تأثير العادة السرية عليّ غير حياتي
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سعيد بمراسلتكم، وأتمنى أن تساعدوني وأن تمدوني بالأمل والقدرة على التغيير.
عمري 25 سنة، قصتي بدأت منذ أن كنت في الـ 16 من عمري، كنت إنسانا عادياً ومتفوقا في دراستي، ونشأت في أسرة عادية طبيعية محافظة، وفي كنف والدين طيبين وإخوة كذلك، لكن عندما وصلت إلى هذا السن -16- تغيرت حياتي، ولم أعد أشعر بطعم الحياة والراحة النفسية والرضا عن الذات، تعرفت على ما يسمى بالعادة السرية، والتي حولت حياتي إلى جحيم لا يطاق، وسقطت في فخها لسنوات وإلى اليوم، وأنا سجين فيها، مرت علي سنوات وأنا أكذب على نفسي أنني سأتركها، وأنني كلما مارستها ستكون آخر مرة، لكن هيهات، لقد مرت عشر سنين كلمح البصر وكنسمة ريح باردة؛ حيث كنت أمارسها كمتوسط 4 مرات في الأسبوع.
بدأت شيئا فشيئا أنعزل وتبدو علي مشاعر من الخجل الشديد والخوف من الناس، بدأت أشعر بخستي وحقارتي، وأني أقل من أن أتحمل المسؤولية في المجتمع، وعانيت الأمرين في دراستي الجامعية بسبب الخجل والرهاب والشعور بالنقص الذي أفقدني السيطرة على حياتي، مما زادني انعزالا وإدمانا للمواقع ال*****ة، وتقاذفتني أمواج الحياة يمينا وشمالا، فلم أشعر بالاستقرار والثقة التي كنت أقرأ عنها كثيرا، كنت أشعر وأنا في الجامعة أنني أحقر مخلوق؛ لذلك كنت منعزلا وخائفا من كل الطلبة، ما إن أتحدث مع غريب أو أعرض موضوعا في القسم أمام الطلبة أرتعش وأشعر بالدوار والغثيان، وأشعر بعدم الارتياح، لا أستطيع تكوين صداقات قوية حتى في مجتمعي وأصدقائي، وأشعر بنوع من البلادة في الأفكار والجفاف، فلا أدري ما أقول، وإن قلت عملت ألف حساب لكل كلمة قلتها، ولو كانت بسيطة!
أتأثر لمزاح الناس معي، وأبقى أتذكر ذلك المزاح كلما رأيت ذلك الشخص، وأعتبره عدوا، وأعتبر رأي الناس يهمني في كل شيء؛ لذلك أسعى لاسترضائهم، وأتكلف وأصطنع أنني إنسان هادئ وطيب، وعندما أسير في الشارع أشعر بعدم الارتياح وخوف غريب، وأن الناس تتابع حركاتي إن كان الشارع فيه جمهرة من الناس، بالإضافة أنه ليست لدي مشية طبيعية، فمرة أسرع، ومرة أمشي ببطء، وأشعر بمغص في بطني، أتمنى التخفي عن الأضواء والتستر عن الناس، أعتبر نفسي دائما خاطئا، وهم على حق برغم مستواي العلمي، لا أستطيع التحدث معهم بطلاقة، والآن تخرجت واصطدمت بالواقع، العمل بكل المشاق التي أنتظرها والتي كنت أتجنبها، بمعنى ضرورة الاحتكاك مع الناس، وكيفية التعامل، وطريقة نظر أصدقائي ومجتمعي إلى تفكيري وسلوكي كمتخرج من الجامعة، وأشعر أنني إنسان ضائع، أبسط إنسان أشعر أمامه بالنقص، لا أعلم ماذا أفعل لأغير حياتي، وأستثمر قدراتي ومميزاتي التي مدحني كثير من الأساتذة بها، وأنفع ديني وأغير نظرتي نحو نفسي، والقناعات المترسبة في داخلي.
أريد أن تساعدني بخطوات عملية للتخلص من العادة السرية والمواقع المحرمة، وتبين لي تأثيرها على نفسيتي ومستقبلي، وكيف أستعيد ثقتي بنفسي وأغير نظرتي السلبية لنفسي؛ فأمامي مشروع الزواج، وأتمنى أن ألتقي بخطيبتي وأنا إنسان على طبيعته دون عقد نفسية أظلمها بها، وماهي طرق التعامل مع الآخر كإنسان مثلي؟ أريد أن أشعر بالطمأنينة والسلام الداخلي، وسبل القضاء على الخجل، والولوج إلى وسط المجتمع دون خوف، وأتمنى أن تساعدوني بإجابات لكل ما أعانيه دون روابط للاستشارات الأخرى.
وعذراً على الإطالة وجزاكم الله خيرا وبوأكم من الجنة منزلا ومقاماً.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.
الخطوات العملية التي تساعدك للتخلص من الممارسات الخاطئة، وهي العادة السرية، وتصفح الخلاعية وال*****ة تتمثل في أمرين هما:
الأول: أن ترفع من مستوى قناعتك أن الذي تقوم به خطأ قبيح، يجب أن تدرك إدراكا مطلقا أن هذه الأفعال، والتي هي تحت إرادتك، والتي تقوم بها طواعية هي السبب في تدمير حياتك بالصورة التي ذكرتها، لا تأخذ الأمر ببساطة، أو أنه أمر عابر، أو أن أحدا سوف يستطيع حل هذه المشكلة، أنت الذي ستقوم بحلها؛ لأنك شخص مستبصر تفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام، والخير والشر، والذي أعاقك حقا، وجعلك تعيش بهذه الصورة المؤلمة هو أنك لم تفضح نفسك لنفسك حول ممارستك هذه، وانتهجت منهج التبرير لهذه الممارسات.
فيا أيها الفاضل الكريم: يجب أن ترفع مستواك المعرفي والفكري إلى أقصى درجاته لتستدرك شناعة ما تقوم به، هذه هي الخطوة العملية الأولى والمهمة جدا.
وفي هذا السياق أنت نشأت في أسرة متميزة ونشأت نشأة طيبة، وقد تفوقت في دراستك، فأنت لديك منظومة قيمية عالية، وبعد أن وقعت في الهفوات، والتي تحولت إلى معاص، وهنا حدث نزاع بين نفسك التي تأمرك بالسوء، ونفسك اللوامة، لكن الذي يظهر لي أن نفسك الأمارة بالسوء قد انتصرت، وهذا يمثل تحطيما للذات؛ ولذا أصبحت تتمادى، وتفعل أفعالك هذه.
هذه هي الخطوة الأولى، وهي مهمة جدا، وهي القناعة الفكرية المعرفية الحقيقة.
بعد ذلك يكون التطبيق وهي الخطوة الثانية: وهي بالتوقف عن العادة السرية، ويكون ذلك بالتدريج بأن تجعلها مرتين في الأسبوع، ويجب أن تقطع الخيال ال***ي المرتبط بها، وإذا لم تقطعه ستجد صعوبة في التوقف، حتى عند أن تمارسها مرتين في الأسبوع يجب أن تربطها بخيالات قبيحة تجلد فيها نفسك وذاتك، وفي الأسبوع الذي يليه مارسها مرة واحدة، ثم توقف عن الممارسة.
بالنسبة للمواقع ال*****ة فليس هناك تدرج، إنما هو فضح للذات مباشرة، وترفع منظومتك القيمية، وتتوقف عن هذا الفعل.
من المهم جدا أن تكون علاقتك طيبة مع الصالحين من الناس لتتخذهم نموذجا، ويجب أن تتوقف عن هذه الحياة المزدوجة في أنك تظهر للناس بشيء، وعالمك الداخلي مليء بالخطايا والآثام.
هذه هي الخطوات العملية، وأعتقد أنك من خلال الجدية واستدركك لحقيقة الأمر يمكن أن تتغير.
أما بالنسبة لتخوفك الاجتماعي، والذي هو نتاج للتناقض الموجود في منظومتك القيمية، فأنصحك أن تكون من الذين يرتادون المساجد، ودور حفظ القرآن، ومن أهل صلة الرحم، وأن تمارس الرياضة الجماعية، وتواصل أصدقائك، وأن تقرأ وتطلع، وهذه كلها وسائل للخروج من الخوف والقلق الاجتماعي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.
|