ذم السَّفَه والحُمْق في واحة الشِّعر
قال دعبل الخزاعي:
عداوةُ العاقلِ خيرٌ إذا *** حُصِّلتها مِن خلَّةِ الأَحْمَقِ
لأنَّ ذا العقلِ إذا لم يَرعِ *** عن ظلمك استحيا فلم يخرقِ
ولن ترَى الأَحْمَقَ يُبْقِي على *** دينٍ ولا ودٍّ ولا يتَّقِي
وقال الشَّافعي:
يخاطبني السَّفِيهُ بكلِّ قبْحٍ *** فأكرهُ أن أكونَ له مجيبَا
يزيدُ سَفَاهَةً فأزيدُ حلمًا *** كعودٍ زاده الإحراقُ طِيبَا
وقال ابن الوردي:
وادَّرعْ جدًّا وكدًّا واجتنبْ *** صحبةَ الحَمْقى وأربابِ البخلِ
وقال المتوكل الليثي:
لا تتَّبعْ سُبُلَ السَّفاهةِ والخَنَا *** إنَّ السَّفِيهَ مُعَنَّفٌ مَشْتُومُ
وقال مسكين الدارمي:
اتَّقِ الأَحْمَقَ أن تصحبَه *** إنَّما الأَحْمَقُ كالثَّوبِ الخَلقْ
كلَّما رقَّعتَ منه جانبًا *** حرَّكته الرِّيحُ وَهنًا فانخرقْ
أو كصدعٍ في زجاجٍ فاحشٍ *** هل ترَى صدعَ زجاجٍ متَّفقْ
وإذا جالستَه في مجلسٍ *** أفسدَ المجلسَ منه بالخرقْ
وإذا نهنهه كي يرعوي *** زاد جهلًا وتمادى في الحمقْ
وقال آخر:
لن يسمعَ الأَحْمَقُ مِن واعظٍ *** في رفعِه الصَّوت وفي همِّه
لن تبلغَ الأعداءُ مِن جاهلٍ *** ما يبلغُ الجاهلُ مِن نفسِه
والحُمْقُ داءٌ ما له حيلةٌ *** تُرْجَى كبعدِ النَّجمِ في لمسِه
وقال سالم بن ميمون الخوَّاص:
إذا نطق السَّفِيه فلا تجِبْه *** فخيرٌ مِن إجابتِه السُّكوتُ
سكتُّ عن السَّفِيه فظنَّ أني *** عييتُ عن الجوابِ وما عييتُ
شرارُ النَّاسِ لو كانوا جميعًا *** قذى في جوفِ عيني ما قذيتُ
فلستُ مجاوبًا أبدًا سفيهًا *** خزيتُ لمن يجافيه خزيتُ
وقال صالح بن عبد القدوس:
ولأن يعادي عاقلًا خيرٌ له *** مِن أن يكونَ له صديقٌ أَحْمَقُ
فاربَأْ بنفسِك أن تصادقَ أَحْمَقًا *** إنَّ الصَّديقَ على الصَّديقِ مصدِّقُ
وقال الشَّاعر:
عدوُّك ذو العقلِ أبقَى عليك *** وأجدَى مِن الصَّاحبِ الأَحْمَقِ
وقال آخر:
تحامقْ مع الحَمْقَى إذا ما لقيتَهم *** ولا تلقَهم بالعقلِ إن كنتَ ذا عقلِ!
وقال آخر:
فلا تودعنَّ الدَّهرَ سرَّك أَحْمَقًا *** فإنَّك إن أودعتَه منه أَحْمَقُ
قال الشَّاعر:
لكلِّ داءٍ دواءٌ يُسْتَطَّبُّ به *** إلَّا الحماقةَ أعيتْ مَن يُداويها
وقال آخر:
ما تمَّ حِلْمٌ ولا علمٌ بلا أدبٍ *** ولا تجاهل في قومٍ حليمان
وما التَّجاهلُ إلَّا ثوبُ ذي دَنَسٍ *** وليس يلبسُه إلَّا سفيهان
وأنشد الكريزي:
تجرَّدْ ما استطعتَ مِن السَّفيهِ *** بحسنِ الحِلْم إنَّ العزَّ فيه
فقد يعصي السَّفِيهُ مؤدبيه *** ويُبرمُ باللَّجاجةِ منصفيه
تلينُ له فيغلظُ جانباه *** كعيرِ السُّوءِ يرمحُ عالقيه
وأنشد محمد بن عبد العزيز لموسى بن سعيد بن عبد الرَّحمن بن المقنع الأنصاري:
ثلاثُ خِلال كلُّها غيرُ طائلٍ *** يَطُفْنَ بقلبِ المرءِ دونَ غشائِه
هوى النَّفسِ ما لا خيرَ فيه وشحُّها *** وإعجابُ ذي الرَّأي السَّفِيه برأيه
