عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 25-04-2014, 02:20 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

2 ضرورة الالتزام في التأدب بما جاء في القرآن والسنة:
إن هذا الدين الذي لا يقبل عند الله سواه له أصلان هما الكتاب والسنة النبوية الثابتة.
يقول الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85].
وهذان المصدران هما القرآن الكريم والسنة النبوية.
يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء:59].
والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه، والرد إلى رسوله هو الرد إليه في حال حياته وإلى سنته في حال وفاته كما قال المفسرون.
كما أنّهما المصدران اللذان تركهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرنا بالتمسك بهما لئلا نضل بقوله صلى الله عليه وسلم:
(تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي)[23].
وعلى هذا الأساس فهذا الدين غني عن الزيادة والإضافة أيًا كان نوعها، بعدما أكمله الله سبحانه وتعالى كما تشير آية المائدة وهي قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:3].
وقد لحق الرسول صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى بعد نزول هذه الآية بأشهر.
وبناء على هذا، عندما نتعامل أو نتأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم فيجب أن نلتزم بما جاء في القرآن وفي السنة النبوية الثابتة دون أن نختلق من تلقاء أنفسنا أمورًا لم تثبت عن الشارع بقصد حسن النية ثم التقرب بها إلى الله راجيًا منه الثواب والمغفرة؛ لأنّ الأمور التي يتقرب بها المسلم إلى الله لا بد أن تجتمع فيها أربعة شروط:
1 أن تكون مشروعة بنص من الكتاب أو السنة الثابتة أو باجتهاد معتمد عليه.
2 أن تقع في الحدود المقرر لها من الزمان والمكان.
3 أن تقع بالكيفية التي أمر بها الشارع.
4 الإخلاص في القربى إلى الله تعالى.
وإذا انتفى شرط من هذه الشروط فلا تعتبر قربة بل تكون بدعة حينئذ.
ونحن نرى اليوم أناسًا يغالون في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدح يرفعونه إلى مرتبة الألوهية أو يصفونه بصفات لا تليق إلا بالله أو يطلبون طلبات لا دخل له في حصولها أثناء حياته فضلاً عن بعد مماته صلى الله عليه وسلم.
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الغلو بقوله: (لا تطروني [24] كما أطرت النصارى ابن مريم فإنّما أنا عبده، فقولوا عبد الله ورسوله)[25].
وعندما نرفض الغلو في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعني بالضرورة أن نقصر في توقيره وتعظيمه وحبه ولكن نعني أن نلتزم بما هو مشروع في حقه صلى الله عليه وسلم دون إفراط أو تفريط بعيدين عن الغلو والتقصير لنتصف بالوسطية التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة:143].
ومعنى الوسطية هنا الخيار والأجود ومنه الصلاة الوسطى التي هي أفضل الصلوات[26].
ومع هذا فلا نضطر بالضرورة عندما نرد على المغالين إلى أن نصف الرسول صلى الله عليه وسلم بصفات قد وصفه بها الشارع دون أن نبيّن معناها من جميع الجهات.
مثال ذلك: أن نقول أن الرسول بشر ونجتهد في إثباتها مستدلين بقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [الكهف:110].
والمثلية يقصد بها هنا أنه يعتريه ما يعتري الإنسان من جوع وظمأ ومرض غير منفر وغير ذلك ولكن هو بشر يوحى إليه كما تدل عليه بقية الآية.
{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ...} [الكهف:110].
لأنّ المثلية قد يفهم منها أنّه كآحاد الناس إذا لم نبيّن القصد من ذلك...
وغالبًا عندما يريد شخص أن يصحّح انحرافاَ معينًا ويجتهد في تصحيحه قد يقع في انحراف آخر مضاد للأول دون أن يشعر بذلك.

__________________
رد مع اقتباس