منة شرف الدين تكتب : وبلدنا عالترعة بتغسل شعرها .. جه من وراها السيسي وزقها
“ آه والله زي مبؤلك كده ” .. هي حكاية ثورة لم تكتمل .. تحديدا يمكن أن نقول نصف ثورة .. تلك التي ظل الثوار يحذرون بعضهم البعض منها مرددين” من يصنع نصف ثورة يحفر قبره بيده ”.
اعذروني من البداية على الإطالة، سأعود معكم بالذاكرة إلى ما قبل 25 يناير 2011 بسنوات حيث يفاجأ الشعب المصري من حين لآخر بمجموعة من الشباب “ المعاتيه في نظره وقتها ” “ يجعجعون ” بعبارات غريبة على سلم نقابة الصحفيين أو أمام دار القضاء العالي أو مجلس الدولة وتحوطهم قوات الأمن المركزي وربما ألقي القبض عليهم وسحلهم وربما تحرش الأمن وبلطجيته بالفتيات، ليس ما كان يحدث للشباب هو المهم الأهم ما كان يعتقده جموع المصريين “ أنتوا بقى اللي هتغيروا الكون؟، ما احنا عايشين كويسين، اللي نعرفه أحسن من اللي منعرفهوش، عيال صايعة تستاهل اللي يجرالها يروحوا يشتغلوا أحسن، … ”.
لم يستسلم الشباب وظلوا قابضين على الجمر، كانت مجموعة منهم تجلس في الدور الثامن بنقابة الصحفيين تضع ما تصفه بخطط الثورة وتحلم وتستغرق في الأحلام وتضحك حتى على نفسها، حتى انفجر البركان يوم 25 يناير والتف حوله عدد كبير من المصريين لتنطلق الثورة، إلا أن وقتها أكاد أجزم أنه لو كان تم عمل استفتاء على رحيل مبارك أو بقاؤه لصوت أغلب المصريين لصالح بقاؤه والقضاء على هؤلاء “ الشرذمة ” المقيمة بميدان التحرير والتي تزعزع استقرار مصر.
واصل الثوار مشوارهم ونجحوا في “ إجبار ” المؤسسة العسكرية على الانحياز لهم، ثم حدثت الخيانة الكبرى ووضع الإخوان يدهم في يد المجلس العسكري الذي ضم بالمناسبة “ السيسي ” “ الراجل اللي بيلبس زيتي وبيطلع في التلفزيون يقولنا أنتوا نور عينينا وأنا عايز تفويض ”، المهم خان الإخوان الثورة وباع المجلس العسكري الذي تورط في جرائم دامية القضية وبقى الثوار على ثورتهم ثابتين.
“ عصرنا لمون .. مش عيب ” وغيرنا فضل مقاطعة التصويت “ مش عيب برضه ”عندما كان الخيار بين مرسي وشفيق، وأرى أن وجود الإخوان في السلطة أفاد الثورة والثوار فنقى صفها وكشف حقيقة الإخوان وحرقهم سياسيا إلى ما شاء الله وهي مرحلة كانت مصر ستمر بها عاجلا أم آجلا.
“ تمرد ” .. أتحدى أصحاب الفكرة الأولى والمؤسسين الأوائل جميعا – وكاتبة هذه السطور إحداهم – أن يكون السيناريو الذي نعيشه اليوم هو ما رسموه أو سعوا إليه، الهدف كان سحب الثقة من محمد مرسي وانتخابات رئاسية مبكرة أتحداهم فردا فردا لو أن “ السيسي ” كان مطروحا ولو في مخيلة أحدهم، بالمناسبة أحدهم أبلغ قيادة مهمة بالجيش “ ليس السيسي ” يوم 3 يوليو 2013 عندما سأله “ أنتوا عاوزين مين رئيس؟ ” فأجاب “ حمدين ” وكنا وقتها جميعا نحلم نفس الحلم لا حبا في شخص وإنما حبا في مصر والثورة التي تريد رئيسا مدنيا من قلب الثورة مناضلا وله تجربة وقاعدة شعبية يمكن البناء عليها في مواجهة ما كنا نعتقد أنها الأخطار الوحيدة “ الفلول ” و” الإسلام السياسي ”.
“ السيسي ” في نظري مثله مثل “ طنطاوي ” قام بنفس الدور “ مجبرا ” وهو جزء من نظام مبارك ومرسي أيضا، يتحمل مسئولية ما يتحمله المجلس العسكري من جرائم، رجل عسكري لم يعرف طعم الثورة ولا رائحة الشوارع، مدعوم من الفلول والمنافقين “ وبتوع ثورة 30 يونيو .. مش موجة لثورة 25 يناير”، استطاع هو والدولة العميقة أن يعي أن الشعب أصبح طرفا في المعادلة ولن يخرج منها “ على الأقل لفترة ” فلعب على كسب تأييد الناس، وبقدرة قادر انتشرت صورة “ السيسي ” في المظاهرات، وبمعجزة عبثية وضع بجانب “ عبد الناصر ” و ” هوبااا الحقوا الإرهاب ” و” هوبااا لأ لأ مش عايز اترشح بس لو الناس قالت مش هقول لأ يعني ” و ” هوبااا السيسي مرشح ومن وراءه الفلول ورموز الثورة المضادة ”.
أعجب من أن بعض من كانوا شركاء في الثورة لا يدركون هذه الحقائق، الحقيقة لو أني اعتقدت أنهم لا يفهمون فأنا بذلك اتهمهم بالغباء وأنا لم أعهدهم أغبياء ولو اعتقدت أنهم مدركون لكل ذلك فـ “ حسبي الله ونعم الوكيل ”.
عاد الثوار ربما أقل، ربما غرباء، يتعرضون للتشويه، للاعتقال، لتلفيق التهم، للسخرية، بالإضافة إلى مستجدات المزايدة، التخوين، الصدمة في الرفاق، الحزن على الشعور بالعودة للوراء وغرق مصر من جديد بعدما اعتقدوا أنهم قاموا بإنقاذها وأنها في هذه المرحلة تقف على الترعة تغسل شعرها ولكن .. جه من وراها السيسي وزقها.
“ مكملين ”.
*المقال ينشر للمرة الثانية وتم نشره المرة الأولى على بوابة يناير بتاريخ 12 يناير 2014 ، وتم حذف فقرة منه نصها :
“ رفاق الثورة .. لازالت أمامكم الفرصة لتعودوا لأحضانها، لئلا تخونوا أهدافها وأحلام جيلكم الجيل الذي آمنا معا بأنه “ جيل يستحق القيادة ”، لازالت قلوبنا تتسع لمحبتكم، لا زال الشهداء يستطيعون أن يغفروا لكم”.
وذلك لأن الفرصة ضاعت والمهلة انتهت وجفت الأقلام وطويت الصحف والأسماء دونت “ الجدع جدع .. والجبان جبان ”.
http://yanair.net/archives/53787