
20-07-2014, 10:49 PM
|
عضو لامع
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
|
|
من الأمور التي تخالف فيها المرأة الرجل
(القوامة)
القوامة لغة هي:
من قام على الشيء يقوم قياماً، أي: حافظ عليه وراعى مصالحه، ومن ذلك القيِّم الذي يقوم على شأن شيء ويليه ويصلحه[1].
والمقصود بالقوامة هنا: أن الزوج أمين على المرأة يتولى أمرها ويصلحها في حالها، ويقوم عليه آمراً وناهياً كما يقوم الوالي على رعيته[2].
والقوامة لا تعني القوامة في البيت، بل هي أعم وأشمل؛ فالرجل يقوم على زوجته بكل شيء تحتاجه، فهو الذي يحميها ويحفظها، ويراجع لها معاملاتها وأموالها وتجارتها ونحو ذلك، فالقوامة أعم وأشمل من أن تكون محصورة في البيت فقط.
والقوامة التي سنتحدث عنها والتي هي من اختصاص الرجل بدليل قوله تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34] هذه القوامة استحقها الرجل؛ لأنه هو الذي يبذل وينفق على المرأة، ومن ثم استحق القوامة؛ لأنه هو المنفق. هذا أولاً.
ثانياً: لأن الله العليم اللطيف الخبير هو الذي أعطى الرجل هذه القوامة بما لديه من استعداد نفسي وعقلي وبدني... كما سيأتي توضيحه إن شاء الله.
فالقوامة للرجل بنص القرآن، لكن أعداء الإسلام شغبوا على الدين، واتهموا الإسلام أنه يهين المرأة؛ لأنه جعل القوامة بيد الرجل، ونحن سوف نناقش هذه المسألة بالعقل والمنطق لنرى هل ظلم الإسلام المرأة حين جعل القوامة بيد الرجل أو لا؟!
لنفرض أن البيت بما فيه من المرأة والأولاد والرجل شركة أو مؤسسة، ولابد لهذه المؤسسة أو الشركة من رئيس أو قيِّم أو مدير، وعليه فهناك احتمالات ثلاثة هي:
1- إما أن يكونا قيمين معاً (الرجل والمرأة).
2- إما أن تكون المرأة قيمة.
3- إما أن يكون الرجل قيماً.
أما الاحتمال الأول فنستبعده؛ لأنه ثبت بالتجربة أن وجود رئيسين للعمل الواحد أدعى إلى الإفساد من ترك الأمر فوضى بلا رئيس.
والقرآن يقرر أنه: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾ [الأنبياء: 22]﴿ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ [المؤمنون: 91] فإذا كان هكذا الأمر بين الآلهة المتوهمين فكيف يكون بين البشر العاديين؟!
وعلم النفس يقرر أن الأطفال الذين يتربون في ظل أبوين يتنازعان على السيادة تكون عواطفهم مختلة، وتكثر في نفوسهم العقد والاضطرابات.
بقي الاحتمالان الثاني والثالث، وقبل الخوض في بحثهما نسأل: أيهما أولى وأجدر أن تكون وظيفته القوامة بما فيها من تبعات العقل (الفكر) أو العاطفة؟ فإذا كان الجواب البدهي هو العقل، فقد انحلت المسألة دون حاجة إلى جدال كثير[3].
إذاً: بقي الاحتمال الأخير وهو أن الرجل أولى بالقوامة؛ لأنه بطبيعته المفكرة لا المنفعلة، وبما يحتوي كيانه من قدرة على الصراع واحتمال أعصابه لنتائجه وتبعاته، أصلح من المرأة في أمر القوامة على البيت، بل إن المرأة ذاتها لا تحترم الرجل الذي تسيره فيخضع لرغباتها، بل تحتقره بفطرتها، ولا تقيم له أي اعتبار.
بل إن المرأة بعاطفتها الجياشة إذا دخل ابنها وقد سالت الدماء من وجهه انفجرت بالبكاء مباشرة على ولدها، أما الرجل فيفكر قليلاً، ثم يقول لابنه: ماذا فعلت يا بني حتى فُعِلَ بك هذا؟!
على أن المرأة لو طالبت بالقوامة والسيادة في أول عهدها بالزواج وهي فارغة البال من الأولاد، وتكاليف تربيتهم التي تزهق البدن والأعصاب، فسرعان ما تنصرف عنها حين تأتي المشاغل، وهي آتية بطبيعة الحال، فحينذاك لا تجد في رصيدها الفكري والعصبي ما تحتمل به مزيداً من التبعات، فتعود القوامة والسيادة إلى الأصل وهو الرجل.
وخلاصة القول: إننا إذا اتفقنا على أن القوامة تكون بيد الرجل فليس معنى ذلك أن يستبد الرجل بالمرأة، أو بإدارة البيت، فالرئاسة الناجحة لهذه المؤسسة (البيتية) تعني المشاورة والمعاونة، والتفاهم الكامل، والتعاطف المستمر، وهي قوامة إدارة ورعاية لا قوامة تسلط وتحكم، وكل توجيهات الإسلام تهدف إلى إيجاد هذه الروح داخل الأسرة، وإلى تغليب الحب والتفاهم على النزاع والشقاق، فالقرآن يقول: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19] والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (خيركم خيركم لأهله) وهو ميزان صادق الدلالة، فما يسيء رجل معاملة شريكته في الحياة إلا أن تكون نفسه من الداخل منطوية على انحرافات شتى، تفسد معين الخير أو تعطله عن الانطلاق[4].
وقد يقول قائل من المتأثرين بالنظام الغربي: إن هذه القوامة التي ميز الله بها الرجل، وأخضع المرأة لها، تنطوي على إجحاف بحقها، كما أنه شاهد بيّن على غياب المساواة المزعومة بين الرجل والمرأة في أحكام الشريعة الإسلامية والنظام الإسلامي!
والرد على ذلك مع ما سبق ذكره آنفاً أن نقول:
أولاً: إن الله خلق الناس من ذكر وأنثى... زوجين على أساس القاعدة الكلية في بناء هذا الكون، وجعل من وظائف المرأة: أن تحمل، وتضع، وترضع، وتكفل ثمرة الاتصال بينهما وبين الرجل، وهي وظائف ضخمة أولاً، وخطيرة ثانياً، وليست هينة ولا يسيرة بحيث تؤدى بدون إعداد عضوي ونفسي وعقلي عميق غائر في كيان الأنثى! فكان عدلاً كذلك أن يناط بالشطر الثاني -الرجل- توفير الحاجات الضرورية، وتوفير الحماية كذلك للأنثى؛ كي تتفرغ لوظيفتها الخطيرة، ولا يحمل عليها وتكلف أن تحمل وترضع وتتكفل.. ثم تعمل وتكد وتسهر لحماية نفسها وطفلها في آن واحد.
ثانياً: من العدل - كذلك - أن يمنح الرجل من الخصائص في تكوينه العضوي والعصبي والعقلي والنفسي ما يعينه على أداء وظيفة القوامة وغيرها من الوظائف.. وأن تمنح المرأة في تكوينها العضوي والعصبي والعقلي والنفسي ما يعينها على أداء وظيفتها تلك.
وكان هذا فعلاً... ولا يظلم ربك أحداً.
ثالثاً: أن من الخصائص التي جعلت الرجل أولى بالقوامة أنه كُلِّف بالإنفاق -وهو فرع من توزيع الاختصاصات- يجعله بدوره أولى بالقوامة؛ لأن تدبير المعاش للمؤسسة ومن فيها داخل في هذه القوامة، والإشراف على تصريف المال فيها أقرب إلى طبيعة وظيفته فيها... [5].
وقبل أن أنهي موضوع القوامة أريد أن أذكر مقلدة الغرب وحضارته ممن يزعم نصرة المرأة، والذي يتذمر من تشريع قِوامة الرجل ويدعي أن فيه هضماً للمرأة وظلماً... ويريد أن لا يكون للزوج عليها سبيل مهما فعلت.
أريد أن أذكره بقول الغربيين أنفسهم في هذه القضية:
فقد عالج موضوع قوامة الرجل وحلله تحليلاً نفسياً واجتماعياً موفقاً الباحث الدكتور "أوجست فوريل" وخلص إلى نتيجة هامة جداً قرر فيها: أن حماية الرجل للمرأة أساس جوهري لاستقرار الأسرة، ولتمتع الزوجة نفسها بالسعادة قال تحت عنوان له: (سيادة المرأة):
"يؤثر شعور المرأة بأنها في حاجة إلى حماية زوجها على العواطف المشعة من الحب فيها تأثيراً كبيراً، ولا يمكن للمرأة أن تعرف السعادة إلا إذا شعرت باحترام زوجها، وإلا إذا عاملته بشيء من التمجيد والإكرام، ويجب أيضاً أن ترى فيه مثَلَها الأعلى[6] في ناحية من النواحي، إما في القوة البدنية، أو في الشجاعة، أو في التضحية وإنكار الذات، أو في التفوق الذهني، أو في أي صفة طيبة أخرى، وإلا فإنه سرعان ما يسقط تحت حكمها وسيطرتها، أو يفصل بينهما شعور من النفور والبرود وعدم الاكتراث...
ولا يمكن أن تؤدي سيادة المرأة إلى السعادة الزوجية؛ لأن في ذلك مخالفة للحالة الطبيعية التي تقضي بأن يسود الرجل المرأة بعقله وذكائه وإرادته، لا تسوده هي بقلبها وعاطفتها" [7].
كذلك دلت الدراسات الأحصائية لأجوبة الطالبات المثقفات ثقافة عالية في أمريكا، وفي دراسات أجريت في عدد كبير من المدارس الأجنبية - أيضاً - في العراق والأردن ومصر ولبنان وهي بيئة لا تُتَّهم بالرجعية، دلت الدراسات على أن الفتيات "يرغبن في البيت والأطفال، وفي زوج يأخذ المسئولية على عاتقه؛ ليخلق من هذا البيت مكاناً مريحاً سعيداً" وقد ذُكرت هذه الإحصاءات ونتائجها في كتاب (مشكلات المرأة في البلاد العربية) والغريب أن مؤلفة الكتاب تعارض الفتيات في ذلك!! [8].
[1] لسان العرب مادة (قوم)، والمصباح المنير مادة (قوم).
[2] الموسوعة الفقهية الكويتية: فصل قوامة (34/77).
[3] انظر: شبهات حول الإسلام، محمد قطب (ص:121).
[4] للتوسع راجع: المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، د. محمد سعيد البوطي (ص:98)، وفي ظلال القرآن (2/650)، وشبهات حول الإسلام، محمد قطب (ص:21).
[5] في ظلال القرآن (2/650).
[6] المثل الأعلى لنا هو الرسول ص.
[7] انظر: ماذا عن المرأة؟ د. نور الدين عتر (ص:115).
[8] المرجع السابق نفسه.
|