الموضوع: (الوفاء)
عرض مشاركة واحدة
  #163  
قديم 31-10-2012, 12:16 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

وأي وفاء هذا..!؟

احتار القلم واحترت معه.. هل أجمع كل حالات الوفاء للنبي صلى الله عليه وسلم حتى تئثر فينا أم أنني أضع كل موقف في مكانه.. ثم كان التوفيق. انظر الى النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة السيدة خديجة بأربع عشرة سنة يوم فتح مكة..انه يوم.. النبي فيه مشغول..! والكل يريد أن يتحدث معه.. منهم من يريد أن يسأله في أمور، ولكنه يرى امرأة عجوزرا قادمة، فيترك الكل، ويجلس معها، ثم يخلع عباءته، فيفردها لها على الأرض ويجلس معها، ويجلس ويتكلم معها ساعة.. كل ذلك وهناك شخص يراقب ما يحدث ولما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم قالت له السيدة عائشة: من هذه يا رسول الله، قال:" انها صاحبة خديجة.. كانت تأتينا أيام خديجة"، فقالت السيدة عائشة: فيم كنتم تتحدثون يا رسول الله؟ فقال:" كنا نتذكر الأيام الخوالي" ويقصد النبي الأيام الجميلة مع خديجة (فغارت السيدة عائشة) وقالت: أما زلت تذكر هذه العجوز، وقد واراها التراب، وقد أبدلك الله من هي خير منها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" لا والله ما أبدلني من هي خير منها، واستني حين منعني الناس، آمنت بي حين كذبني الناس.." رواه الامام أحمد 6\118 والطبراني في المعجم الكبير 23\13 والهيثمي في مجمع الزوائد 9\224.
يا الله.. أي وفاء هذا!؟ يا رجال تخلقوا بأخلاق النبي كونوا أوفياء كما كان النبي صلى الله عليه وسلم..
ويا نساء أما تحببن أن يكون أزواجكنّ أوفياء كما كان النبي صلى الله عليه وسلم..!؟
يا الله! حقا يا له من دين عظيم..
اياك أن تغدر بزوجتك.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" أيما رجل تزوج امرأة على ما قل من المهر أو كثر وليس في نفسه أن يؤدي اليها حقها خدعها، فمات لقي الله وهو زان" رواه الطبراني في المعجم الأوسط 1872 وفي المعجم الصغير 111 والهيثمي في مجمع الزواد 4\132.
انظر الى تعبير النبي:" وليس في نفسه"..
والآن حدّث نفسك وابحث واجتهد حتى تجد اجابة تقنعك.. فالحديث شديد، والآن تذكر.. أين وفاؤك لكل من عرفته في حياتك؟ أصحابك القدامى.. اذهب ورزهم، واسأل عنهم ولو بالتليفون، هيا الآن لا تتردد وتذكر، النية هي الوفاء.

لا يا عباس انه يوم بر ووفاء

تخيّل.. ان الوفاء مطلوب لكل من عرفته في مرحلة حياتك، حتى ولو لم تكن تحبهم!!!
واليك هذه القصة.. كان مفتاح الكعبة مع بني عبد الدار، وكان عثمان بن طلحة من بني عبدالدار، وكان يدخل بعض أشراف قريش الكعبة، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم وقال:" يا عثمان: هلا أدخلتني؟" قال: لا، قال النبي صلى الله عليه وسلم:" يا عثمان لعل يوما تأتي يكون المفتاح معي ولا أعطيه لك.." فقال عثمان: ان جاء ذلك اليوم فبطن الأرض خير لي من ظهرها.. ومضى النبي ولم يدخل، ومرت الأيام وفتحت مكة، وأسلم عثمان بن طلحة وجاء النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: " يا عثمان أين المفتاح؟" فقال: في البيت يا رسول الله أذهب الى أمي فآتيك به.. فذهب لأمه فذكّرته بما كان، وقالت: أتذكر حينما قال لك كذا وكذا.. ان المفتاح في ثيابها قال: يا أمي أعطني المفتاح.. رسول الله يريده.. فوجد النبي أن عثمان قد تأخر، فأرسل اليه عمر بن الخطاب، وقال: اذهب يا عمر فأتني بالمفتاح، فذهب عمر وطرق الباب وقال: يا عثمان أين المفتاح؟ وحينها أخرجت المفتاح في الحال!! ( انه عمر ) فأخذ عمر المفتاح وذهب به الى النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه النبي وقال:"يا عثمان أتذكر يوم قلت لك: لعلي آخذه منك فلا أعطيه لك" فسكت عثمان ( تخيّل.. لو أنك مكان عثمان الان).. ثم جاء العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله أعطني المفتاح ( فيكون مع عائلة عبدالمطلب)، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:" لا يا عباس انه يوم بر ووفاء.. يوم بر ووفاء.. خذوها يا بني عبدالدار خالدة معكم لا يأخذها منكم الا ظالم" ورد المفتاح لعثمان. رواه الطبراني في المعجم الكبير 11234 وفي المعجم الأوسط 492 والهيثمي في مجمع الزوائد 3\285.
والى اليوم مفتاح الكعبة مع قبيلة بني عبدالدار لا يدخل ملك ولا رئيس الا باذن القبيلة، وفاء لعهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ما رأيك في هذا الموقف.. ماذا تفعل لو كنت مكان النبي صلى الله عليه وسلم؟ ان الكلام ميسور ألست معي في ذلك؟ دنيا المتكلمين تسع المزيد فأين أنت يا دنيا العاملين؟!

هيا رفع للحق راية واستقم

والآن انتهى خلق الوفاء وعرفنا أن له خمسة أقسام
وهي: الوفاء مع الله، والوفاء مع رسول الله، والوفاء مع الناس في تعاملك معهم، والوفاء مع من أحسن اليك، وأخيرا الوفاء مع كل من عرفته خلال رحلة عمرك.
هيا: خذ خلق الوفاء بقوة.... أما تحب أن ترفع للحق راية، فهيا ارفع راية الوفاء في كل ميدان، في كل مكان.. واستقم على ذلك، وكن جلدا قويا.. واعلم أن الوفاء يزين الانسان.. فان الله حينما أراد أن يمدح نبيه ابراهيم قال:{ وابراهيم الذي وفّى} النجك 37.
وفيّ بكل أقسام الوفاء، وفيّ بكل ما يستطيع. أشعر بك ستحاول وستجتهد لتكون وفيا، فلقد عرفت كيف تكون وفيا، مع من أحسن اليك.. فلا تنسى وفاءك لهذا الكتاب...!!؟

(من كتاب أخلاق المؤمن - عمرو خالد)
__________________