أشتاق لِأَن أغمض عيني *** أن أهجرَ لفح الأيام
أن أهربَ من واقعِ يومي *** و أهاجرَ نحو الأحلام
أن أشعرَ بالبردِ الحاني *** يتسللُ بين الآلام
أن أغلق جفنيَ ثم أرى *** رُوحيَ تختلط بأقلام
أقلامٌ ترسم أزهاراً *** تتمايل من غير ملام
ترسم أشجاراً أنهاراً *** أنواراً تسبحُ بهيام
أو ترسم سحباً بيضاءاً *** تختلط بطيرٍ حوام
ترسمنيَ طفلاً شفافاً *** يلهو , كالبدر البسام
أسمع ضحكاتيَ و صداها *** يتردد مثل الأنغام
أتمازج معْ كل جميلٍ *** حولي , و نغني بسلام
ما أحلى العيش هنا خِلِّي *** , صوراً في لوحة رسام
لكنّ الخيرَ المحضَ أبَى *** أن يوجد حتى بمنام
فلمحت عقاباً موتوراً *** ينشر ظلمته كغمام
قد كان يراقب أحلامي *** ينظرُ في حقدٍ هدَّام
غافلني حيناً ثم أتى *** حتى بادرني بسهام
بسهامٍ وقعت في صدري *** فسقطْتُ على طِيبِ رُغام
إذْ أنِّيَ ما زلت بأرضي *** في حلمي, رغم الآلام
أحسستُ بهِ يصرخ نحوي *** ينهرني من غير كلام
أنْ عُدْ للواقع يا هذا *** تباً , دَعْ هَذْيَ الأوهام
فأجبْتُ بكلا , لا أبغي *** لن أترك أرض الأحلام
و أعود لواقعيَ القاسي *** لأراضٍ ملئت بحِمام
سأظل هنا فقد اخترتُ *** أبغي أن أحيا بوئام
لن أرجعَ فاقتلْ إنْ شئْتَ *** جندِلْنيَ , مزق بحسام
لن أخضعَ أو أفتحَ عيني *** فاقتلْ , فسأرْدى بسلام