(17) عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «للَّهُ أَشدُّ فَرَحاً بِتَوْبةِ عَبْدِهِ حِين يتُوبُ إِلْيهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى راحِلَتِهِ بِأَرْضٍ فلاةٍ، فانْفلتتْ مِنْهُ وعلَيْها طعامُهُ وشرَابُهُ فأَيِسَ مِنْهَا، فأَتَى شَجَرةً فاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، وقد أَيِسَ مِنْ رَاحِلتِهِ، فَبَيْنما هوَ كَذَلِكَ إِذْ هُوَ بِها قَائِمَة عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخطامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الفَرحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَح».
أولاً: تَخْرِيج الحَدِيث: رَوَاه البخاري مُختصراً (8/ 6309) ومسلم واللفظ له (4/ 2747) وأحمد (20/ 13229) وأبو يَعلى الموصلي في "المُسند" (5/ 2860) وابن حِبان (2/ 617) والطَبراني في "المعجم الأوسط" (8/ 8500)، والبَيهقي في "شُعب الإيمان" (9/ 6703) وفي "الأسماء والصِّفات" (2/ 99).
ثانياً: شَرح الحَدِيث:
- (بِأَرْضِ فَلَاة): صَحَرَاء.
- (فَانْفَلَتَتْ): نَفَرَتْ وهَرَبَت.
- (وَعَلَيْهَا): عَلَى ظَهْرِهَا.
- (طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ): خُصَّا بِالذِّكْر لِأَنَّهُمَا سَبَبَا حَيَاتِهِ.
- (فَأَيِسَ مِنْهَا): مِنْ وِجْدَانِ الرَّاحِلَةِ بَعْدَ طَلَبِهَا.
- (وَقَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ): مِنْ حُصُولِهَا وَوُصُولِهَا.
- (فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ): فِي هَذَا الْحَالِ مُنْكَسِرُ الْبَالِ.
- (إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ)، أَيْ: إِذَا الرَّجُلُ حَاضِرٌ بِتِلْكَ الرَّاحِلَةِ حَالَ كَوْنِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَلَا تَعَبٍ.
- (فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا): زِمَامِهَا فَرِحًا بِهَا، فَرَحًا لَا نِهَايَةَ لَهُ.
- (ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ): أَي: بِسَبْقِ اللِّسَانِ عَنْ نَهْجِ الصَّوَابِ.
- (مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ): كَرَّرَهُ لِبَيَانِ عُذْرِهِ وَسَبَبِ صُدُورِهِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الفَرَحِ رُبَّمَا يَقْتُلُ صَاحِبَهُ وَيُدْهِشُ عَقْلَهُ، حَتَّى مَنَعَ صَاحِبَهُ مِنْ إِدْرَاكِ البَدِيهِيَّات.