عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 17-11-2013, 10:48 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

ثانيًا: كرمها وجودها:
كانت عائشة رضي الله عنها جوادةً كريمةً كثيرة الصدقات، لا يكاد يقرُّ بيدها مال حتى تنفقه على الفقراء والمساكين، فقد باعت عائشة رضي الله عنها دارًا لها بمائة ألف دينار، ثمَّ قسَمت الثمن على الفقراء، فعَتَب عليها عبد الله بن الزبير، فعن عروة بن الزبير رضي الله عنه، قال: (كان عبد الله بن الزبير أحبَّ البشر إلى عائشة بعد النَّبي صلَّ الله عليه وسلم وأبي بكرٍ، وكان أَبَرَّ النَّاس بها، وكانت لا تمسك شيئًا مما جاءها من رزق الله إلا تصدَّقت، فقال ابن الزبير: ينبغي أن يُؤخَذ على يديها، فقالت: أيُؤخَذ على يدي؟! عليَّ نذرٌ إن كلَّمته. فاستشفع إليها برجالٍ من قريشٍ،


وبأخوال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم خاصةً، فامتنعت، فقال له الزُّهْريون
أخوال النَّبي صلَّ الله عليه وسلم، منهم عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، والمِسور بن مَرمة: إذا استأذنَّا فاقتحم الحجاب. ففعل، فأرسل إليها بعشر رقابٍ فأعتقتهم، ثمَّ لم تزل تُعتقهم حتى بلغت أربعين، فقالت: ودِدت أنِّ جعلت حين
حلفت عملً أعمله فأفرغ منه)

.
ومما يدلُّ على كرمها وسخائها ما روي عن عروة بن الزبير أيضًا: (أنَّ معاوية ابن أبي سفيان بعث إلى عائشة رضي الله عنها بمائة ألفٍ، فقسمتها حتى لم تترك منها شيئًا، فقالت بريرة: أنت صائمةٌ، فهلَّ ابتعت لنا بدرهمٍ لحمً؟ فقالت عائشة: لو أنِّ ذَكرتُ لفعلت)


.
وعنه رحمه الله أنَّه قال: (رأيتها تَصدَّق بسبعين ألفًا، وإنَّا لتُقع جانب درعها)


.
وعن أُمِّ ذَرَّة قالت: (بعث ابن الزبير إلى عائشة بمالٍ في غِرارتين

يكون مائة ألفٍ، فدَعت بطبقٍ، وهي يومئذٍ صائمةٌ، فجعلت تقسم في الناس، قال: فلما أمست قالت: يا جارية، هاتي فِطري، فقالت أُمُّ ذَرَّة: يا أُمُّ المؤمنين أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهمٍ لحمً تفطرين عليه؟ فقالت: لا تعنِّفيني، لو كنت أذكرتني لفعلت).
وقد باعت مسكنها لمعاوية بمائة وثمانين ألف درهم، وحمل إليها المال، فما رامت


من مجلسها حتى قسمته.
وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (لبستُ مرة دِرعًا لي جديدًا، فجعلت أنظر إليه، وأُعجبت به، فقال أبو بكر: ما تنظرين؟ إنَّ الله ليس بناظر إليك، قلت: ومم ذاك؟ قال: أما علمت أنَّ العبد إذا دخله العُجب بزينة الدنيا مقته ربُّه -عزَّ وجلَّ- حتى يفارق تلك الزينة. قالت: فنزعتُه فتصدقتُ به. فقال أبو بكر: عسى ذلك أن يكفِّر عنك)

.
وعن عطاء

، أنَّ معاوية بعث إلى عائشة رضي الله عنها بقلادة بمائة ألف، فقسمَتْها بين أُمَّهات المؤمنين.
يقول عبد الله بن الزبير: (ما رأيت امرأتين أجود من عائشة وأسماء، وجودهما مختلف؛ أمَّا عائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء، حتى إذا اجتمع عندها قسمت، وأمَّا أسماء فكانت لا تمسك شيئًا للغد)


.
وكانت تُعين الفقير على حسب حاجته وقدره، فذات مرة جاءها سائل فأعطته كسرة من الخبز، فأخذها الفقير ومضى، ثمَّ مرَّ بها رجل عليه ثياب وهيئة فأقعدته، فأكل، فقيل لها في ذلك: فقالت: قال رسول الله:

((أنزلوا النَّاس منازلهم)).
ولم تكن رضي الله عنها تستقلُّ ما تنفقه، فقد تعلمت في مدرسة النَّبي صلَّ الله عليه وسلم:


((اتَّقوا النار ولو بشقِّ تمرة)).
وقد نصحها النَّبي صلَّى الله عليه وسلم بذلك قائلً: ((يا عائشة، استتري من النار ولو بشقِّ تمرة؛ فإنَّا تسدُّ من الجائع مسدَّها من الشبعان)) .
ويروي مسلم في (صحيحه) أنَّا قالت:


((جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كلَّ واحدة منهما تمرة، ورفعتْ إلى فيها تمرة؛ لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقَّت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الَّذي صنعت لرسول الله صلَّ الله عليه وسلم، فقال: إنَّ الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار)).
وذات مرة كان استطعمها مسكين، وبين يديها عنب، فقالت لإنسان: (خُذْ حبَّة فأعطها إياه. فجعل ينظر إليها ويعجب، فقالت: أتعجب؟ كم ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة؟) كأنَّا تشير إلى قوله تعالى:(فَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَيۡرٗا يَرَهُ).
ومن صور كرمها: كثرة العتق، فقد أعتقت في كفارة نذرها أربعين رقبة


.
وبلغ عدد المعتقين على يدها سبعًا وستين رقبة


، وكذلك بريرة جاءتها تستعينها في كتابتها، ولم تكن قضت من كتابتها شيئًا، فاشترتها وأعتقتها ، وقد ربَّاها النَّبي صلَّ الله عليه وسلم على مبدأ العتق، فقد كانت عندها جارية من قبيلة تميم، فقال لها النَّبي صلَّ الله عليه وسلم: ((أَعْتِقِيها فإنها مِنْ ولد إسماعيل)).

__________________