نفحات من الكتاب و السنة
أنزل ربنا العلي القدير على لسان خليله إبراهيم عليه السلام في سورة الشعراء " و إذا مرضت فهو يشفين " الأية 80
فإبراهيم عليه السلام أسند المرض إلى نفسه ، و إن كان على قدر الله و قضائه وخلقه ولكن أضافه إلى نفسه أدبا مع الله ، أي إذا وقعت في مرض فإنه لا يقدر على شفائي أحد غيره بما يقدر من الأسباب الموصلة إليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "عجب لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا المؤمن ، إن أصابته سراء شكر ، فكان خيرا له ، و إن أصابته ضراء صبر ، فكان خيرا له " رواه مسلم .
وعند الإمام أحمد عن صهيب رضي الله عنه قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد مع أصحابه ، إذ ضحك فقال : " ألا تسألون مم أضحك ؟ "قالوا يا رسول الله ومما تضحك ؟ قال : " عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، إن أصابه ما يحب حمد الله ، وكان خيرا له ، و إن أصابه ما يكره فصبر كان له خير ، وليس كل أحد أمره كله له خير إلا المؤمن "
وكان أحد السلف أقرع الرأس ، أبرص البدن ، أعمى العينين ، مشلول القدمين و اليدين ، وكان يقول : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيرا ممن خلق وفضلني تفضيلا ، فمر به رجل فقاله : مما عافاك ؟ أعمى و أبرص و أقرع ومشلول ، فمم عافاك ؟ فقال : ويحك يا رجل ، جعل لي لسانس ذاكرا ، وقلبا شاكرا وبدنا على البلاء صابرا .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه : العبد دائما بين نعمة من الله يحتاج فيها إلى شكر ، وذنب منه يحتاج فيه إلى الاستغفار، وكل هذه الأمور اللازمة للعبد دائما فإنه لايزال يتقلب في نعم الله و آلائه ، ولا يزال محتاجا إلى التوبة و الاستغفار.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء " رواه البخاري
وعموما مفهوم هذا الحديث ، أن جميع الأمراض الظاهرة و الباطنة ، الجسدية و الحسية لها أدوية تقاومها وتداويها بأمر الله عز وجل ، إلا أن هذا لا يمنعنا من تعلم طب الأبدان و القلوب ، بل وجب علينا التعلم لأن هذا العلم هو من جملة الأسباب النافعة بإذن الله
وخير ما نختم به قصة نبي الله أيوب عليه السلام ، قال تعالى في محكم التنزيل : " و اذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر و أنت أرحم الرحمين " – الأنبياء 83 -. واختصار للقصة نبي الله أيوب ، أن الله عز وجل أنعم على عبده الخير الكثير الظاهر عليه في جسده و عياله وماله ، فحمد الله حمدا كثيرا ، فابتلاه ربه بأن حبس عليه هذه النعم بل انزل عليه مرضا في بدنه ، فكان نبي الله أيوب من الصابرين الشاكرين ، فدعى ربه فقال " مسني الضر " - الأنبياء و قال " مسني الشيطان بنصب وعذاب " – ص 41-
ويروى أن أيوب عليه السلام كان أكثر الناس بكاء ن قال ابن عباس رضي الله عنهما : فلما ابتلى لم يبك قط مخافة أن يكون جزعا . وبصبره ودعائه لربه شفاه الله وعوضه .وخلاصة قولنا أن المسلم وجب عليه اليقين في أن الله عز وجل هو من ينزل علينا جميع أنواع الأمراض و الأسقام ، وهو ربنا الواحد الأحد الذي يشفينا
االمصادر
* فصول في طب الرسول صلى الله عليه وسلم / د جمال الزكى
* الإسلام والصحة النفسية / د عمر شاهين