موسوعة الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
الباب الأول: تحدثت فيه عن أسباب قيام الأمة بالأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم وذكرت فيه نسبه الطاهر وتربيته وأهم صفاته قبل النبوة وبعد النبوة ومواقفه من المشركين المعاندين لرسالته من احتمال الأذى وعدم خضوعه لمغرياتهم، وإكمال الدين على يديه.
وفي الباب الثاني: وهو أهم الأبواب فقد تحدثت فيه عن أنواع الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم وقد قسّمتها إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: الأدب القلبي ـ وهو ما كان محله القلب كالإيمان بنبوته ـ صلى الله عليه وسلم ومحبته.
النوع الثاني: الأدب القولي ـ وهو ما كان محله اللسان ـ مثل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
النوع الثالث: الأدب العملي ـ وهو ما كان محله الجوارح غير اللسان ـ مثل اتباعه صلى الله عليه وسلم وتنفيذ أمره.
وفي الباب الثالث: فقد تحدثت فيه عمّا ينافي التأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم وإن كان يقصد فاعله التأدب بعينه عن جهل أو تأويل أو غير ذلك مثل الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم وشد الرحال إلى قبره صلى الله عليه وسلم دون مسجده وغيرها من البدع الأخرى التي تصحب ذلك أو تفعل في مسجده صلى الله عليه وسلم.
وفي الخاتمة: فقد ذكرت أهم النتائج التي توصلت إليها أثناء البحث.
ولا شك أنّ عملاً كهذا يتطلب جهدًا كبيرًا لإنجازه حتى يخرج إلى حيز الوجود في أكمل صورته.
وقد بذلت جهدًا متواصلاً تجاه هذا البحث مع أنّي لاقيت صعوبات كثيرة وأهمها ما هو متعلق بمراجع الموضوع من بحث وتنقيب في الكتب المطبوعة وغير المطبوعة ومن تنسيق وترتيب واستنباط وغير ذلك. وأخيرًا: أسجل هنا أهم الصعوبات التي واجهتني:
(أ) لم أجد من تكلم عن هذا الموضوع في مؤلف واحد مما كلفني مراجعة بطون الكتب التي لها صلة بهذا الموضوع من قريب ومن بعيد ككتب التفسير وكتب الحديث وشروحها وكتب السيرة والمغازي وكتب الشمائل وغير ذلك من مطبوع ومخطوط.
(ب) الذين تطرقوا إلى موضوع من مواضيع هذه الرسالة ينقسمون إلى فئتين:
الفئة الأولى: تذكر النصوص الواردة في المسألة من القرآن والسنة سردًا دون تعليق.
وأما الفئة الثانية: فهي على نقيض ذلك إذ تخصص كتابًا كاملاً لموضوع من مواضيع رسالتي وتتكلم عنه بالتفصيل، وحينئذٍ أجد صعوبة في استخلاص المعلومات التي تتمشى مع حجم رسالتي وخاصة المبحث الذي خصصت لتلك المسألة إذ أنّ كتابًا واحدًا من تلك المؤلفات يوازي ما في هذه الرسالة أو أكثر، فما بال المبحث الذي هو جزء من فصل ضمن باب من رسالة مكونة من عدة أبواب.
(ج) بعض المراجع لهذا الموضوع ما زالت مخطوطة ولم أتمكن من الوصول إليها، ولذلك اضطررت إلى اقتباس بعض النصوص المعزوة إلى تلك المخطوطات من مراجع فرعية.
(د) بعض المراجع التي رجعت إليها واقتبست منها يعزو أصحابها بعض النصوص التي لها علاقة وثيقة بالموضوع إلى شخص غير مشهور ويذكرون كنيته أو نسبته إلى قبيلة، أو بلد دون المؤلف أو الاسم الكامل للشخص والقرن الذي عاش فيه مع أنّ هذه النسبة أو الكنية مشتركة بين عدة أشخاص عاشوا قبل صاحب ذلك المرجع أو من أقرانه، وحينئذ أجد صعوبة في الوصول إلى الشخص المقصود منهم.
التمهيد
يحتاج موضوع بحثي هذا (التأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم) إلى بيان بعض المسائل التي تبيّن المراد منه حتى تكون الدراسة محددة من ناحية الموضوع ومن ناحية الهدف معًا.
وهذه المسائل هي:
1 بيان المراد بالتأدّب مع الرسول صلى الله عليه وسلم.
2 ضرورة الالتزام في التأدّب معه صلى الله عليه وسلم بما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية.
وسوف أتناول بحث هاتين النقطتين فيما يلي:
1 بيان المراد بالتأدّب مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
التأدب مصدر من الفعل الخماسي (تأدّب) بتشديد الدال، وله معان متعددة يشترك فيها مع كلمة الأدب مع الزيادة بسبب ما فيه من تضعيف. ولذا حسن أن أبدأ ببيان معنى الأدب أولاً، وبعدها أبيّن معنى التأدّب مع ملاحظة الفرق بين الصيغتين.
أ الأدب في اللغة:
يقول ابن فارس[4]: (الهمزة والدال والباء أصل واحد تتفرع مسائله وترجع إليه، فالأدْب أن تجمع الناس إلى طعامك، ومن هذا القياس، الأدب أيضًا لأنّه مجمع على استحسانه...)[5].
ولهذا قال ابن منظور[6]: (أصل الأدب الدعاء)[7].
هذا أصل كلمة الأدب، وأمّا عن اشتقاقها، فيقول الجواليقي[8]: (واشتقاقه من شيئين يجوز أن يكون من الأدب وهو العجب، ومن الأدب مصدر قولك: أدب فلان القوم يؤدبهم أدبًا بالكسر إذا دعاهم... ثم قال: فإذا كانت من الأدب الذي هو العجب فكأنّه الشيء الذي يعجب منه لحسنه ولأنّ صاحبه هو الرجل الذي يعجب منه لفضله، وإذا كان من الأدب الذي هو العجب فكأنه الشيء الذي يدعو الناس إلى المحامد والفضل وينهاهم عن المقابح والجهل)[9].