
06-05-2013, 07:02 PM
|
عضو لامع
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
|
|
هي ليست نظرية لها إطارها الأكاديمي العلمي، المعروف، غير أنني استنتجتها من قراءتي لملامح تلك الشخصية الفذة التي ضربت المثل على موسوعية العلم وثقافة المعرفة والزهد الحقيقي الخالي من التكلف والنفاق، وأقصد به العالم والمفكر الإسلامي الجهبذ الشيخ الدكتور صالح بن عبد الرحمن الحصين، رحمه الله.
لقد توصلت من خلال متابعتي للشيخ في عدة مناسبات ومن خلال قراءتي لسيرته العطرة إلى نتيجة مخلصها أن الشيخ آمن بنظرية – وإن لم يحدد هو ملامحها أو يثبتها كنظرية- أعتبرها على الأقل من وجهة نظري أنا – أن الوقف الإسلامي هو سلاح الدعوة الأكثر انتشارًا وتأثيرًا خاصة في البلدان التي تجهل الإسلام أو يترسب في أذهان أبنائها الصورة المعكوسة والمنبوذة عنه كدين وعن أهله كتابعين له.
جمعتني والشيخ الدكتور صالح الحصين، وزير الدولة السعودي السابق، والرئيس العام السابق لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، ورئيس مركز الحوار الوطني ، رحمه الله رحمة واسعة، مناسبة وقفية، بالمدينة المنورة، دعيت لها من إدارة مؤسسة الوقف التي كان يمثل الشيخ رئيس مجلس أمنائها، واستمعت لراعي المناسبة وهو يسلط الضوء على الوقف وأهميته كمعلم حضاري تنموي يميز الأمة الإسلامية عن غيرها.
ما لفت نظري تلك الدقائق الصغيرة، التي ربما يغفل عنها كثير من الباحثين والمتخصصين في مجال الوقف نفسه، فرأيته يستنطق ذاكرته المليئة بالأحداث التاريخية القديمة والحديثة وتسعفه ثقافته في أن تنساح الكلمات مجلجلة والتاريخ مسطرًا أمامه وأمامك فيجعلك تخرج وأنت أكثر إيمانًا بكل مظاهر حضارتنا الإسلامية ورقيها وإكرامها لكل ذي رطبة صدقة" في الحياة ولو كانت قطة ذات مواء أو كلب ذات عواء أو عجل ذا خوار، فضلًا عن الإنسان الذي كرمه ربه وفضله على كثير ممن خلق تفضيلًا.
في اللقاء تحدث شيخنا بثقافته المتنوعة والغزيرة عن الوقف وكيف استطاع المسلمون أن يجعلوا من الوقف صورة حضارية مشرفة خدمت الناس جميعًا حتى الجواري اللاتي كن يذهبن لإحضار الزبادي وتنكسر منهن الأواني على غفلة بما يعرف بـ"وقف الزبادي"، أو الوقف الخاص ببعض الحيوانات والطيور وهو شيء حضاري متقدم جدًا فاق – في نظري – دعاوى جمعيات الرفق بالحيوان، هذا كله فضلًا عن الأوقاف المخصصة بالفقراء من البشر والمساكين والمرضى والمعوزين وأصحاب الحاجات الماسة.
وفي مناسبة أخرى للوقف في مهبط الوحي - مكة المكرمة - قال الشيخ الحصين: " إن الهدف من وضع مقر الوقف في بلدان أوروبية مختلفة جاء من أجل الرغبة في نشر الدين الإسلامي بين أوساط تلك الشعوب في وقت يسير ووجيز حتى تتلافى العقبات أمام هذه المؤسسة ونشاطاتها وتكون دعوتها على مقربة".
مؤكدًا لنا يرحمه الله "أن من أعمال المؤسسة الخيرية إنتاجها للمناهج والنموذج التعليمي في المدارس، وقد لقي هذا الاتجاه الترحيب من قبل كثيرين في أوروبا، والأهم من ذلك جاء في خطه الرواد الأوائل لهذه المؤسسة وهو توطين هذا المنهج وتوطين هذه التوعية، والحمد لله نحن عليه سائرون ونسعد بوجود عدد كبير من السكان في مناطق أوروبا التي تعمل فيها المؤسسة هم بأنفسهم يقومون بالدور الذي تقوم به المؤسسة ومساندتها بشريًا".
تذكرت كل ذلك وقد نما إلى سمعي، وفاة الشيخ، الذي تولى عدة مناصب مهمة كان منها رئيس مجلس إدارة المركز الدولي للأبحاث والدراسات( مداد) والعديد من المؤسسات الخيرية، بعد أن ترك بصماته الكثيرة والمتنوعة دعوة للخير وعلمًا وثقافة وحوارًا ودفعة لمسيرة العمل الخيري بشقيه المحلي (السعودي) والعالمي( الإسلامي).
والمتأمل في سيرة الشيخ، رحمه الله رحمة واسعة، يجد أنه هُيأ لمثل هذه النجاحات العديدة على تلك الأصعدة سيما صعيد مسيرة العمل الخيري وعلى الأخص في مجال الوقف الذي برز فيه، رحمه الله، واستطاع أن يساهم بإنشاء مؤسسة خيرية اسمها "مؤسسة الوقف" تسنم الشيخ رئاسة مجلس أمنائها، وكان ولايزال لها دورها البارز في العناية بهذا المجال الإسلامي المهم الذي يعتبر معلمًا من معالم الأمة الإسلامية قديمًا وحديثًا ودافعًا لتنمية حضارتها.
ومن هذا كان يحاول في كل مناسبة أن يبين لنا هذه الدور المهم والفعال للوقف الإسلامي وكيف يمكن الاعتماد عليه – بعد توفيق الله تعالى – أن يكون بالفعل وسيلة فعالة لنشر الإسلام والتعريف به وأنه الأجدر لقيادة البشرية إلى النور والتقدم والازدهار.
رحمه الله فقد كان آية من آيات الله في أن الدعوة باللين واتباع المنهج الوسطي والإفادة من مقدرات الأمة ونوازع الخير في نفوس أبنائها عوامل نجاح للدعوة الإسلامية "بالحكمة والموعظة الحسنة".
- See more at: http://www.almesryoon.com/permalink/....izCNsaMj.dpuf
|