عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 15-10-2013, 02:19 AM
Mr. Ali 1 Mr. Ali 1 غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 15,341
معدل تقييم المستوى: 0
Mr. Ali 1 is an unknown quantity at this point
افتراضي

ورجع المهلهل إلى الحي سكران فرآهم يعقرون خيولهم ويكسرون رماحهم وسيوفهم فقال : ويحكم ما الذي دهاكم ؟ فلما أخبروه الخبر قال : لقد ذهبتم شر مذهب أتعقرون خيولكم حين احتجتم إليها ؟ وتكسرون سلاحكم حين افتقرتم إليه.

فانتهوا عن ذلك، ورجع إلى النساء فنهاهن عن البكاء وقال : استبقين للبكاء عيوناً تبكى إلى آخر الأبد.

ولما أصبح غدا إلى أخيه فدفنه وقام على قبره يرثيه، وما زال المهلهل بيكي أخاه ويندبه ويرثيه بالأشعار وهو يجتزئ بالوعيد لبنى مرة حتى يئس قومه وقالوا : إنه زير نساء، وسخرت منه بكر، وهمت بنو مرة بالرجوع إلى الحمى، وبلغ ذلك المهلهل فانتبه للحرب وشمر ذراعيه وجمع أطراف قومه، ثم جز شعره وقصر ثوبه وآلى على نفسه ألا يهتم بلهو ولا يشم طيباً ولا يشرب خمراً ولا يدهن بدهن حتى يقتـل بكل قطره دم من كليب رجلاً من بنى بكر بن وائل.

وحث بنى تغلب على الأخذ بالثأر، فقال له أكابر قومه: إننا نرى ألا تعجل بالحرب حتى نعذر إلى إخواننا فبالله ما تجدع بحرب قومك إلا أنفك ولا تقطع إلا كفك! فقال : جدعه الله أنفاً وقطعها كفاً والله لا تحدثت نساء تغلب أني أكلت لكليب ثمناً ولا أخذت له دية، فقالوا : لا بد أن تغض طرفك وتخفض جناحك لنا ولهم، فكره المهلهل أن يخالفهم فينفضوا من حوله فقال : دونكم ما أردتم.


وانطلق رهط من أشرافهم وذوي أسنانهم حتى أتوا مرة بن ذهل فعظموا ما بينهم وبينه، وقالوا له : إنكم أتيتم أمراً عظيماً بقتـلكم كليباً بناب من الإبل وقطعتم الرحم ونحن نكره العجلة عليكم دون الإعذار وإننا نعرض عليكم إحدى ثلاث، لكم فيها مخرج ولنا مرضاة.


إما أن تدفعوا إلينا جساساً فنقتـله بصاحبنا فلم يظلم من قتـل قاتله، وإما أن تدفعوا إلينا هماماً فإنه ند لكليب، وإما أن تقيدنا من نفسك يا مرة فإن فيك رضا القوم.


فسكت وقد حضرته وجوه بنى بكر بن وائل فقالوا : تكلم غير مخذول، فقال : أما جساس فغلام حديث السن ركب رأسه فهرب حين خاف فوالله ما أدري أي البلاد انطوت عليه، وأما همام فأبو عشرة وأخو عشرة ولو دفعته إليكم لصيح بنوه في وجهي وقالوا : دفعت أبانا للقتـل بجريرة غيره، وأما أنا فلا أتعجل الموت وهل تزيد الخيل على أن تجول جولة فأكون أول قتيل! لكن هل لكم في غير ذلك ؟ هؤلاء بنيّ فدونكم أحدهم فاقتـلوه وإن شئتم فلكم ألف ناقة تضمنها لكم بكر بن وائل، فغضبوا وقالوا : إنا لم نأتك لترذل لنا بنيك ولا لتسومنا اللبن.

ورجعوا فأخبروا المهلهل، فقال : والله ما كان كليب بجزور نأكل له ثمناً.
رد مع اقتباس