عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-07-2008, 12:41 AM
الصورة الرمزية عاطف خليفة
عاطف خليفة عاطف خليفة غير متواجد حالياً
مدرس الكيمياء للثانوية الازهرية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 1,960
معدل تقييم المستوى: 0
عاطف خليفة is an unknown quantity at this point
افتراضي

أن يكونوا على حذر ، و أن يكونوا على يقظة تامة ووعي كامل بأساليب أعداء الدعوة و بمخططاتهم . إنهم يكيدون لهذه الدعوة ، وربما يوقعون الدعاة إلى الله ـ عز وجل ـ في أمور يتندمون عليها في آخر الوقت عندما يتضح لهم الحق ، بل أحياناً بعض الدعاة يُوقع في أمور يقول فيها الحق ويتكلم بالحق ولكن يوظف هذا الحق الذي قاله في خدمة أهل الباطل . وفي مصر عقدت ندوات كلها تتكلم عن التطرف ، وتكلم بعض الدعاة المرموقين المحترمين الذين نجلهم و نحترمهم بكلام جيد في الجملة ولكنه استغل بمحاربة شباب الإسلام والجماعات الإسلامية ! إنها وقعة وقع فيها ذلك الداعية . وأيضاً كتبت بعض المجلات أو وضعت ملفاً للغلو والتطرف ودعت واستكتبت كثيرا من الكُتّاب , كلهم أو جلهم من العلمانيين والمنحرفين إلا واحداً تقريباً من الإسلاميين . وكتب ـ غفر الله له ـ وكانت كتابته في وسط كتاباتهم مما كان له أثر في تقويةً للتيار الذي أرادوه هم .
إذن ينبغي للدعاة إلى الله ـ عز وجل ـ في مختلف أنحاء الأرض أن يكونوا على حذر من ألاعيب الساسة ومخططات أعداء الإسلام .

أيها الأحبة :
إن الانتماء الحق لهذا الدين ولأهل السنة يعني الثبات والصدق على المبادئ تنظيراً وعملاً وبناءً , وعلى هذا فإن التنازل عن شيء من العقيدة ممنوع بأي حجة كانت وبأي هدف كان ، فالقول بأن ذلك من مصلحة الدعوة أو للتكتيك مرفوض . فالإسلاميون الذين يتحالفون مع العلمانيين بحجة الوطنية أو يدخلون تحت مظلتهم لا شك أنهم على خطأ ، فإن الثبات على المبادئ أعظم بكثير من المصلحة الموهمة والمظنونة .

ثم أيضاً إن الانتماء و الأحكام الشرعية لا تخضع للاعتبارات الأخرى , ولذا فإن تسمية الكفرة والمرتدين بـ ( الإخوة ) من أعظم الخطأ الذي يقع فيه بعض الدعاة وبعض أهل العلم ، وقد رأينا وقرأنا أن بعضهم كان يقول للأقباط ( أخوتنا الأقباط ) وبعضهم ألّف كتاباً يرد فيه على العلمانيين وهو شخص محترم مرموق وقال في أوله : " ونقول لإخواننا العلمانيين الذين يطعنون في الإسلام ويدافعون عن العلمانية " !! . العتب والله لا ينقضي , قوم يطعنون في الإسلام ويدافعون عن العلمانية يُسمون " إخوة " ؟! إخوة في ماذا ؟ في أي شيء ؟

ثم إن الانتماء الحق لهذا الدين وإن الثبات الصادق على المبادئ يقتضي أيضاً أن نتخذ المواقف الشرعية الصحيحة على الأساس الشرعي السليم لا على أي أساس آخر ، لا على أساس حزبي ولا على أساس تعصب وعلى غير ذلك . فمثلاً عندما يتهجم بعضهم على بعض الجماعات الإسلامية التي كانت لها رأي في قضية أزمة الخليج بتهمة أنهم وقفوا موقفاً لا نرضاه نقول إن هذا خطأ ، على افتراض أنهم وقعوا فيه فإن ذلك لا يحق ولا يبرر أن يشن عليهم هجوم ، وأيضاً الذين دافعوا عن بعض الجماعات أو الذين نشروا أفكار و آراء بعض الجماعات التي عارضت جبهة الإنقاذ في الجزائر ، وشمتت بها وأيدت الطواغيت وأثنت عليهم هؤلاء نقول لهم : قد أخطأتم في ذلك . في الجزائر حصل ما حصل ، وقامت بعض الجماعات بصراحة وليس بتلميح بالشماتة لما حصل لإخوانهم , العجب ليس من فعل هؤلاء إنما العجب في فعل آخرين في المشرق العربي جلسوا وقتاً طويلاً وهم يبرزون هؤلاء وينشرون أقوالهم وينشرون صورهم على أغلفة مجلاتهم . إن الثبات على المبادئ يقتضي منا أن نقول للمخطئ أخطأت وأن نقول للمصيب أصبت ، وأن ننصحه وأن نبين له الحق وأن نتخذ الموقف المشروع شرعاً بالعدل والإنصاف لا بتحيز ولا بظلم .

أيها الأحبة :
إن الانتماء الحق لهذا الدين يعني مراعاة سنن الله ـ عز وجل ـ في تغيير المجتمعات ، ومن سنن الله ـ عز وجل ـ في التغيير : البدء في الأنفس ، كما قال الله سبحانه : {{ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم }} . فهل بدأ العاملون للإسلام بذلك ؟ هل عدلوا ما عندهم من الانحراف إن كان موجوداً ؟ هل كملوا ما عندهم من نقص إن اكتشفوه وتبين لهم ؟
لا شك أن مما يؤلم أن ترى بعض من يتصدى للدعوة إلى الله ـ عز وجل ـ أو من يتصدى للعمل الإسلامي و إذا رأيته لا تكاد تفرق بينه وبين المستغربين المتفرنجين ، حلق لحيته ولبس لباساً لا يفرق بينه وبين غيره , ثم لا يتميز بسلوك ولا بهدي عن غيره ممن يحمل الأفكار الدخيلة على هذه الأمة .
ثم إن أيضاً ما يصيب العاملين للإسلام من انتكاسات أو خسائر فهو راجع إلى سنة بيّنها الله ـ عز وجل ـ لنا في كتابه بقوله : {{ أو لمّا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنَّى هذا قل هو من عند أنفسكم }} ، فهل راجع الإسلاميون أنفسهم ؟ هل نظروا من أسباب ما وقع بهم من مصائب ؟ هل بحثوا عن مواطن الخلل ؟ إن ذلك يقتضي منهم أن يشرحوا صدورهم و أن يتقبلوا ما يهدى إليهم من نقد أو نصح أو بيان .

أيها الأحبة :
ثم إن هناك مظاهر لا تعبر عن الانتماء الحقيقي الصادق للإسلام وهي موجودة في مجتمعات المسلمين من هذه المظاهر :
طاعة الكفار واتباع أهوائهم ، فهي ظاهرة موجودة في أنحاء العالم الإسلامي وقد قال الله ـ عز وجل ـ : {{ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من وليٍ ولا نصير }} .

ثم أيضاً من المظاهر التي تعبر إلى عدم الانتماء لهذا الدين : انتشار اللغة الأجنبية في بلدان المسلمين ومحاولة نشرها . انتشار اللغة الأجنبية في بلدان المسلمين سواء كانت اللغة الإنجليزية في المشرق العربي ، أو اللغة الفرنسية في المغرب العربي ، كل ذلك من مظاهر الانهزام الذي تعيشه هذه الأمة ومن مظاهر تمييع الهوية التي هي موجودة الآن في هذه الأمة . في الجزائر على سبيل المثال صدر قرار بتجميد قانون يسمى " قانون التعريب " , فقد كانوا قد سعوا في التعريب بأن تكون أمور الدولة عربية ولكن جمد هذا القانون الذي صدر قبل مدة وجيزة . في بعض البلدان تجد اللغة الإنجليزية هي لغة الجامعات ، لغة المستشفيات ، لغة المطارات ، لغة الشركات ، ما هذا ؟ هذا يدل على أن الانتماء للإسلام ليس انتماء كاملاً , ليس الانتماء الحق التام الصادق ، إن هناك خللا تعيشه هذه الأمة .

ومن ذلك أيضاً تمييع الهوية عند الكثيرين حتى بعض الجماعات الإسلامية . مثلاً : هناك بعض الجماعات في الجهاد الأفغاني لا تفرق بين السنة والرافضة والشيوعيين والمليشيات . لا شك أنها طعن عظيم في عقيدة أهل السنة والجماعة , العقيدة المتميزة سواء كان ذلك هناك أو في غيرها من الأماكن .

ثم من مظاهر البعد عن الهوية الإسلامية وعن الانتماء الحق لهذا الدين : التخاذل عن نصرة الإسلام ونصرة أهله والتخاذل في الغيرة على حرمات الله ـ عز وجل ـ . تجد الكثيرين يتخاذلون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أي والله يا إخوان إن بعضهم يجادلك في ذلك . أناس لا يُصَلُّون ثم تذهب وتريد من إخوانك الذين يحافظون على الصلوات في الأوقات الخمسة أن يعينوك , فيقولون اتركهم مالك ولهم .

ثم هناك الهجوم المتواصل على الدعاة إلى الله ـ عز وجل ـ وتجريحهم وتتبع عثراتهم وتضخيم ما يتوهم أنه خطأ , ونحن لا نقول أن الدعاة إلى الله ـ عز وجل ـ بمعزل عن الخطأ ولا نقول أنهم معصومون ولكن قد جعل الله لكل شيء قدره والحق أحق أن يتبع .


أقِلوا عليهم لا أبا لأبيكم من اللوم ************* أو سدوا المكان الذي سـدوا


إن هؤلاء الذين قد شهروا أسلحتهم ضد الدعاة وجندوا أنفسهم للصد عن الدعوة , هؤلاء إنما هم عون للكافرين وظهير للمجرمين وقد قال موسى عليه السلام : {{ ربي بما أنعمت عليَّ فلن أكون ظهيراً للكافرين }} .

ثم أيضاً أيها الأحبة مما انتشر عندنا , وهو من المظاهر التي لا تعبر عن الانتماء التام الحقيقي لهذا الدين : تربية الأبناء تربية مادية , أي تربيتهم على حب الدنيا وكراهية الموت . يسعى الأب لتعليم أولاده في المدارس وفي المتوسطات والثانويات والجامعات كل ذلك لهدف وهو أن يؤمن مستقبله وأن يحصل على شهادة ووظيفة . لا تجده يتطلع بأن يربي أولاده تربيةً جهادية ، بأن يجعله أن يتمنى بأن يكون مجاهداً في ساحات الوغى .

ثم من هذه المظاهر التي لا تعبر عن الانتماء لهذا الدين : عيش الكثير من الشباب على هامش الحياة . عيشهم كعيش الذي لا يحمل رسالة ولا يعيش لمبدأ ، ولا كأن عليه مسئولية أمام الله ـ عز وجل ـ ، وكأنه لم يكرم ولم يشرف بحمل هذا الدين . إن هذه الأمة كرمها الله ـ عز وجل ـ بحمل الإسلام وجعل لها مكان السيادة والقيادة والريادة ، {{ كنتم خير أمةٍ أُخرجت للناس }} بماذا {{ تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله }} ، فإذا تخلت عن هذه الأوصاف ، وتخلت عن هذه الرسالة ، فإنها بلا شك ستتقهقر عن مكان الريادة كما هي حالها الآن .

أيها الأحبة في الختام أقول : إن أبرز خصائص الانتماء الذي تميز من حقق الانتماء لهذا الدين والتي تميز رجل العقيدة عن غيره ، ثلاثة أمور :

أولهـــا : الــتــربـــيــة الـــقــرآنـــيــة الإيـــمانــيــة ، الــتــربــيــة الـجــهـاديــة
في المنزل , في الأسرة , في المسجد , في المدرسة , يربي نفسه وأولاده بأن يكون مجاهداً ، مجاهداً بماله ، مجاهداً بنفسه ، مجاهداً بلسانه في تحمل الرسالة .

وثانيا : الـــولاء والــــبـــراء
فهو من أبرز ما يميز من حقق انتماءه لهذا الدين ، وإن الكثيرين في عصرنا هذا من عباد الله الصالحين قد ضيعوا هذا المبدأ . تجد كثيراً منهم عندهم ولاء ، يوالون ويحبون المؤمنين ولكن البراء والمعاداة في الله قد ضعفت عند الأكثرين .

والأمر الثالث : الجهــــــــاد بأنواعـــــه الثلاثـــــــة
الجهاد ذروة سنام الإسلام كما أنه أيضاً هو المميز بين الصادقين وبين غيرهم ، الأمة أيها الأحبة كالبركة التي ملئت ماء ، هذه البركة التي ملئت بالماء إن كانت راكدة فإنها مع الزمن ستتحول إلى بركة آسنة قد علتها الطحالب والأوساخ ، وأما إذا كان الماء يذهب ويجيء ويتغير فإنها ستكون صافية ونقية . هكذا الأمة ، الأمة إذا كانت لا تجاهد فإنها ستفسد وسيعلوها الفساد ، وأما إذا كانت أمة مجاهدة ، إذا كانت أمة يذهب أبناؤها إلى الجبهات , إلى ساحات الجهاد ويرجعون ، وحديث أولادها عندما يستيقظون ، عندما ينامون هو : استشهد فلان وقاتل فلان وفعل فلان ؛ هذه الأمة هي الأمة النقية الصافية . فالجهاد هو ما يميز هذه الأمة وهو الذي يرفع هذه الأمة وبه عزتها ، قد جعلها الله مربوطةً به كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث السابق - : " إذا تبايعتم بالعينة .... الحديث ".

إننا نريد من شباب الإسلام أن يعيشوا لدينهم و أن يقوموا بتبليغ هذه الرسالة ، وتحمل هذه المسؤولية ، وإني أتمنى من الشباب الذين يملكون الحس الدعوي ، الشباب النابغ ، الذي يتحرك لنصرة هذا الدين ؛ ألا يتكسب في المدن ويبقوا فيها ، وأن يتفرقوا في بلاد الله الواسعة ، يدعون إلى الله ـ عز وجل ـ في الشعاب والوديان في القرى والهجر ، في الضواحي ، في الأماكن النائية ، وربما يهدي الله ـ عز وجل ـ على أيديهم أعداد غفيرة من الناس فينال السعادتين : سعادة الدنيا وسعادة الآخرة .

أيها الأحبة:
ثم إني أختم حديثي هذه الليلة بكلمةٍ جميلة لشيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية تكون ختام المسك . يقول رحمه الله في قول الله ـ عز وجل ـ {{ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض }} , يقول رحمه الله :
" فهذا الوعد مناسب لكل من اتصف بهذا الوصف , فلما اتصف به الأولون استخلفهم الله ـ عز وجل ـ كما وعد ، وقد اتصف به قوم حسب إيمانهم وعملهم الصالح فمن كان أكمل أيماناً وعملاً صالحاً كان استخلافه المذكور أتم ، فإن كان فيه نقص وخلل ، كان في تمكينه خلل ونقص ، وذلك أن هذا جزاء هذا العمل فمن قام بذلك العمل استحق ذلك الجزاء " .

ختاماً :

أسـأل الله ـ عز وجل ـ بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا جميعاً للعمل لهذا الدين ونصرته ونشره بين العالمين ، ونسأل الله ـ سبحانه ـ بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرد هذه الأمة إليه رداً جميلاً ، وأن يهيء لها من أمرها رشداً . اللهم أنصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين ، اللهم أنصر دينك وأعلي كلمتك ، اللهم أعز أولياءك وأذل أعداءك ، اللهم هيء لهذه الأمة من أمرها رشدا . اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان ، اللهم انصر من يجاهد في سبيلك بلسانه أو بقلمه أو بماله أو بنفسه ، اللهم انصرهم نصراً مؤزراً . اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، اللهم من أرادنا أو أراد الإسلام والمسلمين بسوء .... اللهم اشغله بنفسه ورد كيده في نحره وأرنا فيه عجائب قدرتك ، وأدر عليه دائرة السوء يا رب العالمين يا قوي يا عزيز إنك على كل شيء قدير .
أقول هذا القول ، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .




الأســـــئلــة


س/
أحد الأخوة يقول في مجمل كلامك فهمت منه أنك ترمي إلى عدم محبة الأوطان والعربية إن كانت هناك مشاكل أرجو توضيح هذه النقطة ؟

ج/
أقول أولاً أن حب الأوطان وحب العربية أمر مطلوب شرعاً ، فهو علاوة على أنه فطرة فهو أيضاً مطلوب شرعاً ، ولكني أقصد عندما يفترض أن يوجد هناك تناقض وتعارض بين مصلحة العرب وبين الإسلام كما يزعمون ، أنا على يقين أنه لا يوجد تعارض ولا يوجد تناقض بين العروبة وبين الإسلام ، ولا بين الأوطان ولا بين الإسلام فهذه جزء من الإسلام ، يعني الإسلام هو الكل وهذه أجزاء منه ، إنما لو افترض وجود تعارض بأن يُقال على سبيل المثال في القومية العربية إنه لا فرق بين المسلمين والنصارى و أن الجميع إخوة في العروبة ، فنقول : لا ، هذا تعارض ونرفضه وديننا قد أخبرنا أن الكافر عدو وإن كان شريفاً قرشياً ، وأن المسلم أخ لنا وإن كان عبداً حبشياً . فالمسلمون إخوة ولو اختلفت ألسنتهم وأما المسلم والكافر هم أعداء ولو كانوا أبناء بلد واحد .
فإذا تعارضت قضية الأوطان مع الإسلام فلا شك أن الإسلام هو المهيمن والذي يجب أن يكون حاكماً على غيره ، ولذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما رأى الإسلام لا ينتشر في مكة بحث عن مكان آخر وهجر وطنه وتركه .

س/
نرى في هذا الزمان أقواماً يتعلمون - أو قال يعملون - مع الكفرة وغيرهم ، فهل هذا يكون منتم إلى الإسلام ؟

ج/
ينبغي أولاً أن أبين أمراً مهماً وهو أنني عندما تكلمت في هذه المحاضرة كنت أقصد الانتماء الحق التام الصادق للإسلام ، فأما مجرد الانتماء والانتساب إلى الإسلام فهذا حتى لو كان الشخص فاسقاً فنحن لا نخرج أحداً من الملة ما لم يرتكب ناقضاً . فلو ارتكب الإنسان كبيرة من كبائر الذنوب ليست بناقض من نواقض الإسلام فهو مسلم ، لكنني أتكلم عن الانتماء الحق والكامل الذي نريد أن يتصف به شباب الإسلام .
العمل مع الكفار أو التعلم مع الكفار هذا له ضوابط , فإن كانت حاجة المسلمين ماسة لهذا الأمر ، فلو افترضنا أن الأمة لا يمكن أن تتقدم ولا أن تحصل على مجدها وعزتها إلا أن يتعلم طائفة من أبناءها مع الكفار , بل حتى تحت إشراف الكفار , يتعلمون منهم ما عندهم من صناعات بما لا يتعارض مع دينهم و عقيدتهم , فلا نقول فقط إن هذا مطلوب بل نقول أنه فرض كفاية على الأمة . واجب الأمة أن تكون قوية و أن تكون قائدة العالم وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، فأما إن لم تكن هناك حاجة , كأن يذهب الإنسان بطراً ومحبة للكافرين فلا شك أن هذا هو المحظور .

س/
يقول : تحقيق الانتماء للدين أو للأمة هدف كبير ولكن كيف نحقق ذلك ونحن نعيش تعصباً قبيحاً من قبل البعض ، فهذا من مدينة كذا والآخر من كذا ؟

ج/
على كل حال أقول هذا أقبح من التعصب للأوطان ، فإذا كانت الأوطان التي ينتمي إليها الإنسان التعصب إليها مرفوض شرعاً ، فإنه كلما ضاق هذا التعصب فهو أشد تحريماً . التعصب للقومية أوسع من التعصب للدولة , ثم التعصب للمنطقة أضيق من التعصب للدولة , والتعصب للمدينة أضيق من التعصب للمنطقة ، وكلما ضاق التعصب كلما كان أقبح وأشد تحريماً . فإذا كان التعصب للقوميات والأوطان ممنوع فمن باب أولى التعصب للمناطق والأقاليم والمدن وغير ذلك .

س/
يقول : ما رأيكم فيمن ينادي في هذا الوقت وخاصة بعض الكتاب في الصحف بموالاة أعدائنا من يهود ونصارى وأنهم أصحاب دين سماوي وخاصةً الأمريكان ؟

ج/
أقول : هؤلاء قوم طُبِع على قلوبهم وضلوا ويريدون أن يضلوا معهم الأمة . هناك دعوة قديمة بمسمى " العالمية " وهي دعوة ماسونية تزعم أنها تتجاوز الأديان والأجناس والوطنيات إلى المؤاخاة في الإنسانية ، هذه الدعوة في واقعها هي دعوة يهودية من أجل مصلحة اليهود . وقد تأثر بهذه الدعوة كثير من شباب المسلمين بل وحتى إلى ممن ينسب إلى المفكرين ، فدعوا بهذه الدعوة وهي " العالمية " ، و إذا كانوا يعلمون هدفها ويعلمون حقيقتها وما تتضمنه ، فلا شك إن هذا يصل إلى الكفر ، لأنه لا مساواة أبداً بين الإسلام وبين الأديان المحرفة المنسوخة ، التي غيرت وبدلت و نسخها الله عز وجل ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم . ولكن قد يكون هناك من لا يفقه هذه الأمور فيختلف الحكم في شأنه .

س/
أحد الإخوة يقول : لو وضحت الازدواجية بين التربويين ورجال الإعلام بصورة أكبر .

ج/
التربويون : هم أهل التعليم وأهل التوجيه والمدارس هؤلاء يعلمون منهجا معينا ، على سبيل المثال : يعلمون المحافظة على الخلق الفاضل ( الصدق والوفاء ، والالتزام بالحجاب للمرأة ) ، ثم يأتي التلفاز وتأتي المجلات لتخرب ما فعله هذا . فيحصل ما قال الشاعر :


متى يبلغ البنيان يوماً تمامــه ********* إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم


فإذا كان التربويون يبنون الخلق القويم في أنفس التلاميذ ثم يخرج التلميذ فينظر في التلفاز إلى المرأة المتحللة وإلى الخلق المرذول وإلى الكذب وإلى الجريمة وإلى السطو , أفلا يكون هناك ازدواجية وتصارع ؟ والغالب في وقتنا هذا تأثير وسائل الإعلام أكثر بكثير من تأثير التربويين والمعلمين فيكون الوضع خطير جداً مما يفسد الانتماء الحضاري لهذه الأمة .

س/
يقول : حصرت الدعوة إلى الله ـ عز وجل ـ على أشخاص معينين رغم أن من المعروف أن كل مسلم داعية ؟

ج/
أنا يا أخي الكريم لم أحصر الدعوة على ناس معينين فالدعوة وظيفة كل مسلم ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظيفة كل مسلم ، ليس مخصوصاً بأناس معينين لا في العلم ولا حتى في الوظائف الرسمية والعملية . الدعوة إلى الله سبيل أتباع محمد صلى الله عليه وسلم , فمن تبع محمداً فإنه داعية بنفس هذا الاتباع {{ قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنِ }} ، ولكنني أقصد الشاب المتميز الذي يوصف بأنه رجل عقيدة , هذا الشاب هو النادر من الشباب , عنده استعداد بأن يفعل ما فعله الشيخ عبدالله القرعاوي رحمه الله وينتقل إلى أقصى الجنوب ينشئ أمة من الجهل لتكون أمة علم ، ويبث روحاً من الوعي ومن الاستقامة في أناس كان يعشعش عندهم الجهل والخرافة . هذا هو الرجل الذي نحتاجه " رجل العقيدة " الذي يقول : أهجر بلدي ، وأهجر المدن ، وانتقل إلى الهجر والقرى والوديان والشعاب و رؤوس الجبال وأكون مدرساً هناك ، وأكون إمام مسجد هناك من أجل أن أخرج جيلاً مؤمناً ، هذا هو الشخص الذي تكلمت عنه وهو الذي نريده .

س/
ما رأيكم فيمن يكون منتم إلى شخص في دعوته حيث بأنه لا يقوم بأي مجال في الدعوة إلا بعد أن يأمره ذلك الشخص بأن يدعو في مجال ويترك آخر ؟

ج/
أقول إذا كان هذا الشخص الذي يوجهك عالماً ، مستقيماً ، ذا عقيدة صافية ، وذا منهج مستقيم ، فإنه سيوجهك للخير وسيمنعك من ضده ، وسيوجهك لما فيه المصلحة بدون ارتباط ولا أساس حزبي ، فأما إن كان الأمر غير ذلك وهو أن الآمر حزبي يوجهك لخدمة معينة ، يهدفون إليها فالدعوة ليست حكراً على أساليب معينة .

س/
سؤال يقول : ما الحكم فيمن أصر على استقدام الكفار رغم مناصحته وهو مصر على قوله بأنهم أنصح من المسلمين بالعمل ، ولا يتركون العمل للحج ولا للعمرة ؟

ج/
أقول : نسأل الله ـ عز وجل ـ لنا وله الهداية لا شك أن هذا قد ارتكب ذنباً عظيماً وهذا الذنب مركب من أمور :
الأمر الأول : أنه استقدم الكفار في جزيرة العرب ، وجزيرة العرب يجب أن تكون للمسلمين فقط ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أخرِجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب ) ، وكان ذلك من آخر ما وصى به أمته ، وهو عليه الصلاة والسلام على فراش الموت .
الأمر الآخر : قوله أنهم أنصح من المسلمين ، هذا ليس بصحيح أبداً ، من قال هذا ؟ من قال أنهم أنصح من المسلمين ؟ الله ـ عز وجل ـ أخبرنا بأن الكفار أغش من المسلمين {{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانةً من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بيّنا لكم الآيات إن كنتم تعقلون }} .
لا تتخذوا بطانة : من الكفار , لا يألونكم خبالاً : لا يقصرون فيما يفسد حالكم ، ودوا ما عنتم : أي أحبوا ما يشق عليكم ، قد بدت البغضاء : يعني على فلتات ألسنتهم من غير قصد و إرادة من غير أن يوضحوه , وما تخفي صدورهم أكبر : من الحقد والغل والغش للإسلام والمسلمين .
فكيف يُقال بعد هذا أن الكافرين أنصح لنا في العمل من المسلمين ، ثم قد يكون في ذهن بعض الناس أن الكفار أعلم بالأعمال من المسلمين , فنقول له إنك لو اتقيت الله ـ عز وجل ـ لجعل لك مخرجاً ، وإذا أردت أن تأتي بعمال مسلمين من ذوي الخبرة ومن ذوي المهارة فإن عليك أن تعمل للأسباب اللازمة لذلك وستجد . إنك ستجد في بلدان المسلمين من هو أفضل بكثير من الكفار ومن سينصح لك , وعليك أن تعتني بإخوانك في الله الذين هم من الإسلاميين ، فهؤلاء أنصح وأفضل . ثم في نفس الوقت ستعين أهل الإسلام والدعاة إلى الله ـ عز وجل ـ , وأما إذا جلبت الكافرين فإنك ستعين الكفار وستذهب أموالك إليهم ، وربما بنوا بها كنائس ، وربما طبعوا بها كتب تحارب هذا الدين تحارب الإسلام ، وربما اشتروا بها رصاصاً توجه إلى صدور إخوانك .
ثم أقول : بأنهم لا يذهبون لحج ولا عمرة عجب لا ينقضي من زهد المسلم في الأجر ، إذا جاءك أخ مسلم وذهب إلى الحج والعمرة ، وأعنته على ذلك كان لك أجر ، وإذا يسرت له الأمر كان لك الأجر ، فسبحان الله كيف هذا الزهد في ثواب الله عز وجل وفي أجره ، وربما يدعو لك هذا المسلم بدعوة خالصة صادقة في تلك المواطن الشريفة فيتقبلها ربك فيغفر لك فتنال السعادة .
على كل حال أقول : إن هذا الشخص يجب أن يُناصح ، وأن يُعطى فتاوى أهل العلم ، وأن يبين له خطورة الأمر ، فإن اتعظ فالحمد لله ويُدعى له بالهداية ، وإن بقي وأصر فادعوا له واجتنبوه وحذروا منه .

س/
أحد الإخوة يسأل عن قصة رئيس الوفد المصري إلى إسرائيل يقول : أين مرجعها؟

ج/
مرجعها ذكرها الشيخ " يوسف القرضاوي " في بعض كتبه ، ولا أتذكر الكتاب ، إما كتاب " الإسلام والعلمانية وجهاً لوجه " أو كتاب " الصحوة الإسلامية وهموم الوطن العربي الكبير " في أحد هذين الكتابين في آخره .

س/
هنا أسئلة عن التعصب الرياضي والتشجيع للأندية :

ج/
على كل حال هذه من وسائل الإلهاء التي تضيع الشباب المسلم ، والتعصب لها مذموم ولاشك ، وقد وصل بهم التعصب إلى الموالاة والمعاداة في الأندية الرياضية فمن كان يشجع فريقه فهو يواليه ومن كان يشجع فريقاً آخر فهو يعاديه و يبغضه ويسبه ويشتمه . وهذه والله مأساة من مآسي المسلمين ومن أمراض هذه الأمة ، ولكنه ليس بالمرض العضال ، هو من الأمراض التي يمكن تداركها بإذن الله تعالى بجهودكم وجهود إخوانكم من الدعاة إلى الله عز وجل .

س/
أحد الإخوة يسأل عن الإنتساب إلى المذاهب الحنبلي والشافعي .

ج/
أقول الانتساب إلى هذه المذاهب إذا لم يكن فيه تعصب - التعصب لغير الحق - فهذا لا بأس به و أجازه أهل العلم ، لكن إذا أدى ذلك إلى ترك الدليل تعصباً للمذهب أو إلى الطعن في الأئمة الآخرين من المذاهب الأخرى ، فلا شك أن ذلك مذموم وينطبق عليه ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم الذي ذكرناه سابقاً . وابن القيم كلامه جلي واضح في هذا لأنه قد عاش مسألة هذا التعصب وقد أوذي شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ بسبب هذا النوع من التعصب .

أكتفي بهذا القدر في الإجابة على الأسئلة ومرةً أخرى أعتذر للإخوة الذين لم يسعفني الوقت في الإجابة على أسئلتهم ، وأسأل الله ـ جل وعلا ـ لنا جميعاً التوفيق والإعانة والهداية والسداد ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد والحمد لله رب العالمين .
__________________

دكتور عاطف خليفة
كيميائي

500 امتحان كيمياء

رد مع اقتباس