تقديم / هشام النجار
ليس ثمة شعر لا يرُج ولا يخض ولا يزلزل ولا يخلخل ولا يحدث انقلاباً في واقع الناس الاجتماعي والسياسي.. ولا يُحدث حُفرة عميقة داخل الوجدان الشعبي .
والشعر في ذاته عمل ثوري وتحريضي .. وكل قصيدة يكتبها شاعر إنما هي ثورة وتحريض للجماهير على اعتناق فكر كاتبها وعلى التلبس بالسمو والحرية والتمدن والجمال .
وقديماً رفض نزار قبانى انضمام الكاتب المُحايد غير المنتمى لعالم الشعراء.. وأكدَ أنه كاتب ميت.
فالشاعر الحقيقي هو الذي يشعر بآلام الناس ويشاركهم أحزانهم وقضاياهم.. ويشتبك يومياً بقلمه في معارك ضارية مع القبح والتخلف والجهل والانحراف والفكر الفاشستى والفساد والطغيان .. وليس في الشعر منطقة *****ة السلاح أو منطقة تتولى فيها قوات الأمم المتحدة الفصل بين المتحاربين .
الشعرُ مهمة خطيرة ومستحيلة.. والشاعر الحقيقي ثائر ومناضل كبير واقف دائما ً على الخطوط الأمامية.. يقود المظاهرات ويغنى شعره ليردده وراءه الثائرون .
واليوم في ذكرى الثورة الثانية آثرنا أن نتقدم إلى الخطوط الأمامية لنسمع من قريب صوت الشعراء الذين كانوا هناك بكلماتهم المؤثرة وقصائدهم الثائرة.. والتي كانت زادَ الثوار في مواجهتهم الحامية ولياليهم الطويلة في الميادين .
ونبدأ مع قصيدة " فلان الفلاني " .. وكم من شهيد ثائر ضحى وقضى وذهب إلى ربه ونالَ أجره في السماء كاملاً .. ونحن على الأرض لا زلنا لا نعرف اسمه ولا تاريخه ولا صفته ولا ملامحه .
ومن يدرس الثورة جيداً يتأكد أن الذي صنعها هم آلاف من " فلان الفلاني".
فلان الفلاني اللي كان يومها جنبي
ساعة لما بدأوا في ضرب الرصاص
فلان الفلاني اللي معرفش اسمه
ودائما ً بقول يا بن عمي وخلاص
فلان اللي سابلي بقيت سندوتشه
ليلة لما شافني بغني وجعان
فلان اللي روح أكل واستحمى
فلان اللي ضايع وسط الآلاف
فلان اللي غرقلي خل الكوفية
وشالني ساعة لما جت طلقة فيا
فلان اللي مات يومها تلزمه دية
من ابن الفلاني اللي كل لحمة حاف
والآن مع عم عبد الرحمن الأبنودى مع ضحكة المساجين.. وجزء من قصيدته الرائعة في توصيف إرهاصات الثورة وأحداثها:
الثورة نور واللي طفاها خبيث
يرقص ما بين شهدا وبين محابيس
مافضلش غير الشوك في شجر الورد
غلط الربيع ودخل علي أغبى كمين
وفي انتظار تيأس مع الأيام
غيرك في قفصه بيضربوله سلام
وأنت الجزم قبل الكفوف جاهزين
والحرية هي المحرك وهى السر وهى الوقود .. فالقضية باختصار شديد .. قضية وطن أراد أن يتحرر .. مع قصيدة رامي يحيى "حر" .
وهنا أبو السعود محمد يضع تعريفاً مختلفاً للثورة:
طعم البيوت اللي تبات من غير عشا
تغسل عيونها بالسراب من كوابيس المسا
وهو بيشرخ خريطة مجهولة النسب
ومصر هانت وبانت .. كانت من أجمل القصائد التي رددها الثوار وراء الشاعر المصري الصميم تميم البرغوثى:
يا مصر هانت وبانت
يا مصر بانت وهانت كلها كام يوم
نهارنا نادي ونهار الندل مش باين
نهارنا نادي وبايدينا علي فكرة
الصبح عنده فضول راح نعمل إيه بكرة
إيده علي الباب وخايف يلمس الأكرة
ادخل يا أستاذ برحتك والبلد حرة
إحنا زهقنا نشوف الصبح من بره
ادخل وخرج بقايا العتمة بالمرة
الناس دي حرة وجنود الأمن مضطرة
ومن منا لم يغنى وهو موجوع يذرف الدموع وراء هذا الشهيد البطل: "بحبك يا بلادي" .. من أجمل أغنيات الثورة على الإطلاق:
لرامي جمال - وعزيز الشافعي
جدع يا باشا
لهشام الحبشي – وعمرو تاج
راح يمنعوا حلم السنين