أخبار رويت في زهده في الدنيا وصبره على القوت الشديد فيها
واختياره الدار الآخرة وما أعد الله تعالى له فيها على الدنيا
وبذلك أمره ربه قال الله عز وجل (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى)
وقد روى أنه خير بين أن يكون عبداً نبياً وبين أن يكون ملكاً نبياً فاستشار فيه جبريل عليه السلام فأشار عليه بأن يتواضع فاختار أن يكون عبداً نبياً
أخبرناه أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني أبو العباس حيوة بن شريح قال أخبرنا بقية بن الوليد عن الزبيدي عن الزهري
عن محمد بن عبد الله بن عباس قال
كان ابن عباس يحدث أن الله عز وجل أرسل إلى نبيه ملكاً من الملائكة معه جبريل عليه السلام فقال الملك لرسول الله إن الله يخبرك بين أن تكون عبداً نبياً وبين أن تكون ملكاً نبياً فالتفت نبي الله إلى جبريل عليه السلام كالمستشير له فأشار جبريل عليه السلام إلى رسول الله أن تواضع فقال رسول الله بل أكون عبداً نبياً قال فما أكل بعد تلك الكلمة طعاماً متكئاً حتى لقي ربه عز وجل
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الله الحربي في جامع الحربية ببغداد قال حدثنا حمزة بن محمد بن العباس قال حدثنا محمد بن غالب قال حدثنا موسى بن مسعود قال حدثنا عكرمة عن أبي زميل قال حدثني ابن عباس أن عمر بن الخطاب حدثه فذكر الحديث في اعتزال رسول الله نساءه إلى أن قال
دخلت على رسول الله في خزانته فإذا هو مضطجع على حصير فأدنى عليه إزاره وجلس وإذا الحصير قد أثر في جنبه وقلبت عيني في خزانة رسول الله فإذا ليس فيها شيء من الدنيا غير قبضتين أو قال قبضة من شعير وقبضة من قرط نحو الصاعين وإذا أفيق معلق أو أفيقان قال فابتدرت عينياي فقال رسول الله ما يبكيك يا ابن الخطاب
قلت يا رسول الله وما لي لا أبكي وأنت صفوة الله عز وجل ورسوله وخيرته من خلقه وهذه خزانتك وهذه الأعجام كسرى وقيصر في الثمار والأنهار وأنت هكذا
قال يا ابن الخطاب أما ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا قلت بلى يا رسول الله قال فاحمد الله عز وجل وذكر الحديث
أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن عكرمة بن عمار وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري قال حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال حدثنا
عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب في هذه القصة قال
فجلست فرفعت رأسي في البيت فوالله ما رأيت فيه شيئاً يرد البصر إلا أهب ثلاثة فقلت ادع الله يا رسول الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله فاستوى جالساً فقال أفي شك أنت يا ابن الخطاب أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت أستغفر الله يا رسول الله وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهراً من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله عز وجل
قال الزهري فأخبرني عروة عن عائشة قالت
فلما مضى تسع وعشرون ليلة دخل علي رسول الله بدأ علي فقلت يا رسول الله أقسمت أن لا تدخل علينا شهراً إنك دخلت علي من تسع وعشرين أعدهن فقال إن الشهر تسع وعشرون ثم قال يا عائشة إني ذاكر لك أمراً فلا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك قالت ثم قرا (يأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعلين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً) قالت قد علم والله إن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه قالت قلت أفي هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن الزهري
حدثنا الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان إملاء قال أخبرنا إسماعيل بن نجيد بن أحمد بن يوسف السلمي قال أخبرنا محمد بن أيوب بن يحيى البجلي قال أخبرني سهل بن بكار قال حدثنا مبارك بن فضالة عن الحسن عن أنس بن مالك قال
دخلت على رسول الله وهو على سرير مرمول بالشريط وتحت رأسه وسادة من أدمٍ حشوها ليف ودخل عليه عمر وناس من أصحابه فانحرف النبي انحرافة فرأى عمر أثر الشريط في جنبه فبكى فقال له ما يبكيك يا عمر
فقال عمر رضي الله عنه ومالي لا أبكي وكسرى وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه من الدنيا وأنت على الحال الذي أرى
فقال له النبي يا عمر أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة قال بلى قال هو كذلك
حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك رحمه الله قال أخبرنا عبد الله بن جعفر الأصبهاني قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا المسعودي عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال
اضطجع النبي على حصير فأثر الحصير بجلده فجعلت أمسحه عنه وأقول بأبي أنت وأمي يا رسول الله ألا أذنتنا فنبسط لك شيئاً يقيك منه تنام عليه
فقال ما لي وللدنيا وما أنا والدنيا إنما أنا والدنيا ****ب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن ابي إسحاق المزكي وأبو بكر بن الحسن القاضي قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن بحر قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد
ح وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سهل الدباس بمكة قال حدثنا محمد بن علي بن زيد الصائغ قال أخبرنا أحمد بن شبيب قال حدثني أبي عن يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عتبة عن أبي هريرة
أن رسول الله قال لو أن لي مثل أحد ذهباً ما سرني أن يأتي علي ثلاث ليال وعندي منه شيء إلا شيء أرصده لديني
لفظ حديث ابن وهب رواه البخاري في الصحيح عن أحمد بن شبيب
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري قال حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال
قال رسول الله اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً
رواه مسلم في الصحيح عن الأشج عن أبي أسامة وأخرجاه من حديث فضيل بن غزوان عن عمارة
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقرئ قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا عمرو بن مرزوق قال أخبرنا زائدة عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت
ما شبع آل محمد منذ قدموا المدينة ثلاث ليال تباعاص من خبر بر حتى توفي
قال وأخبرنا يوسف قال حدثنا أبو الربيع قال حدثنا جرير عن منصور بإسناده نحوه
أخرجاه في الصحيح من حديث جرير بن عبد الحميد
أخبرنا أبو محمد يوسف قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا محمد بن سعيد بن غالب قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت
ما شبع رسول الله ثلاثة ايام تباعاً حتى مضى لسبيله
رواه مسلم عن إسحاق عن أبي معاوية
أخبرنا أبو عبد الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق إملاء قال
أخبرنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا محمد بن كثير قال حدثنا سفيان قال حدثنا عبد الرحمن عن عابس بن ربيعة عن أبيه أن عائشة قالت
كنا نخرج الكراع بعد خمس عشرة فنأكله فقلت ولم تفعلون فضحكت وقالت ما شبع آل محمد من خبز مآدوم حتى لحق بالله عز وجل
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن كثير
أخبرنا أبو طاهر الفقيه وأبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أخبرنا أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
أنها قالت كنا آل محمد يمر بنا الهلال والهلال والهلال ما نوقد بنار للطعام إلا أنه التمر والماء إلا أنه حولنا أهل دور من الأنصار فيبعث أهل كل دار بغزيرة شاتهم إلى رسول الله فكان النبي يسقينا من ذلك اللبن
أخرجاه في الصحيح من حديث هشام بن عروة
أخبرنا أبو عمر محمد بن عبد الله الأديب قال حدثنا أبو بكر الإسماعيلي قال أخبرني الحسن هو ابن سفيان قال حدثنا هدبة قال حدثنا همام قال حدثنا قتادة قال
كنا نأتي أنس بن مالك وخبازه قائم فقال كلوا فما أعلم رسول الله رأى رغيفاً مرققاً حتى لحق بالله تعالى ولا رأى شاة سميطاً بعينه قط
رواه البخاري في الصحيح عن هدبة
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن سختويه قال حدثنا أبو المثنى العنبري قال حدثني أبي قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن يونس عن قتادة عن أنس بن مالك قال
ما أكل النبي على خوان ولا في سكرجة وال خبز له مرقق قال فقلت لأنس فعلام كانوا يأكلون قال على السفر
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن أبي الأسود وغيره عن معاذ بن هشام
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت عبد الرحمن بن يزيد يحدث عن الأسود عن عائشة قالت
ما شبع رسول الله من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث شعبة
أخبرنا أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة عن سماك بن حرب قال سمعت النعمان بن بشير يقول
سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب فذكر ما فتح على الناس فقال لقد رأيت رسول الله يلتوي يومه من الجوع ما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث شعبة
أخبرنا أبو محمد بن يوسف قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا هشام بن أبي عبد الله عن قتادة عن أنس
أنه مشى إلى النبي بخبز شعير وإهالة سنخة ولقد رهن درعه عند يهودي فأخذ لأهله شعيراً ولقد سمعته ذات يوم يقول ما أمسى عند آل محمد صاع تمر ولا صاع حب
أخرجه البخاري من حديث هشام ببعض معناه قال وإنهم يومئذ تسعة أبيات
أخبرنا أبو الطاهر الفقيه قال حدثنا أبو حامد بن بلال قال حدثنا أحمد بن منصور المروزي قال حدثنا النضر بن شميل قال أخبرن هشام ابن عرو قال أخبرني أني عن عائشة رضي الله عنها قالت
كان فراش رسول الله من أدمٍ وحشوه ليف
رواه البخاري في الصحيح عن أحمد بن أبي رجاء عن النضر
وأخرجه مسلم من أوجه أخر عن هشام
أخبرنا أبو علي الروذباري في الفوائد وأبو عبد الله الحسين بن عمر ابن برهان وأبو الحسين بن الفضل القطان وأبو محمد السكري ببغداد قالوا حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا الحسن بن عرفة قال حدثنا عباد بن عباد المهلبي عن مجالد بن سعيد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت
دخلت علي امرأة من الأنصار فرأت فراش رسول الله عباءة مثنية فانطلقت فبعثت إلى بفراش حشوه الصوف فدخل علي رسول الله فقال ما هذا يا عائشة قالت قلت يا رسول الله فلانة الأنصارية دخلت عي فرأت فراشك فذهبت فبعثت إلي بهذا فقال رديه قالت فلم أرده وأعجبني أن يكون في بيتي حتى قال ذلك ثلاث مرات فقال رديه يا عائشة فوالله لو شئت لأجرى الله تعالى معي جبال الذهب والفضة
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد ابن الأعرابي قال حدثنا ابن عفان يعين الحسن بن علي قال حدثنا حسين الجعفي قال حدثنا زائدة قال حدثنا عبد الملك بن عمير عن ربعي بن خراش عن أم سلمة قالت
دخل علي رسول الله وهو ساهم الوجه قالت فحسبت ذلك في وجع قالت قلت يا رسول الله مالي أراك ساهم الوجه قال من
أجل الدنانير السبعة التي أتتنا أمس فأمسينا ولم ننفقهن فكن في خمل الفراش
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الخزاعي بمكة قال حدثنا أبو يحيى بن أبي مسرة قال حدثنا عبد الله بن عبد الحكم المصري قال حدثنا بكر بن مضر عن موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال
دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة رضي الله عنها فقالت لو رأيتما رسول الله في مرض له قالت وكانت عندي ستة دنانير قال موسى أو سبعة قالت فأمرني نبي الله أن أفرقها قالت فشغلني وجع النبي حتى عافاه الله تعالى قالت ثم سألني عنها فقال ما فعلت أكنت فرقت الستة الدنانير أو السبعة قالت لا والله لقد كان شغلني وجعك قالت فدعا بها فوضعها في كفه فقال ما ظن نبي الله لو لقي الله تعالى وهذه عنده
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو يوسف يعقوب بن أحمد ابن محمد بن يعقوب بن الأزهر الخسروجردي قال حدثنا قتيبة قال حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك
أن النبي لم يدخر شيئاً لغد
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا إسماعيل بن قتيبة قال حدثنا يحيى بن يحيى قال حدثنا داود بن عبد الرحمن عن منصور يعني ابن عبد الرحمن الحجبي عن أمه عن عائشة قالت
توفي رسول الله حين شبع الناس من الأسودين التمر والماء
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى
أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو محمد جعفر بن نصير قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله البصري قال حدثنا بكار بن محمد قال حدثنا عبد الله بن عون عن ابن سيرين عن أبي هريرة
أن رسول الله دخل على بلال فوجد عنده صبرا من تمر فقال ما هذا يا بلال قال تمراً أدخره قال ويحك يا بلال أو ما تخاف أن تكون له بخار في النار أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالاً