فلما كان ذات يوم دخل عليه رجل من تغلب اسمه ربيعة بن الطفيل، وكان له نديماً، فلما رأى ما به قال : أقسمت عليك أيها الرجل لتغتسلن بالماء البارد ولتبلن ذوائبك بالطيب ! فقال المهلهل: هيهات ! هيهات ! يا بن الطفيل هبلتني إذا يميني وكيف باليمين التي آليت ! كلاً أو أقضي من بكر أربى ثم تأوه وزفر.
ونقض الصلح وعادت الحرب، ثم إن المهلهل أغار غارة على بنى بكر فظفر به عمرو بن مالك أحد بنى قيس بن ثعلبة، فأسره وأحسن إساره، فمر عليه تاجر يبيع الخمر (وكان صديقاً للمهلهل) فأهدى إليه وهو أسير زقاً من خمر، فاجتمع شبان من قيس بن ثعلبة ونحروا عنده بكراً، وشربوا عند مهلهل في بيته الذي أفرد له، فلما أخذ فيهم الشراب تغنى مهلهل بشعر ناح فيه على أخيه.
فلما سمع عوف ذلك غاظه وقال : لا جرم إن الله على نذراً إن شرب عندي قطرة ماء ولا خمر حتى يورد الخضير أي لا يشرب شيئاً قبل خمسة أيام، فقال له أناس من قومه: بئس ما حلفت ! فبعثوا الخيول في طلب البعير فأتوا به بعد ثلاث أيام، وكان المهلهل مات عطشاً.
وانتهت فصول حرب البسوس.