الموضوع: تحليلات سياسية
عرض مشاركة واحدة
  #275  
قديم 29-11-2012, 01:13 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي السيناريوهات المحتملة للاحتجاجات الأردنية بعد رفع الأسعار

السيناريوهات المحتملة للاحتجاجات الأردنية بعد رفع الأسعار


أحمد زكريا الباسوسي

أشعل قرار حكومة عبد الله النسور في الأردن برفع أسعار المحروقات والمنتجات البترولية الشارع الأردني؛ حيث تضمن القرار رفع أسعار أسطوانات الغاز بنسبة 50%، والديزل والكيروسين بنسبة 33%، و14% في سعر لتر البنزين منخفض الدرجة، الأمر الذي شهدت على إثره عدة مدن أردنية تظاهرات شارك فيها آلاف المحتجين على القرار، وبخاصة في عمان، وإربد، والرمثا، والمفرق، والكرك، ومعان.
وقام متظاهرون بإغلاق الطرق بإطارات مشتعلة، والاعتداء على مراكز أمنية، مما أسفر عن مقتل شاب وإصابة ستة عشر من قوات الدرك والشرطة، واعتقال المئات. كما تعهدت عدة جماعات معارضة -لا سيما جماعة الإخوان المسلمين- بتنظيم عدة مظاهرات واحتجاجات أخرى في حالة عدم تراجع الحكومة عن قرارها، وفي المقابل شددت السلطات الأمنية الأردنية من تعزيزاتها في مختلف المدن.

ودافع رئيس الوزراء عبد الله النسور عن قراره واصفًا إياه "بالحتمي والضروري" استنادًا إلى الوضع المالي الصعب الذي تمر به البلاد، وأن من شأنه أن يجنبها خطر الإفلاس، حيث أكد على أن من المتوقع زيادة عجز الميزانية إلى 3.5 مليارات دولار، فضلا عن اتساع الفجوة بين الإيرادات والنفقات لتصل إلى ملياري دينار، وارتفاع الدين العام إلى أكثر من 15 مليار دينار، نتيجة دعم الحكومة لعدد من السلع والخدمات. في الوقت نفسه، أكد مسئولون آخرون أن هذا القرار سيظهر جدية التزام الأردن بدعم الماليات العامة، ويضمن استمرار دعم صندوق النقد الدولي للأردن.

وتكمن المشكلة الحقيقية لتلك الأزمة الاقتصادية في أنها جاءت عقب أزمات أخرى، لعل أبرزها رفض العديد من القوى السياسية لقانون الانتخابات استنادًا إلى عدم توازنه، وتوتر العلاقة بين النظام والقوى السلفية، ورفض تعديلات قانون الإعلام والنشر، وهو الأمر الذي لا شك سيصعب بشكل كبير إمكانية التوصل إلى أي حل بشأنها.

السيناريوهات المحتملة:

تأرجح الوضع السياسي في الأردن بين ثلاثة سيناريوهات محتملة، وفقًا لمعطيات كثيرة حالية. يمكن الاشارة إليها فيما يلي:

أولا: سيناريو التهدئة، بحيث يتطلب هذا السيناريو من النظام الأردني تقديم رؤية شاملة تقوم على أربعة محددات رئيسية؛ أولها: التراجع عن قرار رفع أسعار المنتجات البترولية بشكل كامل أو على أقل تقدير تأجيله لفترة معقولة في إطار عملية تجهيز العقلية الأردنية لتقبله في المستقبل. ثانيها: اتخاذ قرار بالإطاحة بحكومة عبد الله النسور، وذلك لكونها قد تورطت في مواجهات مع الشعب الأردني أدت إلى وفاة أحد المواطنين. ثالثها: الدخول في إطار عملية تفاوض جادة بشأن عملية الإصلاح السياسي الشامل وخاصة البنيتين التشريعية والدستورية مع القوى السياسية التي تقوم بحشد الشارع وبخاصة حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين)، والجبهة الوطنية للإصلاح، وحزب الوحدة الشعبية الديمقراطية ذو التوجه اليساري. رابعها: تشكيل حكومة جديدة توافقية وفقًا لانتخابات تتسم بالشفافية والنزاهة.

ثانيًا: سيناريو التصعيد، وهو الأقرب للحالة الأردنية، والذي يتحقق ليس عبر الاستمرار في تطبيق القرار وعدم الاعتداد بالاحتجاجات الشعبية فحسب، بل أيضًا قمعها بالقوة، ووقوع مزيد من الضحايا، وهو ما سيعطي جماعة الإخوان المسلمين وحزبها جبهة العمل الإسلامي الفرصة لتجييش الشارع في مواجهة النظام تحت ستار ارتفاع الأسعار لتحقيق مطالبها السياسية الأخرى. وهو ما بدا جليًّا من الأوصاف التي أطلقها المجلس الأعلى للإصلاح بأنها "انتفاضة شعبية عظيمة"، فضلا عن تصريحات "سالم الفلاحات" المراقب السابق لجماعة الإخوان المسلمين، والتي أكد فيها أن صراخ الشعب يمكن أن يتحول في أي لحظة إلى مطالبات بإسقاط النظام، وهو ما حدث بالفعل عندما رفع المتظاهرون شعارات تطالب بإسقاط النظام ككل، بالإضافة إلى الهتاف بعدة شعارات تمس الذات الملكية بشكل مباشر، وهو ما يعتبر تغييرًا نوعيًّا تجاه النظام الملكي الأردني.

ثالثًا: سيناريو الجمود، أي بقاء الوضع على ما هو عليه؛ إذ يراهن النظام على استخدام عنصر الزمن لانحسار التظاهرات والاحتجاجات، وذلك بعد دخولها الأسبوع الثاني على التوالي. وهو ما يجعل تدخل الملك في الأزمة أمرًا غير وارد. وبالتالي تقبل القرار على الرغم من تداعياته السيئة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد.

والخلاصة هي أن تطور الأحداث في الأردن على هذا النحو يؤكد على أن حالة الاحتقان الحالية لا ترجع فقط إلى حزمة الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة، وإنما إلى حالة عدم اليقين التي تشهدها البلاد لا سيما عملية الإصلاح السياسي التي تعتبرها القوى المعارضة غير كافية، وخاصة قانون الانتخابات المعدل، والإصلاحات الدستورية، وبالتالي فإن تهدئة الأوضاع في الأردن تتطلب إجراء حوار وطني شامل يهدف للتوصل إلى حزمة إصلاحات سياسية واجتماعية، وليست اقتصادية فحسب.
رد مع اقتباس