آليات تمويل إصلاح نظام الأجور وتفادى التضخم
يعتبر ارتفاع الأجور بصورة شاملة فى الاقتصاد، إنذارا بارتفاع الأسعار التى تلتهم جزءاً مهماً من زيادة الأجور.
وهذا التلازم يتطلب اتخاذ إجراءات صارمة لتفادى ارتفاع معدل التضخم عند تنفيذ أى عملية شاملة لإصلاح الأجور.
ولعل الجانب الأهم من تفادى حدوث التضخم عند إصلاح نظام الأجور، وهو تنفيذ ذلك الإصلاح من خلال عمليات إعادة توزيع للدخل، دون اللجوء للإصدار النقدى الجديد، مع توفير آليات حقيقية لحماية المستهلك ولمنع الارتفاعات غير المنطقية فى أسعار السلع والخدمات من خلال تغيير قانون حماية المستهلك ليشمل الحماية من الاستغلال السعرى ومن مخالفة المواصفات، وتغيير قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار ليصبح أكثر قوة وردعا للمارسات الاحتكارية التى تؤدى لارتفاع أسعار السلع والخدمات بدون مبرر حقيقي. ويمكن تركيز الآليات الرئيسية لتمويل رفع الحد الأدنى للأجر وتغيير نظام الأجور كلية على النحو التالي.
تحقيق العدالة فى توزيع مخصصات الأجور وما فى حكمها بين العاملين فى الجهاز الحكومى والقطاع العام وقطاع الأعمال العام والهيئات الاقتصادية العامة، من خلال جعل أعلى دخل شامل لا يزيد على 15- 20 مثل أدنى أجر شامل مما سيوفر جزءا كبيرا من الأموال المطلوبة لرفع الحد الأدني، وإصلاح نظام الأجور. لكن الحكومة وعددا من الأحزاب، اختارت أن يكون الحد الأقصى 35 مثل الحد الأدني. والأهم هو أن يتم تطبيقه بصورة شاملة وصارمة.
إنهاء فوضى «المستشارين» ومن تجاوزوا سن المعاش لتوفير مخصصاتهم الضخمة التى تذهب بشكل غير عادل لفئة محدودة من القيادات العليا التى يتم إبقاؤها غالبا لأسباب تتعلق بالمحسوبية، بحيث يمكن استخدامها فى إصلاح نظام الأجور عموما، حيث ستوفر جزءا كبيرا من متطلبات إصلاحه.
إلغاء دعم الطاقة المقدم لشركات الأسمنت والأسمدة والحديد والألومنيوم والسيراميك وغيرها من الشركات الرأسمالية الكبيرة المحلية والأجنبية والتى تبيع إنتاجها بأعلى من الأسعار العالمية. ولن يكون بمقدور تلك الشركات رفع أسعارها حتى لو تم إلغاء دعم الطاقة المقدم لها كليا، لأنها لو رفعت الأسعار يمكن لمصر أن تستورد من الخارج بأسعار أرخص. وتحويل قمائن الطوب والمخابز وسيارات النقل والميكروباص للعمل بالغاز بدلا من السولار، وتمويل هذا التحويل بقروض ميسرة مما سيوفر الجانب الأكبر من الدعم الذى ينفق على السولار.
وقد بلغت مخصصات دعم الطاقة نحو 100 مليار جنيه فى ميزانية 2013 / 2014، تم رفعها بعد ذلك إلى 128 مليار جنيه. ويذهب ربع هذا الدعم للفقراء والطبقة الوسطى على أقصى تقدير، بينما تذهب غالبيته الساحقة إلى الأثرياء والرأسمالية الكبيرة المحلية والأجنبية وما تملكه من وسائل للنقل.. وهذا الإجراء وحده يمكن أن يوفر ما يكفى لإصلاح نظام الأجور، ورفع حجم ومستوى الإنفاق العام على الصحة والتعليم.
يُتــبـــــــــــــــــــع