ذم البُغْض والكَرَاهِية في واحة الشِّعر
قال ثعلب:
أُغْمَّض عيني عن صديقي تغافلًا *** كأنِّي بما يأتي مِن الأمر جاهلُ
وما بي جهلٌ غيرَ أنَّ خَلِيقَتي *** تطيقُ احتمالَ الكُرْهِ فيما يحاولُ
وقال يحيى بن زياد الحارثي:
ولكن إذا ما حلَّ كُرْهٌ فسامحتْ *** به النَّفسُ يومًا كان للكرهِ أذهبا
وقال الشَّاعر:
لا يُخرِجُ الكَرْهُ منِّي غير مَأْبِيَةٍ *** ولا ألينُ لمن لا يبتغي لِيني
وقال الشَّاعر:
أخو البِشْر محبوبٌ على حُسْنِ بِشْرِه *** ولن يعدمَ البَغْضَاءَ مَن كان عابسًا
ويسرعُ بخلُ المرءِ في هتكِ عرضِه *** ولم أرَ مثلَ الجودِ للمرءِ حارسًا
وقال آخر:
وما أحبُّ إذا أحببتُ مُكتَتِمًا *** يبدي العداوةَ أحيانًا ويخفيها
تظلُّ في قلبِه البَغْضَاءُ كامنةً *** فالقلبُ يكتمُها والعينُ تبديها
والنَّفسُ تعرفُ في عيني محدِّثِها *** مَن كان مِن سلمِها أو مِن أعاديها
عيناك قد دلَّتا عينيَّ منك على *** أشياءَ لولاهما ما كنتُ أدريها
وقال بعض الشُّعراء:
سنَّ الضَّغائنَ آباءٌ لنا سلفوا *** فلن تبيدَ وللآباءِ أبناءُ
وقال آخر:
وعَيْنُ البُغْضِ تبرزُ كلَّ عيبٍ *** وعَيْنُ الحبِّ لَا تَجِد العيوبا
وقال آخر -أيضًا-:
ما الذَّنبُ إلَّا على القومِ ذوي دَغَلٍ *** وفَى لهم عدلُك المألوف إذ غدروا
قوم نصيحتهم غشٌّ وحبُّهم *** بغضٌ ونفعهم إن صرَّفوا ضرر
يميزُ البُغْض في الألفاظِ إن نطقوا *** ويُعْرَف الحقدُ في الألحاظِ إن نظروا
وقال عمَارَة بن عقيل:
تُبدي لك العَيْنُ ما في نَفسِ صاحبِها *** مِن الشَّناءةِ والوُدِّ الذَّي كَانَا
إنَّ البَغِيضَ له عَيْنٌ يَصُدُّ بها *** لا يستطيعُ لِمَا في القلبِ كِتْمَانا
وعَيْنُ ذِي الوُدِّ لا تنفكُّ مقبلةً *** تَرى لَهَا محجرًا بَشًّا وإنسانا
والعَيْنُ تنطقُ والأفواهُ صامتةٌ *** حتى ترى مِن ضميرِ القلبِ تِبيانا
وقال آخر:
قضى اللهُ أنَّ البُغْضَ يصرعُ أهلَه *** وإنَّ على البَاغِي تَدورُ الدَّوَائِرُ