عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 27-10-2013, 06:55 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
abomokhtar is just really nice
New

أين نحن من أطفال السلف؟! (11)



الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفى، وإمامهم المصطفى سيدنا محمد، وعلى آله وصحبِه ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

وبعد:
فإنه ونحن نعيش هذه الأيام المباركة، يقترب العيد، بما يصاحبه من مظاهر فرحة، لنا أن نفرَحَها كمسلمين، ولكن تصاحب هذه المظاهرَ بعضُ العادات، التي أخرجت مفهومَ الفرحة عن مضمونه الحقيقي.

وتعالوا نتأمَّلْ بروِيَّة هذه القصة:
رُوي أنَّ ابنة عمر بن عبدالعزيز دخَلَت عليه تبكي، وكانت طفلةً صغيرة آنذاك، وكان يوم عيد للمسلمين، فـسألها: ماذا يُبكيكِ؟

قالت: كل الأطفال يرتدون ثيابًا جديدة، وأنا ابنةُ أمير المؤمنين أرتدي ثوبًا قديمًا!

فتأثَّر عمرُ لبكائها، وذهَب إلى خازنِ بيت المال، وقال له: أتأذَنُ لي أن أصرفَ راتبي عن الشهر القادم؟
فقال له الخازن: ولمَ يا أمير المؤمنين؟!

فحكى له عمرُ، فقال الخازنُ: لا مانعَ، ولكن بشرط، فقال عمرُ: وما هو هذا الشرطُ؟!

فقال الخازن: أن تضمَنَ لي أن تبقى حيًّا حتى الشهر القادم لتعملَ بالأجر الذي تُريدُ صرفَه مسبقًا!

فترَكه عمرُ وعاد، فسأله أبناؤه: ماذا فعلتَ يا أبانا؟!

قال: أتصبِرون وندخُل جميعًا الجنة؟ أم لا تصبرون ويدخُل أبوكم النار؟!

قالوا: نصبِرُ يا أبانا!

نصبرُ يا أبانا، ترجمةٌ حقيقية لمعانٍ إيمانية وتربوية رائعة، يُهديها إلينا مَن يَعجِزُ كبارُ اليوم عن مجاراتهم فكرًا وسلوكًا، أولئك الأطفال الذين تربَّوا في رحاب القرآن والسنَّة؛ إذ لم يكن طلبُهم طلبًا ترفيهيًّا - كطلب شراءِ لُعبة مثلاً - ولكنهم يطلُبون ثيابًا جديدة كباقي أقرانهم، ومع ذلك كانوا عونًا لأبيهم على الطاعة، ولم يشكِّلوا جبهةَ ضغطٍ عليه كما نرى كثيرًا اليوم، فيقع من الآباء ما يقَعُ من تجاوزاتٍ في سبيل تحقيقِ طلبات أبنائهم، فنرى الأياديَ المرتعشة، والذِّممَ الضعيفة، فيؤثِرون ما هو فانٍ على ما هو باقٍ.

عمرُ وأبناؤه والخازن.
الخازن مرؤوس، ومع ذلك نبَّه رئيسَه!
الأبناء محتاجون، ومع ذلك أعانوا أباهم على الطاعة!
هل يوجَدون الآن؟!
الرئيس يأمُرُ!
الخازن يتزلَّفُ!
الكبار - إلا مَن رحم الله - لا يصبِرون على الطاعة!
كثيرون يتجرَّؤون على الله بارتكابِ المعاصي!
بل إنَّ المعاصيَ صارت تجترئ لَمَّا رأت التقصير، فماذا نحنُ فاعلون؟!




__________________
رد مع اقتباس