ألم تسمع قول القائل :
ومن تؤوه دار فيجحد لفضلها يكن حيوانا فوقه كلأعجم
ألم تسمع قول الرسول r لمكة : ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت ، فهو r يقول بخلاف ما تقول ، ويعلن أنه يفعل خلاف ما تفعله هذه الكفاءات ، رغم أنه قد تعرض لصنوف هائلة من الأذى والاضطهاد ، فقد تم سبه وشتمه ، وألقي التراب على رأسه ، وقذف بالحجارة حتى سال دمه ، ووضعت أمعاءُ الإبلِ العفنةُ على جسده ، وحوصر مع أصحابه حتى أكلوا ورق الشجر ، ومع ذلك كله فإنه يقول لبلده مكة : ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت ، وكم تحتاج مصر يا سيدي في هذه الآونة إلى مثل هذا النمط من أصحاب النفوس الكبيرة ، والهمم العالية ، كم تحتاج مصر إلى من ينظرون إليها وإلى مصلحتها العامة أكثر من نظرهم إلى ذواتهم وإلى مصالحهم الخاصة .. إننا نملك الآن فرصة لبناء مصر الجديدة ، فهل يفكر كل مصري قادر على العطاء في أن يقدم لمصر ما يسهم في بناء نهضتها حتى نسلمها إلى أبنائنا وطنًا يفخرون بالانتماء إليه ، ويسعدون بالعيش فيه ، ويكونُ لديهم أتمُّ الاستعداد للموت في سبيله .
|