س : ماذا يجب على المتوفى عنها زوجها ؟ وما الدليل على ذلك ؟
(وَ) يَجِبُ (عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا) وَلَوْ أَمَةً (الْإِحْدَادُ)
والدليل على ذلك : لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ : «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» أَيْ : فَيَحِلُّ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ , أَيْ : يَجِبُ (لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَكُونُ وَاجِبًا كَالْخِتَانِ وَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ (وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ إلَى مُخَالَفَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي ذَلِكَ فإنه لا يرى الإحداد، والسنة مستغنى بها عن كل أحد) .
وَالتَّقْيِيدُ بِإِيمَانِ الْمَرْأَةِ (تؤمن بالله) : جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (أَوْ لِأَنَّهُ أَبْعَثُ عَلَى الِامْتِثَالِ وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا كَافِرًا)
ولِأَنَّ غَيْرَهَا مِمَّنْ لَهَا أَمَانٌ (كَالذِّمِّيَّةِ وَالْمُعَاهَدَةِ وَالْمُسْتَأْمَنَةِ) يَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ (بِمَعْنَى أَنَّا نُلْزِمُهَا بِهِ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ غَيْرَ مَنْ لَهَا أَمَانٌ أَيْضًا لَكِنْ لُزُومُ عِقَابٍ فِي الْآخِرَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ)
وَعَلَى وَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ مَنْعُهُمَا مِمَّا يُمْنَعُ مِنْهُ غَيْرُهُمَا ..
س : ما حكم الإحداد لمفارَقة ؟ ولماذا لم يجب ؟
وَسُنَّ (أَيْ الْإِحْدَادُ) لِمُفَارَقَةٍ وَلَوْ رَجْعِيَّةً : وَلَا يَجِبُ .
ولماذا ؟ لِأَنَّهَا إنْ فُورِقَتْ بِطَلَاقٍ فَهِيَ مَجْفُوَّةٌ بِهِ (أَيْ مَهْجُورَةٌ وَمَتْرُوكَةٌ بِسَبَبِ الطَّلَاقِ وَنَفْسُهَا قَائِمَةٌ مِنْهُ وَإِذَا كَانَتْ مَجْفُوَّةً فَلَا يُطْلَبُ لَهَا الْإِحْدَادُ لِإِعْرَاضِ الزَّوْجِ عَنْهَا فَلَا يَلِيقُ بِهَا أَنْ تَحْزَنَ عَلَيْهِ بَلْ قَدْ تُكْثِرُ مِنْ التَّزَيُّنِ لِتَلْتَحِقَ بِغَيْرِهِ رَغْمًا لِأَنْفِهِ، وَفِي الْمِثْلِ: مَنْ جَفَاك فَاجْفُهُ، وَعَنْ بَعْضِ الْأَكَابِرِ: مَنْ لَمْ يَتَّخِذْك كُحْلًا لَعَيْنَيْهِ لَا تَتَّخِذْهُ نَعْلًا لِقَدَمَيْك ) أَوْ بِفَسْخٍ فَالْفَسْخُ مِنْهَا أَوْ لِمَعْنًى فِيهَا (أَيْ عَيْبٍ فِيهَا)
فَلَا يَلِيقُ فِيهِمَا إيجَابُ الْإِحْدَادِ
بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا ...
س : ماذا نُقِل عن الإمام الشافعي في مسألة احتداد الرجعية ؟ وماذا نُقِل عن بعض الأصحاب ؟
وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ : يُسَنُّ لَهَا ذَلِكَ هُوَ مَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ .
ثُمَّ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ : أَنَّ الْأَوْلَى لَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ بِمَا يَدْعُو الزَّوْجُ إلَى رَجْعَتِهَا (مَحِلُّهُ إنْ رَجَتْ عَوْدَهُ بِالتَّزَيُّنِ وَلَمْ يُتَوَهَّمْ أَنَّهُ لِفَرَحِهَا بِطَلَاقِهِ وَإِلَّا تَرَكَتْهُ) ..
س : مم أخذ لفظ الإحداد ؟ وماذا يقال فيه ؟ وما تعريفة لغة واصطلاحا ؟ وما دليله ؟ وما الحكمة من تحريم مثل ذلك على المحتدة ؟
(وَهُوَ) أَيْ الْإِحْدَادُ : مِنْ أَحَدَّ ... وَيُقَالُ فِيهِ الْحِدَادُ (وَيُرْوَى بِالْجِيمِ الْمَكْسُورَةِ مِنْ جَدَدْت الشَّيْءَ قَطَعْته) : مِنْ حَدَّ (وَمُضَارِعُهُ يَحُدُّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا حِدَادًا)
وهو : لُغَةً : الْمَنْعُ (لِأَنَّ الْمُحِدَّةَ تَمْنَعُ نَفْسَهَا مِنْ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ) ..
وَاصْطِلَاحًا : الِامْتِنَاعُ مِنْ الزِّينَةِ فِي الْبَدَنِ بِحُلِيٍّ (وَهُوَ كُلُّ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَجَوْهَرٍ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ سَوَاءٌ أَكَانَ كَبِيرًا كَالْخَلْخَالِ وَالسِّوَارِ (حِلْيَةٌ من الذهب مستديرةٌ كالحلقة تُلْبَسُ) أَمْ صَغِيرًا كَالْخَاتَمِ وَالْقُرْطِ (هُوَ عَلَى وَزْنِ فُعْلٍ بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَجَمْعُهُ قِرَاطٌ كَرُمْحٍ وَرِمَاحٍ وَهُوَ حَلَقٌ يُعَلَّقُ فِي شَحْمَةِ الْأُذُنِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْحَلَقُ)
والدليل : لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ" الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْحُلِيَّ وَلَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَخْتَضِبُ" وَإِنَّمَا حَرُمَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي حُسْنِهَا
كَمَا قِيلَ:
وَمَا الْحُلِيُّ إلَّا زِينَةٌ لِنَقِيصَةٍ ... يُتَمِّمُ مِنْ حُسْنٍ إذَا الْحُسْنُ قَصَّرَا
فَأَمَّا إذَا كَانَ الْجَمَالُ مُوَفَّرًا ... كَحُسْنِكِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى أَنْ يُزَوَّرَا
|