مصدر المياه العذبة في الأرض
والشمس هي أساس وجود المياه العذبة في الأرض، سواء أكانت هذه المياه هي مياه الأنهار أو المياه الجوفية. فكما هو معروف، إن أشعة الشمس تتسبب في تسخين المياه الموجودة في البحار والمحيطات، ولذلك تبدأ عمليات التبخير التي تحدث لهذه المياه - والتبخير يبدأ من درجة واحد مئوية حتى ما قبل درجة الغليان- فيتصاعد بخار الماء إلى طبقات الجو العليا، ويتم تكثيف بخار الماء مكوناً السحُب، وهذه السحُب تصطدم ببعضها البعض فينتج عن ذلك سقوط الأمطار التي تختلف في سقوطها من منطقة لأخرى، وهذه الأمطار هي أساس تكوّن المياه العذبة في الأرض، وهي مصدر مياه الأنهار والمياه الجوفية. وحديثاً تستخدم الطاقة الشمسية لتحلية مياه البحار في بعض الدول لإنتاج مياه عذبة، لمواجهة نقص المياه الصالحة للشرب.
هذا وقد يَستغل الطاقةَ الشمسية بعضُ سكان المناطق الحارة في إعداد الطعام؛ ومن ذلك ما يعرف "الخبز الشمسي"، حيث يتم إعداد الخبز وتركه في الشمس لينضج بدلاً من استخدام الأفران.
علاجٌ لأمراض العظام
الشمس علاج لأمراض العظام ومصدر لفيتامين "د". فالتعرض لأشعة الشمس هو علاج لمرضى الكساح وتقوس الساقين، ولذلك ينصح الأطباء أمهات الأطفال اللواتي يعانين من تقوس الساقين، بتعريض أبنائهم لأشعة الشمس وقت الشروق أو الغروب. وكذلك ينصح الأطباء كبار السن الذين يعانون من هشاشة العظام، بالتعرض لضوء الشمس وقت الشروق أو وقت الغروب. وأيضاً يلاحظ أن الذين يمارسون الأعمال اليدوية ويتعرضون للشمس أوقاتاً طويلة، تكون عظامهم أقوى بكثير ممن يجلسون في المكاتب أوقاتاً طويلة.
والتعرض لأشعة الشمس قد يضر بالبشرة ويسبب أمراضاً للجلد، وقد يحدث ضربة شمس للأشخاص غير المتعوّدين على التعرض لأشعة الشمس. ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أن جعل سكان المناطق الاستوائية الحارة، ذوي بشرة سمراء، حيث يحتوي جلدهم على كمية كبيرة من صبغة الميلانين التي تقيهم شر التعرض لأشعة الشمس، الأمر الذي يجعلهم أكثر تكيفاً مع أشعة الشمس من غيرهم. ولذلك فنرى أن الشخص الذي لا يوجد في جلده صبغ الميلانين لا يستطيع تحمل أشعة الشمس، إذ يطلق عليه "عدو الشمس" أو "الأمهق".
مصدر الطاقة المتجددة في التنمية
والطاقة الشمسية أحد مصادر الطاقة المتجددة التي سوف يعتمد عليها مستقبل البشر في السنوات القادمة. وهذا الاعتماد يعود إلى اقتراب نفاد الوقود الحفري (البترول والغاز الطبيعي والفحم)، وإلى التغيرات المناخية التي تحدث بسبب انبعاث الغازات الناجمة عن احتراق الوقود الحفري، وهذه التغيرات المناخية تدفع البشرية لاستخدام وسائل للطاقة أكثر أمناً، والتي لا ينتج عنها أدخنة وغازات ضارة.
فالطاقة الشمسية بدأ - بالفعل- العديد من الدول في الاعتماد عليها، وإنشاء بعض محطات لاستغلال الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء، بل إن الدول الأوربية بدأت في الإعداد لتوليد الطاقة الكهربية في الصحاري الإفريقية وتصديرها إلى أوربا، لأن الشمس تشع بكثافة أكبر ولمدة أطول في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط بالمقارنة إلى أوروبا، بالإضافة إلى وجود مساحات كبيرة غير مستغلة في هذه المنطقة، مع العلم أن استغلال نسبة صغيرة منها قد يكفي لتغطية حاجة أوروبا من الطاقة.

ومن فضل الله عز وجل على الدول الإسلامية أن أشعة الشمس ساطعة في أغلبها، ويمكن للدول الإسلامية الاستفادة من هذه الطاقة المتجددة في التنمية، وأن تصبح الدول الإسلامية مصدراً للطاقة الشمسية في العالم كما هو كائن الآن، حيث إن الدول الإسلامية هي المصدر الرئيسي في الوقود الحفري في العالم.
وللطاقة الشمسية آفاق مستقبلية واسعة ورحبة في السنوات القادمة كأحد مصادر الطاقة المتجددة، ويبدو أنه في المستقبل القريب، سوف يكون هناك سيارات تسير بالطاقة الشمسية؛ يكون لها خلايا شمسية أعلى السيارة، تستقبل أشعة الشمس وتحولها إلى طاقة كهربية يتم استخدامها في تسيير السيارات وتخزين الطاقة، ليُتمكّن من استخدام السيارة في الليل أيضاً.
أخت يوشع
سميت الشمس أيضاً بـ"أخت يوشع"، نسبةً للنبي يوشع بن نون عليه السلام. ويروى أن النبي يوشع بن نون عليه السلام دعا الله سبحانه وتعالى أن يؤخر غروب الشمس، لكي ينتصر جيشه على جيش أعدائه، فنبي الله يوشع بن نون، وهو الذي خرج ببني إسرائيل من التيه ودخل بهم بيت المقدس بعد حصار وقتال شديد، وعندما صار النصر قاب قوسين أو أدنى، كان وقت العصر قد أزف، واليوم كان يوم الجمعة واليوم التالي هو يوم السبت -وهو يوم السبوت وعدم العمل لدى اليهود- وإن دخل عليهم المغيب، لَدخل بغياب الشمس يوم السبت فلا يتمكنون معه من القتال، فنظر إلى الشمس ثم دعا ربه بأن لا تغيب الشمس حتى يتم استثمار الهجوم والنصر، وبقدرة الله سبحانه وتعالى كان له ذلك.
يقول أمير الشعراء أحمد شوقي:
قفي يا أخت يوشع خبرينا *** أحاديث القرون الغابرينا
الشمس مخلوق من خلق الله عز وجل، ومن أفضالها العديدة على البشرية، عبدَها الناس في العصور المختلفة، وظنوا أنها إلهٌ يعبد في الأرض، وذكر الله سبحانه وتعالى لنا أن سيدنا إبراهيم عليه السلام، في مرحلة بحثه عن الحق والحقيقة، والاهتداء إلى أن الله سبحانه وتعالى هو الإله الواحد الأحد، وقبل أن يوحى إليه ويصبح نبياً، كفر بالأصنام، وتفكر في الخلق؛ ولما رأى الشمس بازغة مشرقة، ظن أنها الإله الخالق، ولكن لما رأى الشمس تغرب تبرأ مما يعبده الناس من غير الله سبحانه وتعالى، وأعلن أنه يعبد الله وحده مخلصاً له الدين: ﴿فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (الأنعام:78-79).
فسبحانك اللهم خالق الشمس وخالق الكون وخالق الخلق، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام... نحمدك على نعمة وجود الشمس وأنت القائل: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ ، ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾(النحل:18)..
.