علو الهمة في واحة الشعر
قال علي رضي الله عنه:
إذا أظْمَأتْك أكفُّ الرِّجالِ***كفَتْك القناعةُ شِبَعًا ورِيَّا
فكنْ رُجلًا رِجلُه في الثَّرَى ***وهامةُ هِمَّتِه في الثُّريَّا
وقال أيضًا:
ومحترسٍ من نفسِه خوفَ ذلةٍ***تكونُ عليه حجةٌ هي ماهيَا
فقَلَّصَ بُرْدَيهِ وأفضَى بقلبِهِ***إِلى البِرِّ والتقوى فنالَ الأمانيا
وجانب أسبابَ السفاهةِ والخَنا ***عفافًا وتنزيهًا فأصبحَ عاليا
وصانَ عن الفحشاءِ نفسًا كريمةً***أبتْ همةً إلا العُلَى والمعاليا
تراهُ إِذا ما طاشَ ذو الجهلِ والصَّبا ***حليمًا وقورًا ضائنَ النفسِ هاديا
له حِلْمُ كهلٍ في صرامةِ حازمٍ***وفي العينِ إِن أبصرتَ أبصرتَ ساهيا
يروقُ صفاء الماءِ منه بوجهِه***فأصبحَ منه الماءُ في الوجهِ صافيا
ومن فضلِه يرعَى ذِمامًا لجارهِ***ويحفظُ منه العهد إِذ ظلَّ راعيا
صَبورًا على صَرْفِ الليالي ورزئها***كَتومًا لأسرارِ الضميرِ مُداريا
له هِمَّةُ تعلو على كُلِّ همةٍ***كما قد علا البَدرُ النجومَ الدراريا
وقال المتنبي:
لولا المشقةُ ساد النَّاسُ كلُّهمُ***الجُودُ يُفقرُ والإقْدامُ قتَّالُ
وله أيضًا:
وإذا كانت النفوسُ كبارًا***تعِبتْ في مُرادِها الأجسامُ
وقال أيضًا:
ولم أرَ في عيوبِ النَّاسِ شيئًا***كنقصِ القادرين على التَّمامِ
وقال ابن هانئ الأندلسي:
ولم أجِد الإِنسانَ إِلا ابن سعيِه***فمن كان أسعَى كان بالمجدِ أجدرا
وبالهمةِ العلياءِ يرقَى إِلى العُلا***فمن كان أرقَى هِمَّةً كان أظهرا
ولم يتأخرْ مَن يريدُ تقدمًا***ولم يتقدمْ مَن يريدُ تأخرا