
20-04-2013, 03:10 PM
|
 |
مشرف متميز قسمي "الأخصائي الإجتماعي والنفسي"
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,771
معدل تقييم المستوى: 18
|
|
إهداء إلى الشيخ حازم وانصاره
لِأَجْلِ مَا فِي النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ مِنَ الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَالتَّعَطُّشِ لِسَفْكِ الدِّمَاءِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ؛ جَاءَتْ نُصُوْصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ حَاسِمَةً قَوِيَّةً مُرْهِبَةً مِنَ الْقَتْلِ، تَعِدُ مَنِ اسْتَحَلَّ الدِّمَاءَ المَعْصُومَةَ فسَفكهَا، أَوِ اسْتَهَانَ بِهَا فَأَعَانَ عَلَى قَتْلِهَا، تَعِدُهُ بِأَشَدِّ الْوَعِيْدِ وَأَعْنَفِهِ: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيْهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النِّسَاء: 93]، فَجُمِعَ عَلَيْهِ الْغَضَبُ وَاللَّعْنَةُ وَالْوَعِيدُ بِالنَّارِ وَالْعَذَابِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ عِظَمَهُ إِلَا اللهُ - تعالى -، وَكَفَى بِذَلِكَ زَجَرًا عَنِ الْوُلُوغِ فِي الدِّمَاءِ المَعْصُومَةِ أَوِ الِاسْتِهَانَةِ بِأَمْرِهَا.
وَعَدَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَتْلَ نَفْسٍ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَمِنَ السَّبْعِ المُوبِقَاتِ الَّتِي تُوبِقُ صَاحِبَهَا، وَفِي حَدِيْثِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لَا يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِيْنِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا)) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَسَفْكُ دَمِ مُسْلِمٍ أَعْظَمُ عِنْدَ الله - تعالى - مِنَ الدُّنْيَا كُلِّهَا؛ لِـمَكَانَةِ المُؤْمِنُ عِنْدَ رَبِّهِ - عز وجل -؛ وَلِـهَوَانُ الْدُّنْيَا عَلَيْهِ - سبحانه -، قَالَ عَبْدُ الله بْنُ عَمْرِوٍ - رضي الله عنهما -: ((لِزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى الله مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ)) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.
فَوَيْلٌ لِمَنِ اسْتَهَانَ بِدَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ فَسَفَكَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَيْلٌ لَهُ مِنْ يَوْمٍ عَبُوسٍ قَمْطَرِيرٍ يَقِفُ فِيْهِ بَيْنَ يَدَيِ الله - تعالى -حِينَ يَقْضِي فِي أَمْرِ الدِّمَاءِ وَهِيَ أَعْظَمُ المَظَالِمِ بَيْنَ النَّاسِ، وَيُبْدَأُ بِهَا فِي الْفَصْلِ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ كَمَا فِي حَدِيْثِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((أُوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ)) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَجَاءَ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ بِمَا يَزْجُرُ عَنْ اسْتِحْلَالِ الدِّمَاءِ المَعْصُوْمَةِ أَوِ الِاسْتِهَانَةِ بِأَمْرِهَا لِمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالبَعْثِ وَالجَزَاءِ، وَفِي حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلاً مُتَعَمِّدًا، يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آخِذًا قَاتِلَهُ بِيَمِيْنِهِ أَوْ بِيَسَارِهِ، وَآخِذًا رَأْسَهُ بِيَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ تَشْخُبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا فِي قُبُلِ الْعَرْشِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ: سَلْ عَبْدَكَ: فِيْمَ قَتَلَنِي)) رَوَاهُ أَحْمَدُ.
يَا وَيْحَ جَبَابِرَةِ الْبَشْرِ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ الْعَظِيْمِ، وَيْحَهُمْ حِيْنَ يُقْدِمُوْنَ عَلَى رَبِّهِمْ - سبحانه - وَقَدْ اسْتَحَلُّوا دِمَاءَ عِبَادِهِ فَسَفَكُوهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، قَدِ اسْتَهَانُوْا بِدِمَاءِ النَّاسِ فَأَرَاقُوهَا بِغَيْرِ جُرْمٍ اقْتَرَفُوهُ إِلَا إِشْبَاعَ شَهَوَاتِهِمُ الْعُدْوَانِيَّةِ.
وَيْحَهُمْ حِيْنَ يُحِيْطُ بِهِمْ ضَحَايَاهُمْ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ لِلْقِصَاصِ مِنْهُمْ، وَكَمْ مِنْ ظَالِمٍ جَبَّارٍ سَفَّاكٍ لِلدِّمَاءِ يُطَالِبُهُ بِالْقِصَاصِ مِئَاتٌ وَأُلُوْفٌ وَمَلَايِينُ مِنَ البَشَرِ قُتِلُوا فِي الدُّنْيَا بِيَدِهِ أَوْ بِأَمْرِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ.
فَمَنْ سَلَّمَهُ الله - تعالى - مِنْ ذَلِكَ فَلْيَحْمَدِ اللهَ - تعالى - عَلَى عَافِيَتِهِ، وَلْيَسْأَلْهُ الْعِصْمَةَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ، وَلْيَنْأَ عَنْ كُلِّ فِتْنَةٍ؛ لِئَلَّا تَتَلَطَّخَ يَدُهُ بِدَمٍ يَسْفِكُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ.
أَعُوْذُ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُوْنَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيْهِ مُهَانًا) [الْفُرْقَان: 68-0 69].
كُلَّمَا تَبَاعَدَ النَّاسُ عَنْ زَمَنِ الْوَحْيِّ كَانُوا أَكْثَرَ جَهْلاً بِالدِّيْنِ وَإِنْ فُتِحَ لَـهُمْ فِي عُلُومِ الدُّنْيَا، وَكَانوا أَقْسَى قُلُوْبًا وَإِنْ تَظَاهَرُوا بِالشِّعَارَاتِ البَرَّاقَةِ المُخَادِعَةِ مِنْ نَحْوِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَالحُرِّيَّةِ وَالمُسَاوَاةِ وَالْإِخَاءِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ إِلَّا وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ كَمَا ثَبَتَ فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ، حَتَّى يَكُونَ قَتْلُ النَّاسِ عُدْوَانًا وَظُلْمًا مَنْهَجًا لِبَعْضِهِمْ يَنتَهِجُونَهُ، وَشَرِيعَةً يُطَبِّقُونَهَا.
وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ فِي آَخِرِ الزَّمَانِ يَكْثُرُ الهَرْجُ، قَالُوْا: ((وَمَا الهَرْجُ يَا رَسُولَ الله؟! قَالَ: الْقَتْلُ الْقَتْلُ)) رَوَاهُ الْشَّيْخَانِ.
وَمَا رَأَيْنَاهُ فِي أَحْدَاثِ لِيبِيَا وَقَبْلَهَا فِي مِصْرَ وَتُونُسَ وَسَحْقِ الْأَقْوِيَاءِ لِلضُّعَفَاءِ، وَسَيُجَازَى كُلُّ مَنْ سَفَكَ دَمًا حَرَامًا بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ أَعَانَ عَلَى سَفْكِهِ، فَإِنْ نَجَا فِي الدُّنْيَا فَلَنْ يَنْجُوَ مِنْ عَدْلِ الله - تعالى - يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي سَاحَةِ الْقِصَاصِ: (يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى الله مِنْهُمْ شَيْءٌ لِـمَنِ الْـمُلْكُ الْيَوْمَ لله الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [غَافِر: 17].
إبراهيم بن محمد الحقيل
|