علاقات الحب والثقة.
- على معلم الرياضيات أن يسعى جاهداً لتجهيز مركز لموضوع الرياضيات أو يقوم بإنشاء موقع يُناقش به مواضيع إثرائية مختلفة، بحيث يشمل ألغاز ووسائط سمعية وبصرية، على أن تكون الدراسة فردية وتشخيصية وبأسلوب إرشادي، وتتيح للتلميذ التقدم في موضوع الدرس حسب سرعته الخاصة، وبإتباع تعليمات مكتوبة والتنوع في المواد، للتغلب علي المشاعر السلبية نحو الرياضيات .
الأهداف العامة لتدريس الرياضيات و كيفية تحقيق هذه الأهداف:
إن الرياضيات لغة عالمية وعلم هــام لكنها لم تنل ما تستحقه من الاهتمام إذ لم يكن هناك موضوع أثار ردود فعل سلبية أو أنّه فُهم بشكـل خاطئ كالذي حصل مع الرياضيــات, وعلى الرغـم من أهميتهــا البالغــة في التطور العلمي والتكنولوجي ويكفي أن نذكر في هذا المقام بأنّ اختـراع الطائــرات لم يكــن ليكتمل لولا علمي التفاضل والتكامل إلاّ أن العديد من الأشخاص لا يرونها علما من العلــوم الحيوية وإجمالا فإن النظرة العامّة لهذه المادّة سلبية دائما وتتجه نحو القلق والنفور والخوف. ومن هذا المنطلق بالذات فإن التصور عن الرياضيات يعتمد على المجال العاطفي أي على مشاعر الحب أو الكره أو النفور والتي تستند بدورها على المواقف التي مرّت بالفرد عبر سنوات الدراسة وعبر المؤثرات الخارجية كالأقران والمدرسين وغيرهم , كما ترتكز على المجال المعرفي وهو قدرة الإنســـان على استيعــاب هـذه المــادّة و انسجامــه مع طريقـــة تدريسهــا. لكن الواقع الملموس أبــــان بأنّ النظرة الشائعة عن الرياضيات تتلخص في أنّها مادة مملّة باردة بحاجة إلى نوع خاص من العقل, وأنّهـــا تجذب أولئك الذين لهم طبع أو ميل خاص فقط, لذا فــإنّ معظم الناس يـرون الرياضيات موضوعـا مدرسيا مملاّ وأنّهم إمّا فشلوا فيهـا أو اجتازوها بشقّ الأنفس . إضافــة إلى ذلك ينظر الناس عموما إلى الرياضيات أنّهـا مادّة صعبة وتقترن عند غالبيتهم بشعور قوي بالإخفـــاق, وذكرياتهم عن الرياضيات تنحصـر في الاختبـارات والامتحانــات , وفي إشارات الضــرب التي ترمز للخطـــأ على أوراق امتحاناتهم وواجباتهم المنزلية, وفي الخوف من النتيجة الخاطئة.
أن الرياضيات تتصف بصفـات معينة تجعلها مختلفة أكثر من المواضيع الأخرى, كما تجعلها بحاجة للمزيد من الجهد والمثابرة من أجل استيعابها و هذه بعض من صفاتها:
أوّلا: الصفـة التجريديـة, معلـوم أنّ مادة الرياضيات التي يتمّ التعامل بها من خواص وعلاقات ليست ذات وجود مادي محسوس بخلاف المواد التي تتعامل بها الفيزيـاء والكيمياء على سبيل المثـال, أي أنّ مادة الرياضيات هي الأمور المجرّدة التي تتعامل بالرموز والمعادلات المجـــرّدة أيضـا. أمّا الـدلالات من رمـوز رياضية وأشكــال وتمثيلات بيانية... فإنهـا تلعب دورا هامـا وتُعـد مصـدر الاستيعـاب في الرياضيات
ثانيا: التسلسل في الرياضيات أي أنّ كل فقـرة تعتمد على ما سبقهـا من فقرات بمعنى أنّ فهم واستيعـاب أي موضوع فرعي أو فكـرة تستند بصـورة ما على درجة فهم واستيعاب المواضيع التي قبلها, أكيد لأنه بدون ربط المعلومات السابقة ينعدم الرقي والإنشاء
ثالثا: تعلّــم الرياضيات يكــون أكثر اعتمـادا على المعلّم من أيّ مجال آخر, حيث أنّه لم يكن هناك الكثير مما يمكن اكتشافه عند عمل الطالب بمفرده .
الصفة الأخيرة: أنه في بعض مجالات الرياضيات خاصة تلك المتصلة بالتعامل مع الأعداد فإنه من الممكن للطالب الأداء بشكل جيد دون حاجة للفهم الذي يستعمل في التعلّم لاحقا لذا فإنّ المشاكل غالباً لا تلاحظ من قبل المعلم باكرا. وعليه فإنّ التصوّر السلبيّ عن الرياضيات منتشر في كثير من البلدان وعلى مستويات مختلفة وينتقل كالعدوى من جيل إلى جيل, بل إنّ كثيراً من الناس يتباهى بكرهه للرياضيات, والأثر السلبي لهذا التصور الخاطئ هو تناقص أعـداد الطلبة اللذين يرغبون بدراسة الفروع المتضمنة للرياضيات أو اللذين يرغبون في التخصص في الرياضيات(9) .
ولذلك فقد أنشأ ألفن وايت شبكة " الرياضيات الإنسانية " وعمل بنشاط من أجل الارتقاء بالرياضيات لكي تكون موضوعا إنسانيا من خلال هذه الشبكة. كما أنّ الهيئة الدولية لتعليم الرياضيات رعت مؤتمرا لتحبب الرياضيات عام 1989م في ليدز ببريطانيا, وكانت ثمرة هذا المؤتمر هو مجلّد تحبيب الرياضيات الذي نُشر عام 1990م بواسطة جامعة كامبردج(10) . لكنّ الشيء المهم الذي سيؤتي ثماره حتماً في تحبيب الأجيال القادمة للرياضيات هو تحسين استخدام أساليب تعليم الرياضيات من قبل المعلّمين, والتخلي عن الطـرق التقليدية في التدريس لكونها عقيمــــة منهجيا ومتجاوزة تاريخيا فضلا عن أنها متزمتة صارمـة غير محببــة تولـّد كرهــا وإحباطا لدى معظم المتلقين, وتولّد أيضا شعورا لديهم بأنّ الرياضيات منفصلة عن الواقع وغير إنسانية بتاتا, وليس لها أي قيمة علمية أو جمالية. أمّا الأساليب المحببّة التي تعتمد على طرح الأمثلة وسياق مفردات واقعية ذات معنى أي تطبيقات مرتبطة بالحياة اليومية فإنّ لذلك الأثر الكبير على تحصيل الطلبة في الرياضيـات. وعليه فــإنّ سبب كراهية النــاس للرياضيات لا يعود إلى طبيعتها, فالرياضيات لمن يراها بعين محايدة هي عبارة عن ألغاز ممتعة وخيال جامح و أرض خصبة للتفكير, السبب يعود إلى طريقة تدريسها وإلى صرامة معلميها على العموم.
الأهداف العامة لتدريس الرياضيات: من المتفق عليه أن الهدف الأساسي من تدريس الرياضيات بشكل عام هو المساهمة في إعداد الشخص للحياة العامة بصرف النظر عن عمله أو تطلعاته مستقبلا من جهة, ومن جهة أخرى المساهمة في إعداد الفرد لمواصلة دراسته في الرياضيات نفسها كمادة أو في شعب أخرى أثناء وجوده في المدرسة وبعد تخرجه منها. ومن ثم يجب :
- إتاحة الفرصة للطالب لممارسة طرق التفكير السليمة كالتفكير الاستقرائي والاستنباطي والتأملي .
- إكساب الطلاب مهارات في استخدام أسلوب حل المشكلات .
- التأكيد على أهمية الرياضيات في حياتنا العامة بمساعدة الطالب على
التعرف على أثر الرياضيات في التطور الحضاري .
- إكساب الدارسين من الطلاب المهارات اللازمة لاستيعاب ما يدرسه
والكشف عن علاقات جديدة .
- مساعدة المتلقي على تكوين ميول واتجاهات سليمة نحو الرياضيات وعلى
تذوقها.
- مساعدة الطالب على الاعتماد على نفسه في تحصيل الرياضيات .
- تنمية بعض العادات السليمة مثل الدقة والنظام والتعاون والاحترام المتبادل والنقد البناء .
- تنمية المهارات الذهنية والابتكارات العلمية .
- التأكيد على أن الرياضيات هي أم العلوم .
- إبراز دور وإسهامات العرب المسلمين في نشأة الرياضيات.
كيفية تحقيق هذه الأهداف:
تدريس الرياضيات مهنة ممتعة ولكنها ليست بالمهمة السهلة, وتستمد متعتها وصعوبتها من طبيعة الرياضيات ووضعها كما سلف الذكر بالنسبة للعلوم الأخرى وطبيعة المتعلم وتصوره لها. وكأي مهنة يحتاج التدريس إلى معرفة وفن. وتتمثل المعرفة بالنسبة لتدريس الرياضيات :
ـ ما يخص الرياضيات نفسها أي الأساسيات اللازمة التي يجب أن يلم بها المدرس وهي معرفة تخصصية. ـ وما يخص دور الرياضيات في الحياة العلمية التكنولوجية المعاصرة أو ما يخص تطوير الرياضيات عبر التاريخ وأثره وتأثره بالنمو الحضاري وهي معرفة عامة. ـ وما يخص أهداف التربية وسيكولوجية التعلم وطبيعة المتعلم وأساليب التدريس وهي معرفة تربوية أو مهنية. أما الفن في التدريس فيتمثل في اختيار المادة المناسبة مع الوسيلة في ضوء الهدف المنشود بما يتلاءم وطبيعة المتلقي.
وإذا كانت المؤسسات التربوية الخاصة بتكوين المدرس تمده بالمعرفة على أنواعها التخصصية والمهنية فإن الخروج إلى الحياة العملية يمده بالخبرة بما يصقل وينمي فن التدريس من جهة وإثراء ثقافته من جهة أخرى. وهذا لا يتأتى إلا إذا كان المدرس يحب الرياضيات فعلا ويسعد بتدريسها ولا يرى فيها هدفا للاسترزاق وحسب وعنده الرغبة والمقدرة على الاستمرار في دراسة الرياضيات, والتطلع على آخر المستجدات المتعلقة بها وتلقينها وقراءة الأبحاث التربوية التي تخصه في عملية التدريس كما يكون لديه حب التجريب والتطوير. وحبَّ المعلم هذا للرياضيات يمكن أن ينتقل إلى الطالب انتقال المرض بالعدوى, أما إنْ غاب عند المدرِّس نفسه فإنه سيُفقَد بالتأكيد عند المتعلم، حتى ولو كان موجودًا بدرجة أو بأخرى, ولما كان من الصعوبة بمكان زرع حبِّ الرياضيات وحبِّ التعليم في قلب مدرِّس لا يرى في الأمر أكثر من واجب وظيفي، فإن من الأهمية بمكان حسنَ اختيار المدرِّسين، لا من ناحية المستوى العلمي فحسب، بل، أولاً، من حيث محبتهم لعلمهم ولعملهم، ومن حيث استعدادهم لأداء رسالتهم، لا من أجل عملهم ذاك, وفي هذا الصدد وجب التذكير بأن التعليم رسالة من حيث المبدأ إلا أنه مؤخرا قد امتُهِنَ وإلى أقصى الحدود. ولعل المقولة الآتية توقظ بعض العقول المغيبة : " فما يُبنى على الصخر يثبت وما يُبنى على الرمل ينهار مع أول هبَّة ريح " (11) .ومن أجل الطالب أيضا وبهدف المساهمة في تجاوز سلبيات ما هو كائن, تسعى المناهج الحديثة لأن تكون أكثر مرونة، بحيث تتيح للمدرِّس قدرةً أكبر على التكيف مع حاجيات الطلاب، ومع مقدار جهدهم ومدى استيعابهم، وبحيث تتيح للطالب مجالاً للاستكشاف بنفسه، وللبحث عما يريد أن يدرس ويتعلَّم، وعبر طرق مختلفة أحيانًا في سبيل تنمية معارفه وتنمية قدراته على التفكير وبالتالي ترجمة هذا التفكير إلى عمل بناء وكذا تطوير مهارات الدارس قدراته على التفكير وبالتالي ترجمة هذا التفكير إلى عمل بناء وكذا تطوير مهارات الدارس واهتماماته وتعميق تحفيزه للاهتمام بمختلف القضايا لتنمية مداركه ومواقفه
- كيفية ادخال تطبيقات الرياضيات في المناهج المقررة و الامور التي يجب مراعاتها:
كيفية إدخال تطبيقات الرياضيات في المناهج المقررة:
إذا كان لتطبيقات الرياضيات أهمية كبيرة بالنسبة للمعلم والمتعلم كما ورد سابقاً فهناك مداخل متعددة لإدخالها في المناهج، منها:
1. دمج التطبيقات في المنهج الموجود، حيث تدرس الأفكار الرياضية وتطبيقاتها في العلوم المختلفة، بحيث تقدم أمثلة تطبيقية تتضمن مواقف حياتية مع كل مفهوم رياضي، وهذا يظهر بوضوح العلاقة بين الرياضيات والعلوم الأخرى بشكل مباشر، وهذا يتطلب وجود المعلم المؤهل الذي يمتلك معلومات متصلة بمجالات التطبيق، كالعلوم، والهندسة، والبيولوجيا والاقتصاد، وغيرها من المعلومات المتنوعة، كما يتطلب تنسيقاً بين معلم الرياضيات وغيره من معلمي المواد الأخرى.
2. "إبراز تطبيقات الرياضيات خلال الدراسة، وإجراء مشروعات تتضمن رياضيات تطبيقية، ويتضمن ذلك الإكثار من التطبيقات في مناهج الرياضيات وتناولها في سياقات تؤكد أهميتها، وعمل مشروعات يشارك فيها التلاميذ جميعاً، وتتطلب معارف تنتمي إلي مجالات متنوعة يشارك فيها التلاميذ جميعاً، وتتطلب معارف تنتمي إلى مجالات متنوعة ومن بينها الرياضيات".
3. إعادة بناء مناهج الرياضيات على أساس العمليات الرياضية (Processes)، وليس علي أساس موضوعات رياضية (Topics)، وفي هذه الحالة سيتمحور التدريس حول ما يسمي بالترييض (Mathematization)، ويكون الاهتمام منصباً على عمليات مثل المقارنة والتصنيف والترتيب والتجريد والترميز والتعميم .... والتي تقع تحت المفهوم العام للترييض أو إتاحة الفرصة للمتعلمين للتعبير عما يحيط بهم وعن مشكلاتهم رياضياً. ( 12) وقد يعني هذا الاعتماد في بعض المناهج المدرسية على النمذجة والنماذج الرياضية، بحيث تصبح أسلوب تفكير في قضايا علمية واجتماعية وحياتية، وتصبح تقنية عامة يفاد منها في مقررات دراسية أخري، وذلك ليتعلم الطلاب كيف يبدؤون من الواقع، وكيف يبحثون عن ارتباطات منطقية بين الأحداث وأسبابها.
4. تقديم مقرر منفصل عن تطبيقات الرياضيات، ومثل هذا المقرر يناسب المستويات العليا (الجامعية)، ويقوم بتدريس التطبيقات متخصصون في المواد العلمية المتعلمة. ويعاب على هذا المدخل انفصال التطبيقات عن المادة العلمية المتعلمة.
إن تطبيقات الرياضيات متعددة ومتنوعة، لدرجة أنها أصبحت إحدى المشكلات التي تواجه واضعي مناهج الرياضيات – الذين يؤمنون بضرورة إدخال التطبيقات – وهي كيفية احتواء هذا الكم الهائل من التطبيقات في مناهج التعليم، مع العلم أن تدريسها ليس بالأمر السهل، وإنما يحتاج إلي دراسة واعية وفهم للرياضيات وتطبيقاتها، ومعرفة دقيقة في العلوم الأخرى وحتى يتم ذلك، لا بد من مراعاة بعض الأمور منها:
1. أن تكون هذه التطبيقات مرتبطة بالواقع الثقافي والبيئي الذي يهم الطالب، وذلك للتدرب على ترجمة هذه المواقف إلي صيغ رياضية، ثم يتعامل معها رياضياً، ويفسر النتائج في ضوء الواقع.
2. أن تكون مصادر التطبيقات الرياضية مثل الكتب، والدوريات، والصحف، والمجلات، ووسائل الإعلام، والمشكلات الحياتية، متاحة ويسهل حصول المعلم والطالب عليها.
3. أن يكون لدى مخططي المناهج، المعلومات عن التطبيقات الممكنة للرياضيات في الرياضيات نفسها، وفي العلوم الأخرى وفي الحياة المحيطة بنا، حتى يمكن اختبار المفاهيم والتراكيب والمهارات التي يحتاجها الطلاب، كما أن معرفة التطبيقات تساعد على تحديد موقع الموضوع في المنهج، وتوافقه مع دراسة موضوعات العلوم الأخرى.
4. أن يتم توفير التجهيزات التي تتطلبها التطبيقات مثل المعامل، والأفلام … وغيرها من الوسائط التعليمية، وأن يكون هناك تناسق بين ما هو موجود في الكتاب المدرسي وما هو موجود في الحياة الواقعية.
5.أن تناسب التطبيقات مستوى الطالب؛ أي تلاؤم جهده وسنه واستعداده وخبرته وميوله، وتسعى إلى تنميتها، سواء أكانت هذه مشكلات فعلية أم مسائل إبداعية، وذلك لتعويده على حل المشكلات المدرسية حتى يتدرج منها إلى مواجهة المشكلات العامة، والمسائل الاجتماعية والاقتصادية، وهذا يؤدى إلى إخراج الرياضيات المدرسية من تجريداتها الصماء بطريقة أو بأخرى، لتصبح لغة تعبير وتفاهم حول كل ما يحيط بالطالب من قضايا ومشكلات، ولكي يصبح تدريس الرياضيات انعكاساً لمتطلبات الإنتاج وحاجات المجتمعات إلى التطور الذاتي.
الخاتمة:
خلاصة القول إن الرياضيات و تطبيقاتها في الحياة هي حجر الزاوية في التقدم العلمي و التقني،و الموضوعات التي طرحت في هذا البحث ربطت بين الرياضيات و الواقع الملموس في محاولة لاستمطار أفكار الطلبة حول أهمية الموضوع في الحياة و التطبيقات حتى لا يصبح حل المعادلات هو المشكلة التي تستهلك وقت و عقول هؤلاء و يغيب عنهم الهدف الرئيس.
إن تعليم الرياضيات بهذه الطريقة يخدم في إطار تسهيل الاندماج في المجتمع،و بدرجة اكبر على تعلم فن التفكير.فإذا لم تصبح الرياضيات ذات علاقة بالفرد باي شكل كان،فان تعلمها سيصبح بلا فائدة و لمجرد الحفظ و الاستذكار الذي ينتهي بالامتحانات بعد استظهارها.
لقد كان الهدف المتوخى من هذا البحث هو السعي نحو تعليم مرتفع الجودة و بالأخص في مجال الرياضيات كونها أم العلوم حتى تتمكن دولتنا العربية و الإسلامية من استعادة مكانتها العلمية و اللحاق بركب التنمية.