عرض مشاركة واحدة
  #711  
قديم 23-06-2014, 10:36 AM
الصورة الرمزية محمد محمود بدر
محمد محمود بدر محمد محمود بدر غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 23,386
معدل تقييم المستوى: 39
محمد محمود بدر is just really nice
افتراضي





اللقاء الاخير بين الملك فاروق و اللواء محمد نجيب 26 يوليو 1952 .

كان في نيتي أن أكون في وداع فاروق عند مغادرته قصر رأس التين , لكن اذدحام الناس حولي عطل مروري , كما أن سائقي ضل الطريق و توجه الي ميناء خفر السواحل بدلا من أن يتجه الي الميناء الملكي .

و لما عدنا الي الطريق الصحيح , كان الملك قد توجه الي المحروسة منذ اربع دقائق , أي في السادسة تماما حسب الانذار .


عزف السلام الملكي , و تقدم الملك الي المحروسة ... و أختلطت اصوات المدافع بصوت بكاء الخدم و الحاشية .

و سألني علي ماهر :- ماذا ستفعل الآن بعد أن وصلت متأخرا ؟
سأذهب لوداعه علي ظهر المحروسة كما وعدت .
و أخذت لنشا حربيا دار بنا دورة كاملة كما تقتضي التقاليد الحربية .... و حذرني زملائي من الصعود علي اليخت , اذ ربما اطلق علي أحد اتباع الملك الرصاص .
فقلت :- قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا .

و صعدت الي المحروسة , كان الملك ينتظرني .
أديت له التحية العسكرية فرد عليها
و مضت فترة سكون ... سكون ثقيل كأنه جبل .
فمن الصعب انسانيا أن تودع ملك كان يملك الكل و يحكم كل شئ قبل أيام قليلة , و كان من الممكن أن يعتقلني أو ي***ني , أحسست أن هزيمة فاروق كانت قاسية جدا , كان ثمنها انهيار السلطة و النفي بعيدا عن الوطن .

كانت مشاعرنا بالتأكيد في هذة اللحظة متناقضة .
و مر الصمت الذي كان يسيطر علينا و يحكمنا و يربك أنفسنا و يجعل الكلمات عاجزة عن الحركة علي شفاهنا و قلت له :-
أفندم ..... أنت تعرف انني كنت الضابط الوحيد الذي قدم استقالته في عام 1942 .
" عندما حاصر الانجليز قصر عابدين بالدبابات و أجبروا الملك فاروق علي تعيين النحاس باشا رئيسا للوزراء كان نجيب يخدم في الحرس الملكي و قدم استقالته لعجزه عن حمايه الملك "

قال :- نعم اتذكر
قلت :- لقد كنت خجولا للمعاملة التي تلقاها الملك في ذلك الوقت .
قال :- أعلم !
قلت :- كنا مخلصين للعرش في عام 1942 , و لكن اشياء كثيرة تغيرت منذ ذلك الوقت .
قال :- نعم أعرف ان اشياء كثرة تغيرت .
قلت :- أنت تعرف يا أفندم انك السبب فيما فعلناه .
و جاءت اجابه فاروق محيرة جدا , و شغلتني طيلة حياتي
قال :- أنتم سبقتموني بما فعلتموه , فيما كنت أريد أن أفعله .

كنت مندهشا لهذا الرد , و لم أجد شيئا اقوله , قدمت له التحية كما فعل الآخرون و سلمنا بأيدينا علي بعضنا البعض , و قال فاروق :-
أرجو أن تعتني بالجيش فهو جيش أبائي و أجدادي .
قلت :- أعرف أن الكولونيل سليمان الفرنساوي هو الذي أسسه , و هو الآن في أيدي أمينة .
ولاحظ فاروق أن جمال سالم يحمل عصاه و هو يقف أمامه فتوقف عن الحديث و اشار اليه قائلا " أرم عصاك "
و حاول جمال سالم أن يعترض لكنني منعته من ذلك , فالقي عصاه و وقف بصورة تنم عن اللامبالاة .

و عاد الملك للحديث معي و قال :- أن مهمتك صعبة جدا فليس من السهل حكم مصر .
و أنتهي الحوار في احترام و وقار ثم وقف الملك و قال الان يجب أن أمشي .
و مشي فاروق دون أن يرجع

و عدت الي منزلي و أنا لا أفكر سوي في العبارة الاخيرة التي قالها فاروق
" ليس من السهل حكم مصر "
ساعتها كنت أتصور أننا سنواجه كل ما نواجهه من صعوبات الحكم باللجوء الي الشعب , لكنني الآن أدرك أن فاروق كان يعني شيئا آخر , لا أتصور أن أحدا من الذين حكموا مصر أدركوه , و هو أن الجماهير التي ترفع حاكم الي سابع سماء , هي التي تنزل به الي سابع ارض , لكن لا أحد يتعلم الدرس ! .

الصورة للملك فاروق في بداية حكمه لمصر سنة 1937 .





الصور المرفقة
 

آخر تعديل بواسطة محمد محمود بدر ، 31-01-2018 الساعة 10:25 AM
رد مع اقتباس