
12-01-2014, 07:23 PM
|
عضو لامع
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
|
|
طريق الاستفتاء .. إلى الإنقاذ أو الانهيار
التصريحات العسكرية والأمنية التي أطلقت عن عملية تأمين وإدارة الاستفتاء المقبل تكشف عن أن مصر مقبلة على حرب وليس عرسا ديمقراطيا كما هو المعروف في الدول الحديثة ، فنشر صور الاستعدادات القتالية للضباط والجنود والمدرعات والمركبات والمقاتلون بالثياب الحمراء الغربية والحديث عن التضحية والفداء والإصرار على المواجهة أيا كانت التكاليف والتضحيات ، هي لغة حرب ، ولا يمكن أن تكون مؤشرا على أن البلد تمضي في طريق ديمقراطي أو بناء دولة حديثة بالفعل ، وهذا ما يقلق من توابع الاستفتاء أكثر من الاستفتاء نفسه ، وإن كانت هذه اللغة تفيد أن هناك مستويات عالية من ال*** من المتوقع حدوثها مصاحبة لعملية الاستفتاء ، ومن وجهة نظري أعتقد أنها مبالغات وعمل دعائي أكثر منه حقيقة واقعية ، ولكن ربما كان لدى الأجهزة معلومات استثنائية ، هذا ما ستكشف عنه وقائع يومي الرابع عشر والخامس عشر من الشهر الجاري ، غير أني أعتقد أن الاستفتاء سيمر ، وأي رصد للواقع الحالي مضافا إليه معالم التصويت التي ظهرت في السفارات للمصريين في الخارج تعطي انطباعا واضحا عن أن نسبة التصويت لن تكون كبيرة ، الموافقة بطبيعة الحال ستكون كبيرة ، لأن كل المعارضين أو الرافضين سيقاطعون من حيث الأساس ، ولكن نسبة المشاركة في التصويت في حد ذاتها من الواضح أنها ستكون ضعيفة ، وأعتقد أن هذا ما أقلق الفريق عبد الفتاح السيسي وجعله يدعو للاجتماع التثقيفي بشكل عاجل وظهوره المفاجئ بدون إعلان مسبق وإلقائه كلمة كان جوهرها القلق من ضعف التصويت باعتبار أن ذلك سيحرج 30 يونيو كما قال الرجل بنفسه في كلمته ومناشدته للمرأة والأسرة والكبار والصغار بالحشد على أبواب اللجان . أيا كانت النتيجة وأيا كانت النسبة التي ستكشف عنها عملية التصويت ، إلا أن عملية إنجاز الدستور الجديد والاستفتاء عليه ستكون نقطة فاصلة في مستقبل مصر ، الدولة والمجتمع والديمقراطية وحتى الجيش وأجهزته ، إما أن تنفتح على مستقبل جديد أكثر تفاؤلا وتسامحا وقدرة على بناء الدولة وإنقاذها وتوحدها ، وإما أن تدخل في مغارة الخوف والقلق والدم والانهيار المتلاحق ، لا أعرف كيف يفكر الفريق السيسي وعشيرته الآن ، ولكني قلق من تصور أن الأولوية هي رئاسة الجمهورية وحسم المنصب ، هذا يعني ـ في تقديري ـ أن هناك غيابا مقلقا لإدراك حجم الخطر الذي تواجهه البلاد الآن وفي المستقبل القريب ، فلا رئاسة جمهورية ولا برلمان ولا دستور ولا حكومة ولا قوانين ولا أي شيء يمكنه أن ينتشل البلاد من الفوضى والانهيار والدم والأفق المسدود ، فقط العقل السياسي الرشيد والمركب والقادر على إدارة الحوار بشكل حقيقي وجاد وذكي من أجل تفكيك أجواء الاحتقان والكراهية في مصر ووقف حالة الانقسام المجتمعي والشعبي المروعة وغير المسبوقة في تاريخ مصر ، فقط هذا الجهد وتلك الخطوة هي التي تفتح الآفاق نحو إنقاذ الوطن وتدشين مرحلة البناء العاجل . أعرف أن هناك محرضين يوسوسون للفريق وللجيش وأجهزته بتجاهل فكرة الحوار من أساسها ، ويحرضونهم على مزيد من الدم وال*** ، لأنهم تجار حرب ، وقيمتهم ومكانتهم وأرباحهم مرتهنة باستمرار تلك الحرب وانتشار رائحة الدم والكراهية في عموم البلاد ، وهم طفيليات فاسدة لن يقدم أحدهم جنيها واحدا لبناء مصر ولن يقدم قطرة دم واحدة من نفسه أو أولاده ، ولكنه يتاجر بدماء الجنود والضباط والشعب ويحتمي خلفها ، ويعرف كيف تتحول عنده إلى مكاسب ومزايا ونفوذ ووجاهة اجتماعية وفضائية وسياسية . يا سيادة الفريق ، أمامك الاختياران الآن ، وأمامك الفرصة التي يمكن أن يوفرها الاستفتاء بتدشينه شرعية جديدة ولو مجروحة ، وأخشى أننا لو خسرنا هذه الفرصة وتعالينا عليها ، واستمعنا لمشورة أهل السوء والفلول والمرتزقة ، يضيع منا المستقبل ، ونبحث عن استعادتها بلا أمل ، لأن الوقت يكون قد فات والمسافات بعدت كثيرا .
اقرأ المقال الاصلى فى المصريون : http://almesryoon.com/%D8%A7%D9%84%D...8A%D8%A7%D8%B1
|