الموضوع: حدث في ذي الحجة
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-11-2012, 01:17 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New حدث في ذي الحجة



2 من ذو الحجة 1379هـ = 27 من مايو 1960م
انتهت الحرب العالمية الثانية بانقسام العالم لمعسكرين: شيوعي بقيادة الاتحاد السوفيتي، ورأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والتي حلت محل القوى العالمية القديمة إنجلترا وفرنسا وألمانيا، ولقد اتبعت أمريكا عدة طرق لتحل محل حلفائها في المستعمرات ومناطق النفوذ، منها: دعم جماعة سياسية أو حزب من الأحزاب والعمل على تمكينه من السلطة وتوجيهه بعد ذلك لصالح أمريكا، ومنها السيطرة والهيمنة الاقتصادية، ومنها الانقلابات العسكرية إن لم تنفع الوسائل السابقة.
كانت الأوضاع داخل تركيا دولة الخلافة العثمانية سابقًا بالغة التردي والسوء بسبب الحرب العالمية الثانية والسياسة الاستبدادية للحزب الحاكم والطغيان الموروث منذ أيام الهالك أتاتورك، لذلك سمح «عصمت إينونو» خليفة أتاتورك بإنشاء حزب جديد لتنفرج الحريات قليلاً، وكان هذا الحزب هو الحزب الديمقراطي بزعامة «محمود بايار» وقد نال هذا الحزب شعبية كبيرة بين الأتراك، ليس حبًا فيه فهو شديد العلمنة ولكن كرهًا في حزب الشعب الحاكم ومؤسسه أتاتورك.
بعد وفاة «إينونو» أصبح «محمود بايار» رئيسًا للجمهورية، وعهد إلى «عدنان مندريس» بتشكيل الوزارة وذلك سنة 1369هـ - 1950م، وأخذ هذا الحزب الديمقراطي في مسايرة النفوذ الأمريكي فانضمت تركيا لحلف شمال الأطلنطي «الناتو» سنة 1371هـ، ثم عقدت معاهدة صداقة مع اليونان ويوغوسلافيا سنة 1373هـ، ثم كونت حلف البلقان سنة 1374هـ وذلك كله بإشارة أمريكا للإحاطة بروسيا من كل اتجاه ووقف طموحاتها التوسعية.
أعاد «مندريس» تشكيل وزارته سنة 1375هـ وانضم لحلف بغداد الشهير، ولكن تدهورت الأوضاع الاقتصادية بشدة فقامت أمريكا بضخ مساعدات ضخمة لإصلاح الاقتصاد التركي المنهار، ولكن استمرت الأوضاع في التدهور، فقويت شوكة المعارضة ممثلة في حزب الشعب القديم، وازدادت حالة الفوضى الداخلية وبدأت التنظيمات الشيوعية في الظهور داخل تركيا، فبيئة الفوضى والاضطراب هي التربة المناسبة لنمو هذه التنظيمات الملحدة والشيوعية فضلاً عن غياب دور الدين في ردع مثل هذه الأفكار.
وفي سنة 1377هـ شكل «مندريس» وزارته الثالثة والأخيرة، فأخذ في السماح بالحريات قليلاً وقرَّب إليه المسلمين الملتزمين الكارهين لعلمنة أتاتورك ليضرب لهم المعارضة والتيارات الشيوعية، وسمح بتلاوة القرآن الكريم بالإذاعة لأول مرة منذ سقوط الخلافة وقامت الحكومة بافتتاح بعض المدارس الشرعية وكانت هذه الخطوات بمثابة الخطيئة الكبرى التي لا تغتفر من قبل أمريكا وأعوانها.
قامت أمريكا بتدبير انقلاب عسكري بقيادة رئيس أركان الجيش التركي «جمال جورسيل» وهو أحد أخلص تلاميذ أتاتورك وخدم تحت قيادته أيام الحرب العالمية الأولى، ووقع الانقلاب على حكومة «مندريس» في 2 من ذي الحجة سنة 1379هـ الموافق 27 مايو 1960م، وألقى القبض على «مندريس» وأعدم مع اثنين من وزرائه وهما وزير الخارجية «فاتن رشدي»، ووزير المالية «حسن بولاد»، أما رئيس الجمهورية «محمود بايار» فقد حكم عليه أيضًا بالإعدام ثم خفف بالسجن المؤبد لكبر سنه، وبذلك حققت أمريكا أهدافها من هذا الانقلاب، فقضت على المحاولة الخافية لإحياء الإسلام، وضربت التنظيمات الشيوعية والاشتراكية وقضت على آخر بقية باقية للنفوذ الإنجليزي بتركيا، وأثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها تريد نعالاً لا رجالاً.
__________________
رد مع اقتباس