
02-01-2014, 10:03 PM
|
عضو لامع
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
|
|
البيع بالتقسيط
تعريف البيع بالتقسيط:
هو الثمن المؤجل المشترط أداؤه على أجزاء معلومة في أوقات محددة، بزيادة على الثمن الأصلي.
حكمه: للفقهاء في هذا قولان:
القول الأول: بجواز بيع التقسيط وهو قول الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والزيدية والإمامية والإباضية.
ومن أدلة الجمهور على جواز هذا البيع:
1- أن صورة البيع مدار البحث داخلة في عموم كثير من الآيات الكريمة التي تقضي بجواز هذا البيع، منها قوله - تعالى -: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275]، وقوله - تعالى -: ﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29].
2- استدلوا ببعض الأحاديث والآثار المروية التي دلت على أن الزيادة في الثمن المؤجل جائزة منها: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر عمرو بن العاص أن يجهز جيشًا، فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل، الحاكم والبيهقي ورجاله ثقات.
3- واستدلوا بالمعقول أيضًا قالوا: إن الأصل في الأشياء والعقود الإباحة متى تمت برضا المتعاقدين جائزي التصرف فيما تبايعا إلا ما ورد الشرع بما يبطله، ولما لم يرد دليل قطعي على تحريم البيع بالتقسيط فيبقى على الأصل وهو الإباحة، ومن ادعى الحظر فعليه الدليل.
القول الثاني: إن الزيادة في الثمن نظير الأجل، وهذه وجهة نظر زين العابدين علي بن الحسين والهادوية والإمام يحيى وأبي بكر الجصاص من الأحناف، وقد استدلوا بأدلة من الكتاب والسنة والقياس والمعقول.
1- فمن الكتاب عموم قوله - تعالى -: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275]، فالآية أفادت تحريم البيوع التي يؤخذ فيها زيادة مقابل الأجل لدخولها في عموم كلمة الربا، وهي تقيد الإباحة، في قوله - تعالى -: ﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29]، فإن كل العقود مقيدة بهذه الإباحة.
2- واستدلوا بالروايات التي وردت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في نهيه عن بيعتين في بيعة.
3- قاس أصحاب هذا الرأي زيادة الثمن مقابل زيادة المدة على إنقاص الدين عن المدين مقابل تعجيل الدفع، فالمعنى بينهما أن الأجل، له عوض، وهو محض الربا.
4- إن هذه الزيادة بسبب الأجل، والزيادة لهذا السبب خالية عن العوض، فتنطبق عليها كلمة الربا الذي يعني الزيادة بدون عوض، فتندرج تحت التحريم.
وقد أجاب الجمهور على أدلة القائلين بالمنع بما يلي:
1- إن قولهم هذا البيع يعتبر من قبيل الربا للزيادة في الثمن يجاب عليه:
أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نص في ما يحرم من الربا وبعض الفقهاء اقتصر عليها، وبعضهم ألحق بها غيرها فيما يظن أنها داخلة تحت عموم العلة، وهي محل خلاف بين الفقهاء، وهذه المسألة محل النزاع خارجة عن المنصوصة وعما ألحق بها، فهي في مبيع اختلف فيه ال*** والتقدير.
2- أما الاحتجاج بأن الربا من حيث إنه لغة الزيادة فيجاب عليه: أن الزيادة لا يكاد يخلو منها كل بيع، فالآية على هذا تصبح مجملة في تعيين الأنواع الممنوعة، وقد بينتها السنة في الأشياء الستة المنصوصة أو فيما يقاس عليها، والمسألة محل النـزاع خارجة عن كل منهما، وأيضًا السعر غير مستقر كالتقدير بالكيل والوزن، معنى هذا لا يصلح أن يكون أصلاً يرجع إليه في تعليق الحكم به.
3- أما الاحتجاج بقوله - تعالى -: ﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29]، على أن الرضا في البيع مدار البحث أمر لا ينكر وهو باعث عليه والإكراه معارض للباعث، فالقول بأن البيع تم من غير تراض لا حكم له.
4- وأما استدلالهم بحديث النهي عن بيعتين في بيعة فيجاب عليه: أن النهي كان إذا وقع بصورة أبيعك نقدًا بكذا ومؤجلاً بكذا، وكذلك النهي إذا قبل المشتري البيع على الربا دون تحديد أحد الثمنين.
الترجيح:
الراجح هو رأي الجمهور؛ لقوة أدلتهم ولوجاهة رأيهم في الرد على المانعين، ولأن المصلحة العامة للمسلمين تقضي الأخذ به لما فيه من فائدة للبائع والمشتري، ولانتشار التعامل به في هذا العصر.
مجموعة فتاوى في البيع بالتقسيط:
حكم الزيادة في البيع نقدًا بالأجل والتقسيط:
• سائل يسأل عن حكم الزيادة في البيع بالأجل والتقسيط.
• البيع إلى أجل معلوم جائز إذا اشتمل البيع على الشروط المعتبرة، وكذا التقسيط في الثمن لا حرج فيه إذا كانت الأقساط معروفة والآجال معلومة؛ لقول الله سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾ [البقرة: 282]، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم))، ولقصة بريرة الثابتة في الصحيحين فإنها اشترت نفسها من سادتها بتسع أواق في كل أوقية، وهذا هو بيع التقسيط ولم ينكر ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ بل أقره ولم ينه عنه، ولا فرق في ذلك بين كون الثمن مماثًلا لما تباع به السلعة نقدًا أو زائدًا على ذلك بسبب الأجل، والله ولي التوفيق. (فتوى للشيخ ابن باز رحمه الله تعالى).
البيع بالتقسيط:
ذهبت إلى إحدى الشركات التي تبيع سيارات بالتقسيط واشتريت منها سيارة، أفادوني أنها نقدًا بـ (50500) ريال وتقسيطًا بـ (54131) أي بزيادة (14%) على المتبقي من المبلغ. دفعت لهم (20000) والباقي (34131) مقسطة على (12) شهرًا، استلمت السيارة وبعد مضي 4 شهور فكرت بالصدفة في المبلغ الزائد وذهبت أسألهم: ما هي الـ (14%)؟ أفادوني أنها مصاريف بنكية فبدأ الشك لدي، هل ما تم حرام أم حلال؟ علمًا أنني عند الشراء أفكرها دينا مؤجلة، سألت كثيرًا من الناس وكلهم يقولون: ليس فيها شيء، حسب تصوراتهم، كذلك من رجال هيئة الأمر بالمعروف أفادوني بعدم علمهم بذلك، أرجو التوضيح هل الزيادة حرام أم لا؟ وإذا هي حرام أسدد المبلغ المتبقي بدون فوائد، وهل أطالب بالمبالغ القديمة حق الـ (4) شهور السابقة أقصد الفوائد أم لا؟
الجواب:
• إذا اتفق المشتري لأجل مع شركة السيارات بأن المبلغ (54131) كله ثمن للسيارة يدفع أقساطًا أو يدفع بعضهم عاجلاً وبعضه آجلاً فالبيع جائز شرعًا ولو كان الثمن المؤجل أكثر من الثمن نقدًا، وقد صدر منا فتوى في هذا فنرفق لك صورتها زيادة في الفائدة، (فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء).
سؤال آخر: ورد إلى الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد السؤال التالي: أن لدى السائل بالولايات المتحدة من يبيع السيارات بأقساط وعلى المبلغ المؤجل فوائد محددة لكنها تزيد بتأخر دفع القسط عن موعد تسديده، فهل هذا التعامل جائز أم لا؟
وأجابت بما يلي:
• إذا كان من يبيع السيارة ونحوها إلى أجل يبيعها بثمن معلوم إلى أجل أو آجال معلومة زمنًا وقسطًا لا يزيد المؤجل من ثمنها بتجاوزه فلا شيء في ذلك؛ بل هو مشروع لقوله -سبحانه وتعالى-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾ [البقرة: 282]، ولما ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى إلى أجل، وإن كان المؤجل - كما هو مفهوم من السؤال - يزيد بتأخر دفع القسط عن موعده المحدد بنسبة معينة فذلك لا يجوز بإجماع المسلمين؛ لأنه ينطبق عليه ربا الجاهلية الذي نزل فيه القرآن وهو قول أحدهم لمن عنده له دين عند حلول ذلك الدين: إما أن تقضي وإما أن تربي - أي تزيد -، وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه.
الشراء لأجل بثمن أكثر مما تباع به نقدًا عاجلاً:
أراد رجل الزواج مثلاً وليس عنده ما يكفي من مبلغ الصداق، فذهب إلى صاحب دكان فقال له صاحب الدكان: أبيعك سيارة داتسون بسبعة عشر ألف ريال سعودي دينًا تدفعها كاملة عند نهاية السنة، فهل هذا ربا؟ وهل بالمقابل حلال أو حرام؟ مع العلم أن قيمة السيارة نقدًا عشرة آلاف وخمسمائة ريال سعودي فقط وهذه السيارة هي التي اشترط عليها، وهي محور الاشتراط ما بين هذا البائع ومن يريد الزواج.
• إذا كان الواقع كما ذكر من شراء شخص من آخر سيارة لأجل بثمن أكثر مما تباع به نقدًا عاجلاً ليبيعها المشتري إلى من شاء سوى من باعها عليه ومن في حكمه فليس ربا؛ بل هو عقد بيع صحيح جائز، أما إذا اشترى السيارة مثلاً من شخص لأجل على أن يردها عليه بثمن عاجل أقل مما اشتراها به فذلك بيع نقد بنقد مع التفاضل وهو الربا الذي حرمه الله - تعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، والعقد على السيارة صوري قصد به الخداع والاحتيال على الربا وأكل الأموال بالباطل، وكذا لو باع المشتري السيارة إلى شخص عرف أنه تابع للبائع الأول في علمه أو شخص وسيط تواطآ عليه لتعود السيارة في النهاية إلى البائع الأول، فكل هذا من الخداع والاحتيال على الربا...
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أ. د. الحسين بن محمد شواط و د. عبدالحق حميش
|