أنَّ العبد المؤمن يحتاج للمزيد من تدبر هذه القضية الكبرى، والحقيقة العظمى في الكون والحياة مطلقاً؛ إذ إنَّ الشيطان أقسم بإضلال الناس وغوايتهم، بحيله الماكرة، فقال: {وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ} [سورة النساء: 119]، فلا رادَّ لذلك، ولا عاصم إلاَّ الاستمساك والاعتصام بتوحيد الله، وتصفية النفس من درن الباطل، والرَّان المنطبع على القلب، ولا يتمّ ذلك إلا بثبات التوحيد في القلب؛ فالتوحيد كما أنَّه صلب، ولا يحتمل التموُّج والمساومة في مبادئه، فهو كذلك شفَّاف يقدح فيه أدنى شيء يخلُّ بلوازمه ومقتضياته، وقد عبَّر عن ذلك الإمام ابن القيِّم ـ رحمه الله ـ بقوله: "التوحيد أشفُّ شيء وأنزهه، وأنصعه وأصفاه وأدنى شيء يخدشه ويدنسه ويؤثِّر فيه، فهو كأبيض ثوب يكون، يؤثِّر فيه أدنى أثر، وكالمرآة الصافية جدَّاً، أدنى شيء يؤثِّر فيها، ولهذا تشوهه اللحظة واللفظة والشهوة الخفيِّة" (الفوائد لابن القيم:42).