قال اللهُ تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ . وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[الحشر:18-19].
هذه الآيةُ الكريمةُ أَصْلٌ في محاسبةِ العبد نفسه، وأنَّهُ ينبغي له أن يتفقَّدَها، فالحِرْمانُ كلُّ الحِرْمان في أن يَغْفَلَ العبدُ عن هذا الأمر، ويُشابِهَ قومًا نَسُوا اللهَ وغَفَلُوا عن ذِكْرِهِ والقيامِ بحقِّهِ وأَقْبَلُوا على حظوظ أنفسِهِمْ وشهواتها، فلم يَنْجَحُوا ولم يَحْصُلُوا على شيءٍ، بلِ عاقبهمُ اللهُ تعالى؛ فَأَنْسَاهُمْ مصالحَ أنفسِهِم، فخسِرُوا الدّنيا والآخرة ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ الّذين خَرَجُوا عن طاعةِ ربِّهِمْ.
واعلم انَّ نَفْسَ الإنسانِ تَدْعُوهُ إلى الطُّغيان وإيثار الحياةِ الدُّنيا على الأُخْرَى، كما قال تعالى:
﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا﴾[الإنسان:27]،
هذه النَّفْسُ الّتي قال اللهُ عنها:
﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي﴾[يوسف:53]
تأمرُ هذه النّفسُ صاحِبَهَا بالسُّوءِ، وتَدْعُوهُ إلى اتِّباعِ هَوَاها، فإنْ أَنتَ وَافَقْتَهَا وأَطَعْتَهَا قَادَتْكَ إلى الهلاكِ والخُسْرَان
فعَلَيْكَ أن تُحاسِبَ هذه النَّفس، وأن تُلْزِمَهَا وتَحْمِلَهَا على طاعةِ الله، وعَلَيْكَ أن تُخالِفَهَا مَتَى دَعَتْكَ إلى اتِّباعِ هَوَاهَا، بهذا تَنْجُو وتَرْبَح.
وهكذا يكونُ المؤمنُ، قَلْبُهُ حَيٌّ، كثيرُ المحاسبةِ لنفسِهِ
يُناقِشُهَا الحسابَ ويَلُومُهَا ويُعَاتِبُهَا وهو دائمًا في همٍّ؛ هَمِّ الآخرةِ؛ همِّ العَاقِبَةِ؛ كيفَ يُلاقي ربَّهُ، وبماذا سيُلاقيه، وبماذا سيُجِيبُهُ إن هُوَ وَقَفَ بينَ يديهِ تعالى يَسألُهُ ويُحاسبُهُ، هذا هو القلبُ الحيُّ القلبُ الهَمَّامُ
وقد ذكرَ اللهُ تعالى هذه النّفس في قولِهِ:
﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾[القيامة:1-2].
__________________
اللهم احفظ مصر من كل سوء
|