محمد حليم بركات يكتب : السيسي خاويا
ما هذا الحظ اللعين الذي تملك مصر عن أخرها خلال أربعون عاماً عندما قُدر لها أن يحكمها رؤساء كلهم خواء من كل شيء .. لحوم على عظام، ملابس على جلود، أحذية على جوارب، ولكن رؤوس دون عقول وقلوب دون ضمائر وألسنة دون صدق.
بعد إذاعة لقائة بمعظم الإعلاميين الذين أعلنو تأييدهم إليه دونما غيرهم على جميع الفضائيات .. كانت القاعة الجميلة الراقية والجلسة المستديرة الرائعة والبدل الأنيقة هي أجمل وأهم ما خرجت به من هذا اللقاء فضلاً عن أني إكتشفت أن مصر بها عدد هائل من مذيعي برامج «التوك شو» حيث كل هؤلاء الذين حضروا اللقاء لم يتعدوا ثلث عدد الإعلاميين في مصر.
ظننت أن بوجود عشرون إعلامياً من المحترفين وبفرض أن لكل واحد منهم حق سؤال واحد، أن السيسي سوف يجيب على كل ما يدور في عقول المصريين من تساؤلات يريدوا أن يستمعوا إلى إجابات عنها .. إلا أن الحقيقة الصادمة أنني لم أجد سوى ستة أسئلة ومكررة بصيغات مختلفة يبحث كثيرون عن إجابات لها من عبد الفتاح السيسي .. ومع ذلك لم يجيب السيسي عنها مثلما لم يجيب عن أي سؤال بإجابات تنتمي إلى السؤال نفسه، وبدى وكأنه يتحدث مع شخص لا نراه في القاعة ويراه هو في مخيلته أو يتحدث إليه في أذنه وهو ما بات واضحاً في حديثه طوال الجلسة .. وهو دليل قاطع على أنه ليس سياسي بالمرة وليس ذكياً على الإطلاق، حيث من الممكن أن يستثمر كل هذه الأسئلة لصالحه لكنه في الحقيقة بدى وكأنه رجل بسيط يعتمد على إستعطاف الناس بكلمات متكرره تبدو للجميع في أول وهله أنها وليدة اللحظة لكن سرعان ما تتكشف أنها قوالب جاهزة يعتمد عليها في الهروب من الأسئلة.
السؤال الأول:
بعد شهر ونصف سوف تتقلد مقاليد الحكم.. ما هي الأفكار الجديدة في التعامل مع الملف الأمني؟ «خالد أبو بكر»
السيسي:
( أريد أن أقول لك أن الوضع الأمني الحالي جيد جداً.. جيد جداً.. وليس جيد وليس مقبول وليس ضعيف، فالتحديات كبيرة جداً لأننا نتعامل مع تيار فقد فرصة الحكم وفقد فرصة العودة لأن مصر ٩٠ مليون أي نصف الوطن العربي ومن تضيع فرصته في مصر يعني أنه لن يحصل عليها في مكان آخر. )
كان هذا هو السؤال الأول للسيسي في الجلسة ومن إجابته عنه تظن للوهلة الأولى أنه لم يفهم السؤال جيداً، ولكن مع إجاباته عن الإسئلة الأخرى تكشفت أن هذا هو أسلوبه في الإجابة على الأسئلة التي ليس له إجابات لها أو لا يريد أن يجيب عنها.. فإجابة هذا السؤال لا يمكن أن تكون بالمديح في الحالة الأمنية التي عليها مصر الأن، لأنها حالة سيئة للغاية وإذا كان يعتبر السيسي أن الحالة الأمنية جيدة جداً فهذا يعني أنه ليس لديه طموح في تحسين الحالة الأمنية التي هي السبب الرئيسي الذي من أجله سوف يختاره الشعب وهذا يعني أيضاً أنه وهو المسؤول الأول عن الأمن في مصر فشل فشلاً ذريعاً في تحسين الحالة الأمنية واكتفى بهذا القدر الضعيف.
السؤال الثاني:
ما هي خيارات المشير عبد الفتاح السيسي التي يستطيع من خلالها التوافق مع الشعب؟ «عادل حمودة»
السيسي:
( أنا من الشعب ده ومن الغلابة دول.. أنا من تحت جداً يا أستاذ عادل.. مع الغلبان ولا أقولها لأداعب مشاعره، أنا مع الغلبان الذي سمعت أناته منذ سنوات مضت في كل شيء ، والله أتمنى أن يكون معي ١٠٠ مليار دولار سأعمل لهم وأعمل لهم وأعمل لهم، وأنا لا أحب المال إلا عندما يكون وسيلة لإسعاد الناس. )
هذه إجابة سطحية وربما ليس لها معنى في موضوع السؤال، فالمال لم يكن أبداً الوسيلة الوحيدة للتوافق بين الشعب ورئيسه خاصة وأنه ليس متواجد أصلاً وهذا يعني أن السيسي لا يرى وسيلة للتوافق مع الشعب سوى من خلال مليارات الدولارات الغير موجودة من الأساس ولا يعلم ما هي البدائل لهذا كما لا يدرك أن هذا الشعب لن يصبر كثيراً إذا استمرت حالة إعندام الرؤية التي يتعامل بها السيسي مع المصريون ويعتمد في العلاقة بينه وبينهم على الحب الذي يراه في أعينهم وهذا وحده لا يكفي.
السؤال الثالث:
في ظل تكاتف وتحالف الأحزاب في تأييدهم لك.. ما هو حزبك الذي سوف تعمل من خلاله وكيف ستتعامل مع المعارضة؟ «محمد مصطفى شردي»
السيسي:
( لو استطعنا أن نكون حالة فهم للواقع سوف ينسى الجميع خلافاتهم ويتحدوا جميعاً بمناسبة الحديث عن المعارضة، وهذا دور الإعلام في خلق هذه الحالة، وبالقطع يجب أن تكون هناك معارضة لكن المشكلة الحقيقية أنه إذا كانت هناك أزمة أنا كمسؤول يكون تقديري لها أكثر صواباً من غيري وأعلم أي حل للأزمة هو الأنسب. )
كغيره ممن حكموا مصر يتعامل مع من هم خارج السلطة على أنهم يتحدثون عما لا يعلمون وأن السلطة وحدها هي القادرة على تقييم الأزمات والتعامل معها وهو منطق أنوي إعتاد عليه كل من هم في السلطة على مختلف المستويات.. فضلاً عن أنه لم يجب عن السؤال الذي ادعي إني على دراية بإجابته.. وهو الحزب السياسي الذي سوف يعمل من خلاله ويشكل غطاء سياسياً له في الحكم، ألا وهما حزبي المؤتمر والحركة الوطنية بعد إندماجهما عقب إنتخابات البرلمان القادم وهو بالفعل ما تم الإتفاق عليه قبل شهور مضت.
http://yanair.net/archives/48627
يُـــتــــبـــــــــــــــــــــــــــــــع