منهج التفسير عند أُمِّ المؤمنين عائشة:
-1 تفسير القرآن بالقرآن:
تفسير القرآن بالقرآن من أصحِّ طرائق التفسير، وأول من فسَّ القرآن بالقرآن هو النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شكَّ أنَّه من أصحِّ الطرق؛ لأنَّ ما أُجمل في موضع فُسِّ في موضع آخر وهكذا، ومما جاء عن عائشة رضي الله عنها في ذلك، ما رواه
عروة: أنَّه سأل عائشة عن قول الله:(وَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا تُقۡسِطُوا فِى ٱلۡيتَمَٰىٰ فٱَنكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنّسِاءِٓ مَثۡنَٰ وَثُلَثَٰ وَرُبَعَٰ)(النساء:3) قالت: يا ابن أختي! هي اليتيمة تكون في حِجْر وليها، تشاركه في ماله، فيعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره. فنُهوا أن ينكحوهنَّ إلا أن يقسطوا لهنَّ. ويبلغوا بهنَّ أعلى سُنتهنَّ من الصداق. وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء، سواهنَّ. قال عروة: قالت عائشة: ثمَّ إنَّ الناَّس استفتوا رسول الله صلَّ الله
عليه وسلم بعد هذه الآية، فيهنَّ. فأنزل الله عز وجل:( وَيَسۡتَفۡتُونَكَ فِى ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللُّهَ يُفۡتيِكُمۡ فيِهنِّ وَمَا يُتلٰۡىَ عَليَكۡمۡ فِى ٱلكۡتِبِٰ فِى يتَمَٰى ٱلنسِّاءٓ ٱلَّتِٰى لَا تؤُتوُنهَنَّ مَا كُتبِ لهَنَّ وَترَغَبوُنَ أَن تنَكحِوهُنَّ)(النساء: 12). قالت: والذي ذكر الله تعالى أنَّه يتلى عليكم في الكتاب، الآية الأولى التي قال الله فيها:(وَإِنۡ خِفۡتمُ أَلَّا تقُسِطُوا فِى ٱلۡيتَمَٰىٰ فٱَنكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ)(النساء: 3).
قالت عائشة: وقول الله في الآية الأخرى:(وَتَرۡغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ)(النساء: 127)، رغبة أحدكم عن اليتيمة التي تكون في حِجره، حين تكون قليلة المال والجمال، فنهُوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط. من أجل رغبتهم عنهنَّ.