عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 25-04-2014, 02:27 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الفصل الثاني:
عمله صلى الله عليه وسلم في نشر الدعوة وحرصه على هداية الناس.
وسيأتي تفصيل ذلك فيما يلي بمشيئة الله تعالى.
الفصل الأول
نسبه صلى الله عليه وسلم ونشأته وصفاته
منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى أبا البشر آدم عليه السلام وأهبطه هو وزوجه إلى الأرض لم يترك الناس سدى يتصرفون برؤية عقولهم واتجاهاتهم لأن عقل البشر مهما كانت قدرته قاصر عن إدراك الطريق المستقيم ومعرفة الحق بصورة تامة، وإن أدرك بعض الجوانب بالفطرة التي فطر الله الناس عليها.
ولكي تستقيم الفطرة وتكمل نحو الأفضل كانت تأتي هداية الله سبحانه وتعالى للناس متتابعة على ألسنة الرسل عليهم السلام فكلما انحرفت البشرية عن طريق الله القويم جاءها مبعوث من الله سبحانه وتعالى لهدايتها، ودعوتها.
يقول الله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر:24].
فكل أمة جاءها رسول من بينها مبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه، وسراجًا مضيئًا ينير الطريق. ويهدي للتي هي أقوم. وبذلك تقوم الحجةعلى الناس.
يقول تعالى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لأَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:165].
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: (أنّه تعالى أنزل كتبه وأرسل رسله بالبشارة والنذارة، وبين ما يحبه ويرضاه مما يكرهه ويأباه لئلا يبقى للمعتذر عذر)[29].
ومما يؤيد هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (ليس أحد أحب إليه المدح من الله عز وجل من أجل ذلك مدح نفسه، وليس أحد أغير من الله من أجل ذلك حرّم الفواحش، وليس أحد أحب إيه العذر من الله من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل)[30].
وكانت الرسل قبل رسولنا صلى الله عليه وسلم يأتون أقوامهم خاصة ليكون التبليغ مناسبًا للناس، وليدينوا الله بشريعة يستطيعون القيام بتكاليفها. وقد ختم الله سبحانه وتعالى الرسل عليهم الصلاة والسلام بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة رحمة لهم.
يقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [سبأ:28].
ويقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107].
وبذلك بعث رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم للناس جميعًا وختم الله به الرسل وقضى باستمرار رسالته إلى يوم القيامة. وأصبح الرسول صلى الله عليه وسلم اللبنة الأخيرة في البناء العظيم الذي يمثل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لبناته. كما أخبر صلى الله عليه وسلم حيث يقول: (مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بيتًا فأجمله إلا موقع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين)[31].
واختيار الرسول صلى الله عليه وسلم للرسالة كانت بمشيئة الله تعالى الذي خلق الناس جميعًا، وهو العليم بذواتهم وخصائص كل منهم يقول الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ} [القصص:68] ويقول الله تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام:124].
يقول الآلوسي في تفسير هذه الآية: (إنّ منصب الرسالة ليس مما ينال مما يزعمون من كثرة المال والولد وتعاضد الأسباب وإنما ينال بفضائل نفسانية ونفس قدسية أفاضها الله تعالى بمحض الكرم والجود على من كمل استمداده. ونص بعضهم على أنه تابع للاستعداد الذاتي وهو لا يستلزم الإيجاب الذي يقول به الفلاسفة لأنه سبحانه إن شاء أعطى وإن شاء أمسك، وإن استعد المحل)[32]. ومن ثم اختار الله للدعوة الإسلامية التي ختم الله بها كل الرسالات المكان الملائم واختار لحملها خير أمة أخرجت للناس كما اختار رجلها المتميز وهو الرسول صلى الله عليه وسلم بصفات جعلته خير من يتلقى الوحي ويبلغه للناس ويتحمل في سبيل ذلك كل اضطهاد وعنت كما هي سنة الله مع كل رسالاته ورسله[33].
وقبل اختيار الرسول للتبليغ صنعه الله، وهيأه، وكفل الله له التنشئة السليمة حتى يكون أهلاً للرسالة والتبليغ، ومن المعلوم أن اصطفاء الله للرسل يتم على مرحلتين، مرحلة تهيئة، ومرحلة تكليف وإبلاغ. ولولا أن النبوة اصطفاء وإحسان لقلنا أن الرسل بصفاتهم يستحقونها كسبًا لكنّ جمهور المسلمين أجمعوا على أن الرسالة لا تكتسب فلا بد أن يخلق الله لها استعدادًا خاصًا عند صاحبها بحيث يجعله أهلاً لحملها وإبلاغها. وبعد ذلك يصطفيه للرسالة[34].
وفي هذا الفصل سوف أتحدث فيه عن مرحلة تهيئة الرسول صلى الله عليه وسلم لحمل الرسالة الخاتمة وإبلاغها إلى الناس كافة.
ولذا سيأتي مكونًا من ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: عراقة أصله.
المبحث الثاني: نشأته وتربيته.
المبحث الثالث: اتصافه بصفات طيبة وأخلاق فاضلة.
وذلك فيما يلي:
المبحث الأول
عراقة أصله

__________________
رد مع اقتباس