من المعلوم أن النقائض ظهرت في العصر الأموي...وكان من أهم أسباب ظهورها الأسباب السياسية حيث أن بني أمية كانوا يشجعون الشعر والشعراء في العراق لإشغال الناس عن السياسة تماما كما كانوا يغدقون الأموال على الحجازيين لنفس الغاية...وكان من ذلك تعيين بشر بن مروان واليا على العراق وقد كان يشعل ويضرم نيران المعركة الكلامية الدائرة بين الشعراء يقرب أحجهم حينا ويبعده حينا آخر حسب ما تقتضيه السياسة ...وهنا أراد أن يقلل من شأن جرير فطرح جائزة كبيرة لدى الشعراء لمن يهجو جرير ويعجزه عن الرد فتقدم سراقة البارقي وقدم هذه القصيدة...
أبلغ تميما غثها وسمينها *** والحكم يقصد مرة ويجور
ذهب الفرزدق بالفضائل كلها *** وابن المراغة مقعد محسور
إن الفرزدق عرقت أعراقه *** عفوا وغودر في الغبار جرير
ما كنت أول محمر قعدت به *** مسعاته إن اللئيم عثور
هذا قضاء البارقي وإنه ***بالميل في ميزانكم لبصير
فرد عليه جررير
يا بشر حق لوجهك التبشر *** هلا غضبت لنا وأنت أمير
بشر أبو المروان إن عاسرته عسر *** وعند يساره ميسور
إن الكرية ينصر الكرم إبنها *** وابن اللئيمة للئام عثور
قد كان حقك أن تقول لبارق *** يا آل بارق في سب جرير
يعطي النساء مهورهن كرامة *** ونساء بارق ما لهن مهور
وكسحت يأمتك للفجار وبارق *** شيخان أعمى مقعد وكبير
فصمت سراقة وبشر ولم يقدرا على الرد على جرير الذي أعجز مئات الشعراء