الموضوع: تحليلات سياسية
عرض مشاركة واحدة
  #251  
قديم 11-11-2012, 09:48 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي كيف يمكن إنقاذ سوريا من الحرب الأهلية؟

كيف يمكن إنقاذ سوريا من الحرب الأهلية؟

سلمان الشيخ
تعددت الدراساتُ والكتابات التي سلّطت الضوء على القضية السورية المتأزّمة. وقد زاد الاهتمام الأمريكي بالأزمة السورية مع توقع دخولها مرحلة الحرب الأهلية مع قرب موعد الانتخابات الأمريكية، وانقسام المتنافِسَيْن الديمقراطي "باراك أوباما" والجمهوري "ميت رومني" حول التعامل مع الأزمة السورية.
ومن أبرز تلك الدراسات الدراسة التي أعدها مدير مركز بروكنجز الدوحة "سلمان شيخ" والتي أصدرها المركز في الثامن عشر من أكتوبر 2012 تحت عنوان "ضياع سوريا وسبل تلافيه". وتطرح الدراسة توصيات سياسية لكي تساعد في إنعاش الشراكة بين السوريين الراغبين في التغيير ومؤيديهم في المجتمع الدولي.

سوريا اليوم

يستهل الباحث دراسته بالقول إن "الدولة السورية على وشك الانهيار". فبينما يواصل الرئيس بشار الأسد تصعيد هجماته الوحشية على شعبه، ويفقد السيطرة على مناطق واسعة من سوريا؛ يُثبت كلٌّ من النظام السوري ومعارضوه عجزهم عن تقديم الاحتياجات الأساسية للمواطنين. ومع تزايد تسليح الثوار؛ يقترب الوضع من سيناريو الدولة المنهارة. وتوحي المشاحنات الأخيرة بين العلويين في مسقط رأس الأسد بتصدُّع النظام الذي تخيل البعض كونه مستقرًّا ومتماسكًا بشكل لا يُفصم. وفي ظل فشل المعارضة السياسية في تنظيم صفوفها بشكل فعال لتقديم بديل مقبول لنظام الأسد، ثمة فراغ سياسي يهدد بظهور صراعات طائفية من لبنان إلى العراق.

ورغم تقدم الثوار المسلحين في تحرير المدن السورية من سيطرة نظام الأسد؛ لا تزال تلك المناطق المحررة في شمال وغرب البلاد عُرضة لهجمات قوات نظام الأسد، وتعاني من ضعف البنية التحتية، ونقص الإمدادات. إضافة إلى عجز المعارضة الخارجية عن إقناع العديد من السوريين في الداخل –وخاصة العلويين والمسيحيين- برؤيتهم لسوريا ديمقراطية.

وكثيرًا ما يحذر بشار الأسد السوريين من الفوضى التي ستعم البلاد في حالة غياب نظامه، ومن أن محاولات إسقاطه "ستضرم النيران في المنطقة". ويبدو أن نظامه بدأ يزيد من اشتعال تلك النيران. فبعد أن فقد السيطرة على مناطق واسعة من البلاد؛ يقوم النظام السوري بحملات قصف وحشية وعشوائية على تلك المناطق، مما يتسبب في سقوط أعداد كبيرة من القتلى المدنيين، كما تسعى قوات الأسد لإشعال الحرب الطائفية في البلاد.

وتشير الدراسة إلى أن قادة الأكراد يتحدثون عن تزايد التوتر داخل المجتمع الكردي بسبب قوات الأسد. فعبر العراق، يواصل كل من النظام السوري وإيران تسليح حزب الاتحاد الديمقراطي، وهو الجناح السوري المنبثق عن حزب العمال الكردستاني المسئول عن المناطق الكردية والمختلطة شمال وشرق البلاد. ونتيجة للتوتر بين حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردستاني (وهو تحالف مكوّن من ستة عشر حزبا) وبين العرب والأكراد بوجه عام، بات الوضع في تلك المناطق على حافة الهاوية، وقد يتدهور سريعًا في أي وقت، من وجهة نظر الباحث.

ثورة مسلحة ممزقة

وما يزيد الأمر سوءًا -على حد اعتقاد الشيخ- هو أن جماعات المعارضة المسلحة وألوِيَتها تجاهد من أجل الاتحاد معًا. ورغم أن جهود تعزيز تلك الجماعات على المستوى الإقليمي بدأت تؤتي ثمارها في إدلب وحلب على سبيل المثال، فإنها لن تستمر طويلا؛ حيث غالبًا ما يحاول القادة المدنيون تشكيل ائتلافات مع قادة آخرين، بينما يحاولون الحفاظ على امتيازاتهم، والتماسك داخل وحداتهم الأساسية. ولكن يتضح أن الانقسام يظهر بين هذه الميليشيات على خلفيات دينية، أو ما بين البدو والحضر، أو ما بين المدنيين والعسكريين، أو حتى على خلفية المناطق التي تنتمي إليها الميليشيات.

ويوضح الشيخ أن الدعم المحدود الذي تتلقاه تلك الميليشيات من المجتمع الدولي لا يزال يفتقر إلى الاستمرارية والتنسيق، مما يتسبب في تزايد المنافسة بين الميليشيات. ويشير الباحث إلى أن القوى الإقليمية مثل المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا تسعى من أجل تنظيم وتنسيق الجهود لدعم الثوار.

وترى الدراسةُ أن الجماعات الإسلامية (مثل صقور الشام في إدلب، وأحرار الشام في حلب، وجبهة النصرة، الأقرب أيديولوجيًّا إلى تنظيم القاعدة) حققت بعض التقدم في توحيد صفوفها تحت لواء جبهة التحرير السورية المُشَكَّلة حديثًا؛ إذ تحارب تلك الجماعات، ليس من أجل الإطاحة بالأسد فحسب، وإنما تستعد أيضًا للفترة التي تلي انتهاء نظامه.

أما الجماعاتُ الأخرى ذات الميول العلمانية مثل كتائب شهداء سوريا في إدلب (التي حاربت إلى جانب صقور الشام وغيرها من الجماعات الإسلامية) فلم يُسمح لها بالانضمام رسميًّا للائتلاف الإسلامي الجديد.

وفيما عدا بعض الاستثناءات، وجد قادة جيش الأسد المنشقون دعمًا أقلَّ بكثير من المتوقع. فأغلب الضباط المنشقين الـ700 أو أكثر -وبينهم من كبار الضباط- يعانون في معسكرات اللاجئين في الأردن وتركيا. ولم تنجح محاولاتهم في إرشاد وقيادة الجيش السوري الحر، نظرًا لنقص الدعم الخارجي والمركز الذي يمكن العمل من خلاله. بل إن قرار الجيش السوري الحر مؤخرًا بنقل مقر قيادة العمليات من جنوب تركيا إلى داخل سوريا ترك العديد من المراقبين متشككين في قدرة قائد الجيش العقيد رياض الأسعد على توحيد صفوف الثوار. وما لم يُثبت الأسعد تقدمًا على أرض الواقع، سيُعد انتقال مقر القيادة مجرد عمل دعائي يهدف إلى الرد على منافس العقيد الأسعد، اللواء مصطفى الشيخ الذي مارس سلطاته من خلال إقامة المجالس العسكرية في المدن والمحافظات الرئيسية في سوريا.

ومن ثم، باتت حاجة التأكيد على الوحدة العسكرية ودور القانون أكثر إلحاحًا في المناطق التي يسيطر عليها الثوار. وثمة قلق متصاعد من أن يتزايد الفراغ الحكومي مع تراجع سيطرة حزب البعث التابع لنظام الأسد، مما قد يشجع على المزيد من الصراع بين الطوائف الدينية المختلفة والمتطرفين دينيًّا.

لذا دعا أحد الضباط المنشقين إلى التأكيد على ضرورة الإسراع في توحيد المجالس العسكرية المحلية والكتائب على النطاق المحلي، مؤكدًا أن الفشل في تحقيق ذلك في غضون الشهرين القادمين قد يؤدي إلى "فوضى كبرى داخل سوريا". فضلا عن تحذيره من أن سوريا ستظل تجتذب الجهاديين من أنحاء المنطقة، لتصبح في النهاية أكثر دول المنطقة خطورة.

ويبقى الخطرُ في أنه إذا انهار نظام الأسد غدًا، فلن يكون بمقدور أية قوة السيطرة على الوضع الأمني داخل سوريا. فقد ينفصل قادة الجيش العلويون بجنودهم حال انهيار نظام الأسد، وحينها ينهار الجيش السوري قبل أن تتواجد قوة وطنية بديلة لتحل محله. وقد يصبح الأمر مثل العراق بعد التفكيك الإجباري لجيشه عام 2003، وما ترتب عليه من انهيار القانون والنظام، وتصاعد العنف الطائفي، من وجهة نظر الشيخ.

معارضة سياسية غير موحدة

لا تزال فكرة التنسيق والتلاحم مبهمة بالنسبة للجماعات السياسية المختلفة داخل جبهة المعارضة السورية المفككة، على وصف الباحث. فقد اتفق عدد كبير من الجماعات (وبينها المجلس الوطني السوري وجماعات منافسة مثل هيئة التنسيق الوطنية وغيرها) على رؤية وطنية لمستقبل البلاد في مؤتمر القاهرة في يوليو الماضي؛ حيث تم شرح تلك الرؤية في وثيقتين: الميثاق الوطني، الذي يحدد عددًا من المبادئ المشتركة التي قد تشكل أساس الدستور القادم؛ وبرنامج المرحلة الانتقالية، الذي يوضح الخطوات التي قد يتم اتخاذها قبل وبعد سقوط الأسد. غير أن هاتين الوثيقتين لم تلقيا الاهتمام الكافي منذ ذلك الحين، كما فشلت المعارضة خارج سوريا في التواصل وشرح رؤيتها داخل البلاد.

ويشير الشيخ إلى أن الحاجة إلى نجاح المعارضة في إقناع الأقليات السورية بالانضمام إلى مشروع وطني موحد باتت أكثر إلحاحًا الآن عن أي وقت مضى. غير أن قوى المعارضة السياسية لم تحرز تقدمًا كافيًا في هذا الصدد، وذلك بسبب الانقسامات الداخلية فيما بينها.

أما من يفقدون الثقة في الأسد، فلا يزالون عاجزين عن معرفة الطريق الذي ينبغي أن يلجئوا إليه. ومن ثم يرى الباحث أنه ينبغي على المعارضة السياسية أن تستغل هذا السخط كدافع للحوار من أجل معارضة موحدة تخاطب مخاوف العلويين المتزايدة.

وقد بات نظام الأسد يفقد مؤيديه الواحد تلو الآخر، حتى أصبحت الدائرة المحيطة به قاصرة على أسرة الأسد ومخلوف، وبعض القيادات الموالية له من كبار ضباط الجيش وقوات الأمن. بينما تسبب انشقاق كبار الساسة ورجال الجيش السنة وهروب كبار رجال الأعمال وشيوخ القبائل في تقويض شرعية النظام، وكشفت أساسه الطائفي.

حدود الجهود الدبلوماسية الحالية

ترى الدراسة أن مبادرات حماية المدنيين لم تعد ذات فائدة، لا سيما وأن مؤيديها لا يملكون القدرة على تنفيذ عمليات عسكرية باهظة التكاليف، فضلا عما تنطوي عليه من مخاطر.

وتُشير إلى أن الرئيس المصري المنتخب أثار دهشة الكثيرين بدعوته القوية لتنحي الأسد عن منصبه، وإقامة لجنة رباعية إقليمية تضم السعودية وإيران وتركيا إلى جانب مصر من أجل وضع تسوية إقليمية بشأن سوريا. غير أن ثمة تساؤلات حول تلك المبادرة، وحول ما إذا كان بمقدور الدول الثلاثة الاتفاق على شيء مشترك مع إيران.

ولا يستبعد الباحث أن تنجح تلك المبادرة إذا كانت إيران مستعدة لفصم عرى الصلة مع نظام الأسد من أجل شراكة استراتيجية مع الإخوان المسلمين في مصر وسوريا وغيرها، فقد يكون هذا هو أساس ما يرمي إليه الرئيس مرسي، أما إذا واصلت إيران مساندة الأسد -كما هو متوقع- فلن يحدث أي تقارب في العلاقات مع مصر، أو أي شراكة استراتيجية طويلة الأمد بين البلدين.

ويرى الشيخ أن الجهود الدبلوماسية بقيادة مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الأخضر الإبراهيمي قد لا تؤدي إلى أية نتائج مرجوة في الفترة القادمة. فالانقسامات المتزايدة داخل المجتمع الدولي –لا سيما داخل مجلس الأمن- تعني أنه يواجه مهمة تزداد صعوبة يومًا بعد يوم. والحقيقة المؤلمة هي أن المجتمع الدولي -حتى وإن اتحد- قد لا يكون قادرًا على ردع النظام الذي يقاتل من أجل البقاء.

الخطر الإقليمي المتصاعد

بينما تقترب سوريا من حافة حرب أهلية دموية؛ تواجه المنطقة احتمالات مخيفة، لا سيما في المنطقة التي تعج بالصراعات الطائفية الممتدة من شواطئ شرق المتوسط إلى الخليج العربي. ومع استشراء العنف وتزايد أعداد اللاجئين بالفعل في لبنان وتركيا والأردن والعراق، تتصاعد أيضًا التحديات التي تواجهها المنطقة بشكل كبير.

فثمة بالفعل أزمة إنسانية داخل سوريا وعبر حدودها، في ظل نزوح نحو 300 ألف لاجئ خارج سوريا ووجود أكثر من 1.5 مليون مشرد داخلها. ومن المتوقع أن تزداد الأزمة الإنسانية سوءًا، لا سيما في المناطق حول حلب ودمشق، على حد قول الباحث.

وتتحدث الدراسة عن احتمالات في تصاعد الإرهاب وانعدام الأمن في تركيا، واشتعال الحرب الطائفية في لبنان وربما العراق، لا سيما في ظل وجود دلائل على تورط حزب الله في الصراع السوري. ومن ثم يكون التساؤل عمن يمتلك القدرة على وقف الحروب الأهلية المتزامنة في لبنان وسوريا والعراق.

وفي نهاية دراسته يطرح الباحث خمس توصيات سياسية تساعد في إحياء الشراكة بين السوريين الذين يحاربون من أجل التغيير وبين مؤيديهم في المجتمع الدولي تتمثل في:

(1) توحيد الشعب السوري حول مشروع وطني لبناء سوريا.
(2) بذل جهود بقيادة أمريكية لتوحيد القنوات الدولية التي تقدم الدعم العسكري وغير العسكري لجماعات المعارضة.
(3) دعم المشروعات التي يتولاها المجتمع داخل سوريا لتعزيز وحدة المعارضة والعلاقات بين الطوائف المختلفة.
(4) فتح حوار عقلاني بشأن قضية الأكراد في سوريا.
(5) تنسيق الجهود للتخطيط لفترة ما بعد رحيل الأسد.

وينوّه الباحث إلى أن تقاعس الولايات المتحدة والمجتمع الدولي يزيد من صعوبة المهمة الرئيسية المتمثلة في جعل سوريا "بلدًا ديمقراطيًّا يكفل حقوق كافة الطوائف". ومن ثم يحض على اتخاذ خطوات فورية ملموسة كالمذكورة أعلاه قبل أن تصبح النتائج في سوريا أكثر كارثية، مشدِّدًا على أن فكرة الإسراع بسقوط النظام السوري ترتبط بالاستعدادات لمرحلة سقوط النظام.
رد مع اقتباس