عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 30-01-2014, 02:51 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

( الوقفة الثالثة : في ظلمات ثلاث )
قال الله تعالى : { " .. يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون "} الزمر (6)
يخلق الله الإنسان في بطن أمه خلقاً بعد خلق . نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم يخلق فيكون لحماً وعظماً وعصباً وعروقاً وينفخ فيه الروح فيصير خلقاً آخر .
كل ذلك يحدث في ظلمات ثلاث : ظلمة الرحم , والمشيمة , والبطن .
محطة يتوقف فيه الإنسان .. ليتأمل كل إنسان خلق في أحست تقويم , يخلق في ظلمات ثلاث . سبحان الله المبدع . وقال سبحانه : { " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة * فخلقنا المضغة عظاما , فكسونا العظام لحما , ثم أنشأناه خلقاً آخر , فتبارك الله أحسن الخالقين * ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون " }.
فاستوعب سبحانه ذكر أحوال ابن آدم قبل كونه نطفة بل تراب وماء , إلى حين بعثه يوم القيامة .

( الوقفة الرابعة : إنسان ضعيف وعاجز لولا هذه النعمة !!!)

ساعات .. لحظات .. وتبدأ الصرخات منك أيها الإنسان .. ضعيف عاجز , لا حول لك ولا قوة , لا تستطيع إطعام نفسك , لا تستطيع دفع الأذى عن نفسك .
وتكبر أيها الإنسان وتنسى هذه اللحظات , لكنها حتماً ليست ملغية من حياتك .. محطة وقفت بها .. يجب أن لا تنسى .. فعد إليه في ذكرياتك وتذكرها .. تخيل نفسك في تلك الصورة ..
واستشعر في أعماق نفسك كم هو جميل أن من الله عليك بكثير من النعم .

يروى أن أحد الآباء طلب من ولده أن يأخذه إلى أحد الأماكن للنزهة , وطلب منه أن يحضر معه شيئاً من الفاكهة . فلما وصلا إلى المكان , صعد الأب -وهو شيخ كبير- وأخذ الفاكهة من ولده كأنه يأكل , ثم أسقطها , فقام الابن يجمعها , وجاء بها إلى أبيه فكرر الأب ذلك العمل , فغضب الابن وصرخ في وجه أبيه . فقال الأب : يا ولدي : لقد كنت تفعل ذلك وأنت صغير , وكنت أنزل مرات وكرات إلى هذا المكان بالذات وأصعد لكي أحضر لك الفاكهة وأنا أضحك لك وألاعبك , وأنت اليوم تصرخ في وجهي متأففاً غاضباً , فأنظر الفرق بين ما كنت أعمله لك وما تعمله أنت لي .
فانتبه أيها الإنسان .. عقوق الوالدين له عقوبة عاجلة في الدنيا غير آجلة ..
قي هذه المحطة التي يجب أن لا تنسى بر الوالدين يتزود منه بزادٍ يوصله إلى أعظم مبتغى وهو سعادة الدارين .

( الوقفة الخامسة : الحياة الطيبة ..)

{ قال ابن قيم الجوزية : }

قد جعل الله الحياة الطيبة لأهل معرفته ومحبته وعبادته . فقال تعالى : { " من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون "} . سورة النحل آية 97
وقد فسرت ( (( الحياة الطيبة ))) بالقناعة والرضى والرزق الحسن وغير ذلك . والصواب : أنها حياة القلب ونعيمه وبهجته وسروره بالإيمان ومعرفة الله ومحبته والإنابة إليه والتوكل عليه . فإنه لا حياة أطيب من حياة صاحبها . ولا نعيم فوق نعيمه إلا نعيم الجنة كما كان بعض العارفين يقول : إنه لتمر بي أوقات أقول فيها : إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب . وقال غيره : إنه ليمر بالقلب أوقات يرقص فيها طرباً .
وإذا كانت حياة القلب حياة طيبة تبعته حياة الجوارح . فإنه ملكها ولهذا جعل الله المعيشة الضنك لمن أعرض عن ذكره . وهي عكس الحياة الطيبة .
وهذه الحياة الطيبة تكون في الدور الثلاث أعنى : دار الدنيا , ودار البرزخ , ودار القرار .

والمعيشة الضنك أيضاً تكون في الدور الثلاث . فالأبرار في النعيم هنا وهناك , والفجار في الجحيم هنا وهناك . قال الله تعالى : { " اللذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير " }. سورة النحل آية 30 . وقال تعالى : { " وإن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه . يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله "} سورة هود آية 3 . فذكر الله سبحانه وتعالى ومحبته وطاعته والإقبال عليه : ضامن لأطيب الحياة في الدنيا والآخرة . والإعراض عنه والغفلة ومعصيته : كفيل بالحياة المنغصة والمعيشة الضنك في الدنيا والآخرة .
__________________

آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 30-01-2014 الساعة 03:09 AM
رد مع اقتباس