" فيما ورد فِي الأخوة والألفة والصداقة فِي الله "
عن أَنَس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رسول الله r قَالَ : « ثلاث من كن فيه وَجَدَ بهن حلاوة الإِيمَان من كَانَ الله ورسوله أحب إليه مِمَّا سواهما ومن أحب عبدًا لا يحبه إلا لله » . الْحَدِيث رَوَاهُ الْبُخَارِيّ ومسلم والترمذي والنسائي .
وَفِي رواية : « ثلاث من كن فيه وَجَدَ بهن حلاوة الإِيمَان وطعمه : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مِمَّا سواهما ، وأن يحب فِي الله ويبغض فِي الله » . الْحَدِيث رَوَاهُ الْبُخَارِيّ ومسلم .
وعن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رسول الله r : « إن الله تَعَالَى يَقُولُ يوم القيامة أين المتحابون بجلالي ، الْيَوْم أظلهم فِي ظلي يوم لا ظِلّ إلا ظلي » . رَوَاهُ مُسْلِم .
وعن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيّ r قَالَ : « سبعة يظلهم الله فِي ظله يوم لا ظِلّ إلا ظله : الإِمَام العادل ، وشاب نشأ فِي عبادة الله ، ورجل معلق قَلْبهُ فِي المساجد ، ورجلان تحابا فِي الله اجتمعا عَلَيْهِ وتفرقا عَلَيْهِ ، ورجل دعته امراة ذات منصب وجمال فقَالَ : إني أخاف الله ، ورجل تصدق بصدقة فأخفلها حَتَّى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خَالِيًا ففاضت عَيْنَاهُ » . رَوَاهُ الْبُخَارِيّ ومسلم وَغَيْرِهمَا .
وعن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيّ أن رجلاً زار أخًا لَهُ فِي قرية أخرى فأرصد الله على مدرجته ملكًا فَلَمَّا أتى عَلَيْهِ قَالَ : أين تريد ؟ قَالَ : أخًا لي فِي هَذِهِ القرية . قَالَ : هل لَكَ عَلَيْهِ من نعمة تربها ؟ قَالَ : لا غير أني أحبه لله . قَالَ : فإني رسول الله إليك أن الله قَدْ أحبك كما أحببته فيه » . رَوَاهُ مُسْلِم .
وعن أبي مُسْلِم قَالَ : قُلْتُ لمعاذ : وَاللهِ أني لأحبك لغير دنيا أرجو أن أصيبها منك ولا قرابة بيني وبينك . قال : فبأي شيء ؟ قلت : لله . قال : فجذب جبوتي ثم قَالَ : أبشر إن كنت صادقًا فإني سمعت رسول الله r يَقُولُ : « المتحابون فِي الله فِي ظِلّ العرش يوم لا ظِلّ إلا ظله ، يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء » . قَالَ : ولقيت عبادة بن الصامت فحدثته بحديث معاذ .
فقَالَ سمعت رسول الله r يَقُولُ عَنْ ربه تبارك وتَعَالَى : « حقت محبتي على الْمُتَحَابِّينَ فِيَّ ، وحقت محبتي على المتناصحين فِيَّ ، وحقت محبتي على المتباذلين فِيَّ . هم على منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء والصديقون » . رَوَاهُ ابن حبان فِي صحيحه .
وعن عبادة بن الصامت رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : سمعت رسول الله r يأثر عَنْ ربه تبارك وتَعَالَى يَقُولُ : « حقت محبتي للمتحابين فِيَّ ، وحقت محبتي للمتواصلين فِيَّ ، وحقت محبتي للمتزاورين فِيَّ ، وحقت محبتي للمتباذلين فِيَّ » . رَوَاهُ أحمد بإسناد صحيح .
وعن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ r : « إن من عباد الله عباد ليسوا بأنبياء يغبطهم الأَنْبِيَاء والشهداء » . قِيْل : من هم لعلنا نحبهم . قَالَ : « هم قوم تحابوا بنور الله من غير أرحام ولا أنساب ، وجوهم نور على منابر من نور لا يخافون إِذَا خاف النَّاس ولا يحزنون إِذَا حزن النَّاس » .
ثُمَّ قرأ : ﴿ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ . رَوَاهُ النسائي فِي صحيحه واللفظ لَهُ وَهُوَ أتم .
وعن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ r : « إن من عباد الله لأناسًا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأَنْبِيَاء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله » . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ فأخبرنا من هم .
قَالَ : « هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم ، ولا أموال يتعاطونها ، فو الله إن وجوهم لنور وإنهم لعلى نور ولا يخافون إِذَا خاف النَّاس ولا يحزنون إِذَا حزن النَّاس » . وقرأ هَذِهِ الآية
﴿ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ رَوَاهُ أبو داود .
وعن عمار بن ياسر أن أصحابه كَانُوا ينتظرونه فَلَمَّا خَرَجَ قَالُوا : ما أبطاك عنا أيها الأمير قَالَ : أما إني سوف أحدثكم أَنَّ أخًا لكم ممن كَانَ قبلكم وَهُوَ مُوَسى عَلَيْهِ السَّلام قَالَ : يا رب حدثني بأحب النَّاس إليك قَالَ : ولم . قَالَ : لأحبه بحبك إياه .
قَالَ : « عبد فِي أقصى الأرض أَوْ طرف الأرض سمَعَ به عبد آخر فِي أقصى أَوْ طرف الأرض لا يعرفه فَإِنَّ أصابته مصيبة فكأنما أصابته ، وإن شاكته شوكتة فكأنَّما شاكته لا يحبه إلا لي فَذَلِكَ أحب خلقي إِلَي » .
قَالَ : يَا رب خلقت خلقًا تدخلهم النار أَوْ تعذبهم فأوحى الله إليه » . كلهم خلقي . ثُمَّ قَالَ : ازرعْ زرعًا فَزَرَعَهُ فقَالَ : اسقه . فسقاه ثُمَّ قَالَ : قم عَلَيْهِ ما شَاءَ الله من ذَلِكَ فحصده ورفعه
فقَالَ : ما فعل زرعك يَا مُوَسى ؟ قَالَ : فرغت منه ورفعته . قَالَ : ما تركت منه شَيْئًا ؟ قَالَ : ما لا خَيْر فيه أَوْ ما لا حَاجَة لي فيه . قَالَ : فكَذَلِكَ أَنَا لا أعذب إلا من لا خَيْر فيه » .
قَالَ : ولو لم يكن فِي محبة الله إلا أنها تنجي محبة من عذابه لكَانَ ينبغي للعبد أن لا يتعوض عَنْهَا بشَيْء أبدًا . وسئل بَعْض الْعُلَمَاء : أين تجد فِي القرآن أن الْحَبِيب لا يعذب حبيبه ؟ فقَالَ فِي قوله تَعَالَى : ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ﴾ . الآية
اللَّهُمَّ وَفَّقَنَا لتدبر كتابك وإطالة التامل فيه وجمَعَ الفكر على معاني آياته . اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قواعد الإِيمَان فِي قلوبنا وشيد فيها بنيانه ووطد فيها أركانه وألهمنا ذكرك وشكرك وآتنا فِي الدُّنْيَا حسُنَّة وفي الآخِرَة حسُنَّة وقنا عذاب النار . وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . وَصَلّى اللهُ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين
|