الموضوع: تحليلات سياسية
عرض مشاركة واحدة
  #264  
قديم 18-11-2012, 12:00 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي تداعيات الموقف المصري من الهجوم الإسرائيلي على غزة

تداعيات الموقف المصري من الهجوم الإسرائيلي على غزة

محمد عبد الله يونس
م تكد تنقضي تداعيات الهجوم على قوات الشرطة المصرية في شمال سيناء حتى تفجرت الأوضاع من جديد في بؤرة الأزمات الحدودية بين مصر وقطاع غزة وإسرائيل، فالهجمات الصاروخية المتكررة لفصائل المقاومة الفلسطينية التي انطلق بعضها من الحدود المصرية، وفق تأكيد المصادر العسكرية الإسرائيلية دفعت إسرائيل إلى بدء عملية عسكرية تحت اسم "عامود سحاب" تخللها اغتيال أحمد الجعبري القائد العام لكتائب القسام التابعة لحركة حماس بما وضع العلاقات المصرية الإسرائيلية من جديد في طور التصعيد بعد فترة تهدئة نسبية أعقبت إيفاد السفير المصري "عاطف سالم" إلى تل أبيب.
متوالية التصعيد:

كشفت تطورات الأوضاع الميدانية في قطاع غزة أن مصر لم يعد بإمكانها القيام بدور الوسيط المحايد في خضم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأن توترات علاقاتها مع إسرائيل والتباين في منطلقات الدولتين الآخذ في الاتساع يحول دون أداء ذلك الدور الذي اعتبر قوام الدور الإقليمي لمصر وفق المنظور الأمريكي على مدار عقود قبيل سقوط النظام السابق، وفي هذا الإطار تكشف أبعاد الموقف المصري عن عدة دلالات كاشفة:

- لم تنجح جهود الوساطة المصرية بين حركة حماس وإسرائيل في وقف التصعيد المتواصل بين الطرفين، على الرغم من تهديد مصر جديًّا لإسرائيل بتقليص العلاقات، واتخاذ موقف مغاير لما جرت عليه الأوضاع خلال عهد النظام السابق، وفي المقابل كان عودة إطلاق الصواريخ من قطاع غزة ثم اغتيال أحمد الجعبري، القائد العام لكتائب القسام، وإعلان إسرائيل رفض التهدئة وما تبعها من هجمات صاروخية طالت مدنا إسرائيلية حيوية مثل تل أبيب وديمونة؛ مؤشرات على انهيار جهود الوساطة المصرية.

- اتخذت مصر جملة إجراءات ردًّا على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، أهمها سحب السفير المصري من تل أبيب، واستدعاء السفير الإسرائيلي لتوضيح إدانة مصر الاعتداء على قطاع غزة، والدعوة لعقد جلسة طارئة لوزراء الخارجية العرب ومجلس الأمن لإدانة الممارسات الإسرائيلية، بما يعكس تغيرًا نسبيا في مسارات الحركة المصرية إذا ما قورنت بردود الأفعال على الممارسات الإسرائيلية خلال الحرب على لبنان عام 2006 والحرب على غزة عام 2008، على مستوى انتزاع المبادرة، وسرعة وتيرة الإجراءات، وعلى المستوى الرمزي رفعت وزارة الخارجية المصرية على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي صورة للعلم الفلسطيني، مع أشد عبارات التنديد بالهجوم الإسرائيلي، كمؤشر آخر على التغير في المواقف المصرية على مستوى التوجهات.

- يعتبر قرار الرئيس مرسي إيفاد رئيس الوزراء د. هشام قنديل إلى قطاع غزة ضمن وفد رفيع المستوى في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي بمثابة مبادرة غير مسبوقة على مستوى الحركة الخارجية المصرية إزاء تطورات الأوضاع على الساحة الفلسطينية، وإن كانت الزيارة التضامنية تحمل مضامين رمزية أقوى من كونها إجراء لإنهاء العدوان، أو تمهيدًا لترتيبات جديدة في العلاقة مع حركة حماس.
- إعلان مصر فتح معبر رفح للمصابين والعابرين من قطاع غزة يكشف عن تحول مصر في عهد الرئيس محمد مرسي إلى ظهير استراتيجي لحركة حماس في قطاع غزة، ربما للروابط الوثيقة بين الحركة وجماعة الإخوان المسلمين؛ إلا أن تلك الإجراءات لا تخلو من مخاطر أمنية ترتبط باحتمالات قصف إسرائيل للمعبر والمنطقة الحدودية في سيناء إذا ما تكرر إطلاق الصواريخ، وتصاعد قوة التنظيمات التكفيرية في سيناء.

- جاءت البياناتُ الأولية لجماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي "حزب الحرية والعدالة" محملة برسائل حول ضرورة إدراك إسرائيل مدى التغير الهيكلي في السياسة الخارجية المصرية، يضاف إلى ذلك رسائل أخرى ترتبط بتوجيه اللوم للأنظمة العربية، ودعوة الحكومة لقطع العلاقات مع إسرائيل بما يعكس مستوى التوظيف السياسي للأحداث الخارجية، واستمرار أداء دور المعارضة والسلطة في آنٍ واحد، وهو ما تأكد بدعوة الجماعة لتنظيم مليونية حاشدة لنصرة غزة ودعم الشعب الفلسطيني.

أسباب التصعيد:

استنفدت مصر كافة الإجراءات التصعيدية غير الصدامية حيال إسرائيل خلال فترة وجيزة للغاية من بدء العدوان، وهو ما يعكس مراجعة للنهج التدريجي البطيء نسبيًّا في ردود الأفعال على التوترات الإقليمية الذي كان متبعًا خلال عهد الرئيس السابق.

بيد أن سرعة وتيرة الإجراءات المصرية يضع مصر بين خيارين للرد على مزيد من التصعيد الإسرائيلي، أولهما الاكتفاء بما تم اتخاذه من إجراءات سابقة بما يضفي استاتيكية على الموقف المصري، والخيار الثاني يتمثل في اللجوء لخيارات أكثر صدامية قد تفجر الأوضاع المتوترة مع إسرائيل، مثل إصدار قرار بمنع السفن الإسرائيلية من عبور قناة السويس، أو الإعلان عن دعم عسكري لحركة حماس، أو إلغاء الملحق العسكري لمعاهدة السلام من طرف واحد، وجميعها خطوط حمراء في العلاقات المصرية الإسرائيلية قد تؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة، ومن غير المرجح أن تلجأ إليها مصر على الأقل على المدى المتوسط، وفي هذا الإطار يرتبط تسارع وتيرة تصعيد الموقف المصري بعدة أسباب:

- الرغبة المصرية في مراجعة ثوابت العلاقات المصرية الإسرائيلية، لا سيما الملحق العسكري لمعاهدة السلام، وإعادة نشر القوات في المنطقة.ج الحدودية، والتي عبرت عنها مصر ضمنا، ورفضتها إسرائيل، بما دفع مصر إلى اتخاذ موقف أكثر شدة في الأزمة الراهنة.

- محاولة القيادة المصرية إثبات تغير مواقف وتوجهات مصر تجاه إسرائيل بعد الثورة تجاه القضية الفلسطينية، وأنها لن تتوانى عن دعم قطاع غزة في مواجهة إسرائيل، وهو ما يرتبط بإعادة إحياء الدور الإقليمي لمصر في محيطها العربي، وفق منظور أكثر استقلالية عن الرؤية الأمريكية التي قلصت مساحته وحدود حركته خلال عهد مبارك.

- تهدئة الأوضاع الأمنية في شمال سيناء، واستغلال التوترات الأمنية في إعادة انتشار قوات الشرطة، وتكثيف جهود الوساطة مع التيارات الجهادية التي ترى في إحجام النظام عن مواجهة إسرائيل مخالفة لأصول الشريعة تستوجب مواجهاتها بما يجعل تغير الموقف المصري أحد أدوات التفاعل مع تحولات الواقع الأمني في سيناء.

- استعادة الترابط في صفوف النخبة السياسية في ظل سيادة الاستقطاب السياسي والتناقضات الأيديولوجية حول مسودة الدستور والملفات الداخلية الأكثر حيوية، واستمرار الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والحراك المهني والعمالي وتصاعد وتيرة الإضرابات، بما جعل السياسة الخارجية إحدى أدوات تهدئة الوضع الداخلي المأزوم مرحليًّا.

تداعيات متشابكة

يرتبط سياق تفجر الأوضاع على الحدود المصرية الإسرائيلية بالزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لمصر فيما يبدو ترسيخًا لمحور إقليمي جديد يضم مصر وتركيا، ويجتذب اهتمام أقطاب إقليمية أخرى لا سيما قطر، ومن المرجح أن تكون القضيتان السورية والفلسطينية في بؤرة التجاذبات الإقليمية في ظل تلاقي المصالح المصرية التركية، وتقارب المواقف حول هاتين القضيتين، بما يُثير مخاوف إسرائيلية بالغة من سياسة احتواء إقليمي أو استراتيجية لشد الأطراف بتفجير القضايا الخلافية.

على مستوى آخر يرتبط التصعيد مع قطاع غزة باقتراب انتخابات الكنيست المبكرة في مخاض عسير لحزبي الليكود والعمل، قطبي الائتلاف الحاكم، للاحتفاظ بعدد مقاعد يسمح بإعادة تشكيل الحكومة، فضلا عن محاولة إسرائيل التشدد حيال نظام الرئيس مرسي، خشيةَ اتجاهات لتوثيق التحالف مع حركة حماس، وتغير هيكلي في السياسة المصرية تجاه إسرائيل يطال ثوابت العلاقات بين الدولتين وخاصة معاهدة السلام.

في المقابل، تتحسب مصر لاحتمالات قيام إسرائيل بشن هجوم على المنطقة الحدودية بين قطاع غزة وسيناء، ومهاجمة الأنفاق الحدودية، أو معبر رفح، وهو ما تجلى في تشديد الإجراءات الأمنية، وتعزيز الانتشار الأمني على الحدود، وتحذيرات أمنية لسكان المناطق الحدودية من الاقتراب باتجاه الخطوط الحدودية الفاصلة مع قطاع غزة.

وإجمالًا، على الرغم من التغير في مواقف مصر فإنها لا تزال تقوم بجهود وساطة بين حماس وإسرائيل، والتي ربما تسفر عن تهدئة هشة موقوتة مرجحة للانهيار، بينما سيؤثر التغير في المواقف المصرية على اتجاه علاقاتها مع الولايات المتحدة التي تضع أمن إسرائيل كأحد أولويات سياستها الخارجية، وقد تتعرض مصر لمزيد من الضغوط الأمريكية وخاصة على مستوى المساعدات الاقتصادية، وقد تتأثر الجهود المصرية في الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي سلبا بالتحولات في الخطاب المصري تجاه إسرائيل.
رد مع اقتباس