الموضوع: دلائل النبوة
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 02-03-2013, 12:06 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الخَاتَمَـة

هذه نصوص الكتاب والسُّنة جليَّة في تعظيم السُّنة.
وهذا موقف السلف (الصحابة والتابعين) مِمَّن عارضها، ترى فيه القوَّة والحزم والشدَّة على من بدر منه شيءٌ فيه معارضة السُّنة.
قال ابن القيم:
وقد كان السلف الطيب يشتدُّ نكيرهم وغضبهم على من عارض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم برأيٍ أو قياسٍ أو استحسانٍ أو قول أحدٍ من الناس كائنًا من كان، ويهجرون فاعل ذلك، وينكرون على من يُضرب له الأمثال، ولا يسوغون غير الانقياد له والتسليم والتلقِّي بالسمع والطاعة، ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله.
فقارن أيها المسلم بين موقف السلف مِمَّن عارض السُّنة وموقف أهل هذا العصر مِمَّن استهزأ بالسُّنة.
وقبل ذلك انظر قول أولئك، ثم انظر قول أهل هذا العصر.
أمَّا أولئك فقد رأيت، وأما هؤلاء فخُذ أمثلة على استهزائهم:
1- ردَّ بعضهم حديثًا فقيل له: إنه في صحيح مسلم، فقال: ضعه تحت قدمك!
2- ويقول أحدهم بكلِّ وقاحة تعليقًا على حديث «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم...»: أنا آخذ بقول الطبيب الكافر ولا آخذ بقول الرسول!
3- وقال آخر: إذا عارض الحديث العقل فردّه. فقيل له: وإن كان في صحيح البخاري؟.. قال: وإن كان في صحيح البخاري، ولا كرامة!
هكذا يستهزئ هؤلاء بالسُّنة ويسخرون!
فما موقف أهل زماننا منهم وكيف يعاملونهم؟
بالهجر والزجر والمقاطعة؟.. لا.
بل أكثر يُمجِّدونهم ويُعظِّمونهم، اتباعًا للهوى وتحكيمًا للرأي ]وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ[ [القصص : 50].
قد اغترُّوا بكثرة أعمالهم وشهرتهم عند الناس، ونسوا أنَّ من شرط قبول الأعمال الإيمان ]وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ[ [طه : 112].
والاستهزاء بالسُّنة ناقض للإيمان، وهذا ناتج عن عدم اتباع الكتاب والسُّنة، ]إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى[ [النجم : 23].
]أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ[ [الجاثية : 23].
وفي الحديث: «ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم فيُحرِّمون الحلال ويُحلِّلون الحرام».
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «إياكم وأصحاب الرأي؛ فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، فقالوا بالرأي فضلُّوا وأضلُّوا».
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : «لو كان الدِّين بالرأي لكان أسفل الخفِّ أولى بالمسح من أعلاه».
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : «إنكم ستجدون أقوامًا يزعمون أنهم يدعونكم إلى كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم، فعليكم بالعلم، وإياكم والتبدُّع، وإياكم والتنطُّع، وإياكم والتعمُّق، وعليكم بالعتيق».
قال ابن بطة: فاعتبروا يا أولي الأبصار، فشتَّان بين هؤلاء العقلاء السادة الأبرار الأخيار الذين مُلئت قلوبهم بالغيرة على إيمانهم والشحُّ على أديانهم، وبين زمانٍ أصبحنا فيه وناس نحن منهم وبين ظهرانيهم..
هذا عبد الله بن مغفل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيد من سادتهم يقطع رحمه ويهجر حميمه حين عارضه في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحلف أيضًا على قطيعته وهجرانه، وهو يعلم ما في صلة الأقربين وقطيعة الأهلين.
وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء – سَمَّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم «حكيم هذه الأمة» – وأبو سعيد الخدري؛ يظعنون عن أوطانهم، وينتقلون عن بلدانهم، ويظهرون الهجرة لإخوانهم، لأجل مَن عارض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتوقَّف عن استماع سُنته..!
فيا ليت شعري كيف حالنا عند الله عزَّ وجل ونحن نلقَى أهل الزيغ في صباح مساء يستهزئون بآيات الله ويعاندون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حائدين عنها وملحدين فيها؟!
سلمنا الله وإياكم من الزيغ والزلل.
وإذا كان بعض المنتسبين إلى أهل السُّنة والجماعة لا يتورَّع عن تمجيد الساخرين بالسُّنة وتعظيمهم، فإنَّ من المنتسبين كذلك مَن وقع في شيء من السخرية والاستهزاء بالسُّنة، وذلك فيما يُسمى بـ«السُنن الجبلية» كإطالة الشعر، فإذا رأى شابًا يحرص على ذلك ويُطبِّقه لمزه وغمزه وتهكَّم به، ولا يدري المسكين أنه يسخر من شيءٍ فعله النبي صلى الله عليه وسلم !
وإذا كان هذا البائس لا يرى مشروعية الاقتداء بالسُنن الجبلية – كما هو رأي بعض أئمَّة العلم– فليعلم أنَّ هذا لا يبيح له الاستهزاء بمن يرى ذلك ويفعله، وإن كان قصده التوجيه والإرشاد فباب النقاش العلمي مفتوح.
وأخطر من هؤلاء من يسخر بالأفعال التعبُّدية التي جاء الأمر فيها صريحًا كتقصير الثياب إلى نصف الساق، وكالصلاة إلى السترة، وغير ذلك.
وإني لأعجب من هؤلاء الذين تضيق صدورهم عندما يرَون من يجتهد في تطبيق السُّنة، حتى وإن كانت جبلية، فإنّ من يعمل بها لَم يرتكب مُحرَّمًا ولا مكروهًا، فهو على أقلِّ الأحوال لم يخرج عن المباح.
فلماذا تضيق صدورهم عند رؤية هؤلاء ما لا تضيق عند رؤية أهل البدع والمعاصي؟ !
أيريدون أن يكونوا كالذين ي***ون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان؟!
فالله المستعان.

__________________
رد مع اقتباس