عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22-01-2013, 08:40 PM
الصورة الرمزية صوت الامة
صوت الامة صوت الامة غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 6,261
معدل تقييم المستوى: 23
صوت الامة has a spectacular aura about
افتراضي حركة الترجمة و دورها في إثراء الحياة العلمية في الحضارة الإسلامية

المرجع: سعيد عبدالفتاح عاشور و آخرون، دراسات في تاريخ الحضارة الإسلامية العربية، الكويت،1986.

أ‌-عوامل مهدت لظهور حركة الترجمة ( الترجمة قبل الإسلام ) :

أدت الفتوحات الاسكندر الأكبر إلى انتشار الحضارة اليونانية في غرب آسيا و مصر مما اكسب هذه المنطقة طابع خاص أطلق عليه بعض المؤرخين اسم الحضارة الهلينستية و هي ممتدة على الفترة من وفاة الاسكندر الأكبر يونيو 323 ق.م. إلى القرن السابع الميلادي عندما جاء الفتح العربي. و تعد اشهر مراكز الحضارة اليونانية:
- الإسكندرية - انطاكيا - نصيبين - جنديسابور

قبل ظهور الإسلام نهض السريان بدور كبير في ترجمة معارف اليونان و علومهم إلى اللغة السريانية، و الذي ساعد السريان على ذلك:

2. كثير من علماء اليونان تركوا بلادهم تحت تأثير الاضطهادات الدينية و المذهبية و اتجهوا شرقا حيث استقروا في مدينة الرها شمال العراق و هناك أسسوا مدرسة انتعشت في القرن الخامس الميلادي.

3. عندما أغلق زينون (474 – 491 م) إمبراطور القسطنطينية مدرسة الرها سنة 489 م رحل علماؤها إلى نصيبين حيث أسسوا مدرسة اشتهرت في ميادين الفلسفة اليونانية و الطب اليوناني.

4. عندما أغلق جستنيان الأول ( 527- 565 م) مدرسة أثينا الوثنية سنة 528 م هجرها علماؤها و اتجهوا شرقا يبحثون عن مأوى في أحضان دولة الفرس.

و عندما استقر السريان في جنديسابور التابعة للفرس أقام كسرى انوشروان ( 531- 579 م) بيمارستان للطب. و تقع جنديسابور هذه في إقليم خوزستان و قد أسسها سابور الأول لتكون معسكرا و معقلا لأسرى الروم و لذلك كانت اللغة اليونانية معروفة فيها.

عندما استقر العلماء اليونان في جنديسابور اشتهروا بالدراسات الطبية و ذاعت شهرتهم و صار علماؤها يضعون قوانين العلاج و قد ظلت قائمة و مستمرة في ظل الإسلام، حتى أن الخليفة أبا جعفر المنصور ( 136- 158 ) عندما مرض احضروا له جرجيس بن بختيشوع رئيس أطباء جنديسابور و منذ ذلك الوقت اشتهر آل بختيشوع في بلاط الخلافة ببغداد.

في حين اشتهار مدرسة جنديسابور ظلت الإسكندرية بمصر ( تأسست 331 ق.م.) و مدرسة انطاكيا شمال الشام (تأسست 300 ق.م.) تمتلك قواعد ثابتة في الفلسفة و المعارف و العلوم اليونانية.

نجد أن الفلسفة و الفكر اليوناني اتخذ طابع مميز في الشرق في العصر الهلينستي لاصطباغه بصبغة شرقية واضحة و من ابرز ما يمثل هذا هو مذهب الافلاطونية المحدثة التي اشتهرت به مدرسة الإسكندرية و الذي أسسه أفلاطون المصري أو السكندري.

و عن المدارس الشرقية التي استوعبت الفكر اليوناني سرعان ما غدت مراكز إشعاع للحضارة اليونانية و اشتهرت بالفلسفة و الطب و التشريح و الرياضيات و الفيزياء و الكيمياء و قد جاء نشاط هذه المدارس مصحوبا بنشاط في الترجمة، إذ حرص السريان على نقل الكثير من الكتب اليونانية التي ضاعت أصولها إلى السريانية، و هي احد اللغات الآرامية.
و من اشهر مراكز السريان هو مركز مدينة الحران إلى الجنوب من الرها، و قد كانت السريانية بمثابة اللغة العالمية للمعرفة و العلم في منطقة الشرق الأدنى و ذلك قبل ظهور الإسلام. و كان يعيب على الترجمة السريانية أنها ترجمة حرفية مما سبب ضياع المعنى للنص المترجم في بعض الأحيان. و قد أسهم السريان كذلك في ترجمة بعض الكتب عن الفهلوية و هي اللغة الفارسية و منها: كتاب "كليلة و دمنة" و "السندباد".


عندما ظهر الإسلام و فتح المسلمون فارس و العراق و الشام و مصر في القرن 7م، رؤوا ما في هذه البلاد من مدارس تحتضن حضارة اليونان و فكرهم و لم يكونوا على جهل بهذه الثقافات جهلا تاما، لان بعض المؤثرات الثقافية من المدارس السابقة تسربت إليهم. و بفضل ما أثاره الإسلام من حماسة للعلم و حثهم على التسامح إزاء الديانات الأخرى أدى ذلك إلى تزود المسلمين بقسط نافع من الثقافات التي التقوا بها و لم يكن السبيل إلى معرفتها إلا بترجمتها.

__________________

قلب لايحتوي حُبَّ الجهاد ، قلبٌ فارغ .!
فبالجهاد كنا أعزة .. حتى ولو كنا لانحمل سيوفا ..
رد مع اقتباس