عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 20-03-2013, 05:38 PM
الاستاذة نجلاء علي الاستاذة نجلاء علي غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 4,702
معدل تقييم المستوى: 19
الاستاذة نجلاء علي will become famous soon enough
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

مآثر أبن الهيثم في تشريح العين والإبصار

بحث مقدم من الدكتور محمد مسمار

دكتوراه في العلوم الطبيعية وفي العلوم الصيدلانية

عميد كلية الصيدلة ( سابقاً ) - جامعة النجاح الوطنية

نابلس / فلسطين


مآثر أبن الهيثم في تشريح العين والابصار

مقـــــدمة :

بحوث ابن الهيثم في الضوء مضى عليها تسعة قرون او يزيد ولا جدال ان الاراء التي كتب عنها منها مالا يقره عليه العلم الحديث ولكن اذا قيست معلوماته بما كان معروف في عصره فان ابو علي الحسن ابن الهيثم سبق زمانه بمئات السنين . صاحبنا كان مُلماً باصول مهنة الطب وقوانينها ولكنه لم يمارسها . كان ابن الهيثم عالماً طبيعياً رياضياً من الطراز الاول وقد ميزت دراساته دقة اوصافه للعين وإدراك الرؤية وتفسير ظاهرة الانكسار الجوي والرؤية المزدوجة . وركز على دراسة ( الادراك الحسي) الذي يشرح ان الاجسام كبيره اذا كانت المسافة بعيده. استمع الى ابن الهيثم يصف العين " عين الانسان تكاد تكون كرية الشكل يحيط بها من الخلف حول ما يقرب من خمسه اسداس سطحها غلاف صلب معتم يسمى الصلبه يخترقه من الخلف العصب البصري وهناك غطاء شفاف محدب يسمى القرنية وهو بمثابة الجزء الامامي من الصلبه، ومن خلف القرنية حاجز معتم يسمى الحدقة او القزحية يختلف لونه باختلاف الاشخاص، وبالحدقة فتحه مستديره قابله للاتساع والضيق تسمى العدسة الجليدية اوالبلورية وهذه العدسة متصله عند حافتها بعضلات قابله للتقلص والارتخاء . " لذلك يقول ماكس مايرهوف " كان ابن الهيثم أو ل من رتب أقسام العين ورسمها بوضوح تام . ووضع لأقسامها أسماء أخذها عنه الطب الغربي .

ويذكر جوزيف هيل في كتابه ( الحضاره العربية) : " ان الطريقة التي اتبعها ابن الهيثم في بحوثه وكشوفه هي المنهج العلمي، ويكون بهذا قد سبق بيكون الذي ينسب اليه هذا المنهج. والجدير بالذكر هنا أن بحوث وكشوف ابن الهيثم قد أغنت اللغة العربية في المفردات والمصطلحات العلمية التي لا تزال يتداولها العلماء الى يومنا هذا : " ومن الثابت كما يقول احمد الملا في كتابه ( أثر العلماء المسلمين في الحضاره الاوروبية" ان كتاب المناظر لابن الهيثم . من اكثر الكتب استيفاء لبحوث الضوء،وارفعها قدراً وهو لا يقل - مادةً وتبويباً- عن الكتب الحديثة العالمية ، ان لم يفق بعضها في موضوع انكسار الضوء، وتشريح العين، وكيفية تكوين الصور على شبكية العين .

وأدرك رحمه الله ان للون وجوداً مستقلاً عن وجود الضوء فهو يقول " فالعضو الحساس يحس رأساً بالضوء واللون اللذين يؤثران فيه تأثيراً مباشراً . ومن هذا الاحساس يقع الادراك بالضوء بما هو ضوء وباللون بما هو لون . ومعروف في زماننا ان العين تميزّ الالوان في النهار بينما تبدو الاشياء بالليل بدون ألوان وقد ذكر انه لا يوجد هناك لون أسود بمعنى ان العين لا ترى شيئاً ينبهها . ادرك ابن الهيثم ان الضوء الشديد يؤذي البصر فهو يقول " ونجد الناظر الى جسم البياض وقد اشرق عليه ضوء الشمس وأطال النظر اليه ثم صرف بصره عنه الى موضع ضعيف الضوء ( معتم) ، فانه لا يكاد يدرك ما في ذلك الموضع من المبصرات إدراكاً صحيحاً .

لم يتعصب ابن الهيثم لنظرية وضعها او آله اخترعها بل تسمعه بتواضع العلماء " فلعلنا ننتهي بهذا الطريق الى الحق الذي به يثلج الصدر، ونصل بالتدريج والتلطف الى لغاية التي عندها يقع اليقين، ونظفر مع النقد والتحفظ بالحقيقة التي يزول معها الخلاف وتنحسم بها مواد الشبهات . " هذا ما نسميه اليوم بالطريقة الحديثة في البحث العلمي والتي عناصرها الثلاثة هي الاستقراء والقياس والتمثيل ( الأنالوجي) .

أما نظرية ابن الهيثم في الابصار فهي معقده كما في الاشكال ( 1 الى 5) ولا تتضمن بصريح العباره فكره ان العين في جملتها تقوم مقام عدسة لامه ينتج على مجموعها صوره حقيقية ومصغره مقلوبه على الشبكية ولو كان كتب ما يجول بخاطره لسبق زمانه بالف عام .

وذكر رحمه الله في هذا الصدد ان تلك الآراء لم يسبق أحد من قبله الى ذكرها أو بيانها ويقول في ختام اقواله " وهذا المعنى أعني ان جميع ما يدركه بالانعطاف هو معنى ما ظفر به أحد من المتقدمين ولا بين علته أحد من المتأخرين، وهو كيفية ادراك البصر لجميع المبصرات على غاية التحقيق". ان ما ** مايرهوف لم يُبالغ حين قال " ان عظمة الابتكار الاسلامي يتجلى في البصريات". رحم الله ابا علي الذي ندر امثاله في البحث والتنقيب والابتكار وعسى ان يكون من شبابنا الخلف لخير سلف .

المناقشة والاستنتاجات:

ان عملية الابصار والتمثيل الضوئي من العمليات المعقده والتي هي عباره عن سلسله من تفاعلات كيماوية سريعة جداً وغير واضحة بشكل كامل .

عندما يسقط الضوء على الشبكية يؤثر في مادة الراتينال المتصله مع البروتين (أوبسين) وبالتالي فان الضوء يتحول الى تفاعل كيماوي ضوئي يؤثر في هذه الماده وينتج عن ذلك تغيّر في التركيب الفراغي للبروتين ( أوبسين) والذي ينفصل الآن عن مادة الراتينال مما ينتج عنه تغيّر في الجهد الكهربائي ينتقل بالعصب البصري الىالمخ.

مادة الرودوبسين تمتص عند 498 نانوميتر وهي لذلك صبغة حمراء ارجوانية وارتباط الراتينال معها يؤدي الى تكون صبغة صفراء تمتص عند 378 نانوميتر ( اذا كان ترانس راتينال ) وهناك نظرية حديثة تبين تماكب البكتريو-رودوبسين واحتمال انتقال الكترون واحداث تغيير في التركيب الفراغي للبروتين دون أن تتحول روابط مزدوجه من متقابله الى متعاكسه. ان الابصار يختلف كثيرا بين الحيوانات عنها في الحشرات عنها في الانسان فمثلا باستطاعة الصقر الرؤيا من مسافات بعيدة جدا بسبب استطالة العين بينما القطط تميز الالوان اذا كانت تصدر عن اجسام كبيره نسبيا (بحجم بطاقة الفيزا) بينما طير البوم يستطيع الرؤيا بوضوح تام في الضوء الخافت ويكاد لا يميز الالوان ومن فضل الله على الانسان انه يستطيع الرؤيا في الطول الموجي من 400-600 نانوميتر ولو كان بإمكاننا رؤية الاشياء التي تصدر عنها امواج اقصر او اطول لبدى العالم لدينا شديد الاختلاف عما هو عليه .

إن الرسومات التوضيحية المرفقة تبين بوضوح فهم ابن الهيثم لتشريح العين فهو يوضح القرنية وحجم العين وخروج العصب البصري من كرة العين والتصالب البصري وهذه الرسومات مقاربه لما هو موجود الان في الكتب بين ايدينا . في الصورة التوضيحية الثانية نجد تبيان للتركيبات الداخلية للعين كما ذكرها وهي الرطوبة البيضيه والجلدية والعنبيه والملتحمه ويظهر ايضا العضلات الخارجية المتصلة بكرة العين . في الصورة الثالثه وكما تخيلها ابن الهيثم فان صورة للجسم المرئي تتكون في العين والواقع أن الجسم كما هو موضح فيه بعض الاخطاء منها أن الصورة يجب أن تكون مقلوبه ويجب أن تقع في منطقة الشبكية الحساسه للضوء . في الصورة الرابعة يظهر شعاع ضوئي يخترق القرنية دون أن ينكسر وهو مخالف لما نعرفه كما أن الشعاع يمر بالعدسة دون أن ينكسر وهذا خلاف لما هو معروف وجعل نقطة التقاء الاشعة في نقطة خلف العدسة مباشرة وهذا ايضا غير صحيح ، هذا مع العلم أن ابن الهيثم قد اشار الى أن الضوء ينعطف اثناء مروره بالعين الى أن يصل الى العصب البصري . في الصورة التوضيحية الاخيرة يمر الضوء متعامداً تماما على القرنية فلا ينكسر ثم يمر من العدسة والمعروف أن الصورة اذا وقعت على منشأ العصب فانها تسمى بالنقطة العمياء أي انها لا يمكن ان تدركها .



حاول الكثير من العلماء ادخال بعض تعديلات على مادة الراتينال وهي المشتقة من فيتامين (أ) ولكن كان لكل هذه المركبات آثار جانبية غير محمودة وقد وجد العلماء أن هذه المادة بالذات من ناحية ثوابت كيميائية متعددة مثل وجود الروابط غير المشبعة والفراغ الذي تشغله الجزئية وسهولة انتقال الالكترون من طرف الى طرف آخر كل ذلك جعل الحكمة الالهية في اختيار هذه المادة وسهولة الحصول عليها من اغذية متنوعة حكمة بالغة لا يدركها كثير من الناس.

ان عمل ابن الهيثم في البصريات وسعية للمعرفه هو عمل نقدره غاية التقدير وقد توصل بفضل ذكائه الخارق وبحثه الدؤوب الى أن سبق زمانه بمئات السنين ويحق لنا أن نحتفل بشيخ البصريات ابي علي الحسن ابن الهيثم رحمه الله.

المراجع
1- Chem.& Engineering News, Sep 15, 1997, P 30-31.

2- The Pharmacological basis of therapeutics, 1995.


3- كتاب الحضارة العربية . جوزيف هيل.

4- اثر العلماء المسلمين في الحضارة الاوروبية . احمد الملا
__________________





رد مع اقتباس