..بسم الله الرحمن الرحيم..
** مواصفات فرعون كما ذكرت في القرآن الكريم **
تعد قصة موسى وفرعون الأكثر تكرارا في القرآن ،
وهي مثل كل قصص الأنبياء في القرآن تمثل معادلة فنية للصراع القائم بين الدين الجديد و الأوضاع القائمة ساعة نزول الشرائع على النبي المرسل الى قومه ،
ففرعون الشخصية المركزية في هذه القصة هو المعادل للقوى التي يمثلها واقعيا معارضي
أي دعوة من الدعوات السماوية الإلهية ، بينما يمثل موسى وقومه الجانب الآخر الذي يقف فيه النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء..
ففرعون في القرآن ليس له ملامح شخصية
ولا يعرف حتى اسمه الحقيقي باستثناء ذلك اللقب الموحي بالبطش والجبروت والاستبداد ..
وموسى لا يذكر من حياته إلا ما كان ذا قيمة في معرض الوعظ حتى أننا لم نكتشف أن له أخا إلا في معرض طلبه من ربه أن يشاركه عبء الدعوة ،
ولكننا بالتأكيد نستطيع أن نعرف الكثير عن ما يمثله كلا من الفريقين من موقف فكري وقيم أخلاقية ..
ولقصة موسى وفرعون تحديدا لمشكلات تفسيرية عديدة وقد وقع القدماء في ذلك فأكثروا الكلام حول اسم فرعون موسى
وقالوا في ذلك كلاما عجبا حتى وصلوا إلى أن اسمه
"قابوس"
وكذلك تحدثوا عن صهره المديني أهو شعيب النبي أم لا ؟
ثم غفل عنها المحدثون فوقعوا في محاولة التوفيق بين الرواية القرآنية وبين التاريخ الفرعوني الذي اكتشف حديثا ،
فإذا تجاوزنا كلام المفسرين حول النص وبحثنا عن صفات فرعون كما ترسمها قصته في القرآن...
فسنجدها تتركز حول ثلاث صفات:
الكفر بالله
العلو و الاستكبار
ممارسة الاضطهاد الطائفي ضد العبرانيين
غير أن هذه الصفات الثلاثة تترابط مع بعضها البعض ،
فكفر فرعون برسالة موسى لم يكن كما يصور القرآن عن قناعة ، ولكن عن استكبار ..
لقد كان سلطان الفرعون قائما على ادعائه وجود طبيعة إلهية له ،
وكان اعترافه بألوهية رب موسى وحده تعني فقدانه لسلطانه الديني الذي يستخدمه لتبرير سلطانه المطلق ،
وبذلك نجد أن صفتي الكفر والاستكبار يرتبطان ببعضهما البعض ،
ففرعون الذي قال لقومه
"ما علمت لكم من إله غيري"
من الطبيعي أن يجحد رسالة موسى رغم إيمانه بصدقه
وكذلك هامان وقارون وكل المستفيدين من حكم الطاغية
"وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين" .
إذا كان كفر فرعون يرتبط بعلوه واستكباره ،
فإن ممارسته الاضطهاد ضد العبرانيين يرتبط بذلك العلو والاستكبار الذي يسميه القرآن كثيرا بالطغيان ،
ولكن يشير ضمنا لشك فرعون في ولاء العبرانيين له ولسلطانه ولحذره منهم، ومن هنا فإن عنصرية فرعون ضد العبرانيين تنبع أساسا من حذره على سلطانه وملكه ،
أي من رغبته في الحفاظ على هذا الاستبداد والطغيان ...
ولكن هذه الصفات الفرعونية لا تظهر جميعها في كل السياقات بنفس الوضوح ،
فأحيانا يظهر فرعون الكافر الطاغية كما في سور "يونس"، "النمل" ، "النازعات" ،
وأحيانا يظهر فرعون الكافر الطاغية الطائفي كما في سورة "طه" ،
ولكن فرعون المستبد الطائفي يظهر فقط في سورة القصص حيث يتم سرد قصة موسى وفرعون بصورة توحي أن رسالة موسى لفرعون لم تكن تتضمن أي بعد ديني
" طسم . تلك آيات الكتاب المبين. نتلو عليك من نبأ موسى و فرعون بالحق لقوم يؤمنون. إن فرعون على في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم ي*** أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين . ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين . ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون"
يُتبع....